انتهى العام الذي شهد ولادة الحراك. العام المقبل صفحة جديدة.
لم ينتهِ ملف النفايات، وإن وَجَدت قوى السلطة السياسيّة طريقاً إلى تهريبه. وبالرغم من ذلك لا يبدو أنه كافٍ لشحن الحراك ودفعه.
هناك مهمّات أخرى كثيرة.
استمرار الحراك، الذي يرقى إلى مصاف الحاجة، هو أول تلك المهمّات، ومعها كيف يستمر، والأهم هو الوضوح.
وكما هو بديهي القول أن ليس المطلوب الاستمرار للاستمرار، كذلك بديهي ألا يكون توحّد مكوّنات الحراك بالقوّة هدفاً في ذاته ومعياراً للنجاح أو الفشل.
فالحراك اليوم ليس حراك الأمس. حراك الأمس كان انتفاضة على الفساد والمحاصصة وعربدة القوى السياسية المتحكّمة بالدولة والمجتمع، فيما هو اليوم، في اعتقادي، لحظة إنضاج المواجهة مع تلك القوى ومحاسبتها بهدف إعادة الحقوق للمواطن وإعادة الروح لدوره في السياسة، وبهدف تحرير الدولة من هيمنة تلك القوى وإطلاق ورشة بناء دولة القانون والمؤسّسات.
إذا كانت لحظة الانطلاق جمعت المعترضين وقد اكتفى فيها الحراك بأسباب الاعتراض، فإن الاستمرار يقتضي بلورة كل مكون أهدافه وأساليب عمله. وبناءً على ذلك يقترب أو يبتعد من المكوّنات الأخرى. وبعدما كانت وحدة الحراك هدفاً في ذاته، بات تنوّع مكوّناته امتحاناً وتمريناً ديموقراطيّاً… ومصدراً من مصادر استمراره.
فإذا كان المواطنون اندفعوا إلى الحراك وتأييده وتجاوزوا ذلك في لحظة الانتفاضة على الفساد والفاسدين، فإن ذلك لن يتكرر من دون أن تقدّم مكونات الحراك والحيويّات الأخرى خطاباتها السياسية الواضحة وأساليب عملها.
باختصار: الوحدة لم تعد شرطاً لاستمرار الحراك، إنما الشرط هو تظهير تنوّعه ونضج مكوّناته وخطاباتها ووضوحها.
حسان الزين
التعليقات مغلقة.