حرك “حزب الله” على مستوى الإستحقاق الرئاسي، قبل أن تطوي سنة 2015 صفحتها الأخيرة، فزار وفد برئاسة رئيس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد الصرح البطريركي وأعلن موقفه بإستمرار دعمه وصول الجنرال ميشال عون لسدّة الرئاسة.
يمتلك “حزب الله” حسابات أخرى عند مقاربة الاستحقاق الرئاسي قد تتجاوز كل الحسابات السياسية الضيقة لدوره المؤثر إقليمياً على أكثر من صعيد، وعليه تبدو اهتماماته مختلفة أو ربما في مكان آخر خارج قانون الإنتخابات والحكومة وغيرها على أهميتها.
لذلك، ووفق ما قاله مصدر سياسي بارز لـ “لبنان 24” أنه لم تبلغ إلى مسامع “حزب الله” أي نقاش جدي حول ما يتعلق بشروطه أو مطالبه سوى إستعداد تيار “المستقبل” السير بمرشح من فريقه مع بعض النقاشات التي لا تبدو على قدر طمأنة قيادة “حزب الله” لفترة ستمدد 6 سنوات أو عهد رئاسي كامل.
المفارقة أنّ شروط “حزب الله”، إذا جاز التعبير، لم تتبدل نسبياً منذ إسقاط حكومة سعد الحريري وخروجه المدوّي من السلطة، وهو لن يستطيع العودة إليها إذا ما استمر بإلقائها جانباً. وهذا ما يفسر بعض الأجواء القريبة من الحزب، والتي سرّبت، بأن الأسباب التي أدت إلى خروج سعد الحريري من الحكم لم تنتفِ بعد.
من هنا يجد المصدر السياسي أن مبادرة الحريري تبدو ناقصة أو منقوصة، على رغم حصوله على غطاء سعودي وخلفه أميركي لمبادرته، وشبه موافقة إيرانية على إنفراج سياسي موعود في لبنان.
صحيح أن “حزب الله” يحرص على الإستقرار الداخلي منذ اشتراكه بالقتال داخل الميدان السوري، غير أنه ينظر راهناً بعين الريبة لسيل العقوبات الإقتصادية والتصنيفات الإرهابية، وآخرها أعتباره أنه “عصابة إجرامية”. وليست مصادفة أن أميركا والسعودية تزيدان من ضغوطهما في هذه المرحلة بالتزامن مع سيرهما بإنهاء الفراغ الرئاسي، الذي يعتبر بمثابة محاولة لمحاصرة وتطويق “حزب الله”.
وهذا ما أفرد له السيد حسن نصر الله قسطاً وافراً من خطابه الأخير على أثر اغتيال سمير القنطار، هذا فضلاً عن توجس فعلي عنده من المرحلة المقبلة، خصوصا لجهة استخدام المحكمة الدولية كمطية لتصفية الحسابات مع “حزب الله”. من هنا مطلب الحزب السابق والراهن هو إيقاف تمويل لبنان هذه المحكمة منذ دخول سعد الحريري مكتب باراك أوباما بصفته رئيساً للحكومة وخروجه رئيساً سابقاً.
هذه الشرط يضاف إليه شرطان يتضمنان كل بيانات الحكومات المتعاقبة الالتزام بثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”، كما أن طي صفحة بيان بعبدا وفتح ابواب الحوار الفعلي مع الحكومة السورية هي بمثابة النقاط الأساسية التي تشغل بال قيادة الحزب، والتي تم إبلاغها إلى أقرب الحلفاء، على اعتبار أنها السبيل الوحيد لحماية قيادة الحزب كما بيئته وجمهوره في المرحلة المقبلة، والتي لا تبدو مبادرة الحريري قادرة على تلبيتها أو مجرد البحث فيها، كون سقوفها عالية وتتجاوز الشأن المحلي صوب قرارات مصيرية ما يحتم عملياً بقاء موقف “حزب الله” على حاله، والذي نعاه السيد إبراهيم أمين السيد مؤخراً على باب بكركي بسلسلة أوصاف “الوطني والمعنوي والأخلاقي والنهائي”.
التعليقات مغلقة.