جلسة محاكمة الوزير السابق ميشال سماحة امام محكمة التمييز العسكرية كان محورها بامتياز ميلاد الكفوري، فلا الاسئلة التي طرحتها المحكمة على الشاهدين سكرتيرة سماحة غلادس اسكندر وسائقه فارس بركات، اللّذين استمعت الى افادتيهما على سبيل المعلومات، خلت من سيرة الكفوري، ولا اسئلة محامي الدفاع عنه، التي توغلت اكثر في هذا الاتجاه. وبالنتيجة طلبت المحكمة برئاسة القاضي طوني لطوف ردّ طلب الدفاع الاستماع الى الكفوري “ولو شاهدا”، بعد اعتراض ممثل النيابة لدى المحكمة القاضي شربل ابو سمرا على هذا الطلب. وأرجئت الجلسة الى السابع من نيسان المقبل للاستماع الى مرافعات القاضي ابو سمرا ومحامي الدفاع عن سماحة وختم المحاكمة.
استهلت الجلسة بالاستماع الى افادة اسكندر التي افادت ان الكفوري كان يحضر من مرة الى ثلاث مرات في الشهر الى مكتب سماحة، احيانا بموعد مسبق واحيانا بلا موعد. واضافت ان الكفوري كان يتصل بهاتف سماحة الخليوي ويحول الاتصال الى هاتفي بواسطة خدمة “درايفر” في حال كان “الوزير” مستعملا آلية تحويل الاتصال على رقمي. وأشارت الى ان رقم المتصل يتبين من داتا الاتصالات . كما كان يتصل احيانا على رقمي. وفي كلتا الحالتين كان الكفوري يطلب التكلم مع سماحة.
وعندما ألاحظ الـ “درايفر” ويكون في المكتب أدرك انه لا يريد التحدث مع الكفوري، ويطلب مني القول له بأنه في اجتماع ولا يمكنه التكلم معه. وفي كل الاتصالات التي تلقيتها من الكفوري ووردت على هاتفي لم يتكلم سماحة معه . ولم يترك اي رسالة باستثناء مرة واحدة عندما اتصل به في 20 تموز 2012 وكان الاستاذ في باريس . يومذاك طلب الكفوري محادثته لأمر ضروري فابلغت الاستاذ . وفي اليوم التالي اعاد الكفوري الاتصال واكد على رغبته في التحدث معه، بعدما سألني عن موعد ايابه الى لبنان وأجبته بالنفي . عندها استفسر مني ان كان من وسيلة اخرى للتحدث معه، فأشرت اليه بالاتصال على رقمه الخليوي اللبناني. ولم اعد اتذكر ان كان الكفوري اتصل بي من طريق الدرايفر او مباشرة على خطي.
وسألها القاضي ابو سمرا” هل كان الكفوري يتصرّف براحة او بقلق عندما كان يحضر الى مكتب المتهم سماحة؟ فاجابت “كان يحضر عاديا، وعندما كان يجد في المكتب زائرين ينتظرون رؤية سماحة وعليه ان ينتظره، كان الكفوري يتلبك ويجلس في غرفة لوحده وبناء على طلبه منتظرًا سماحة ساعة او اقل بربع ساعة . وكان يطلب من الاخير عدم مناداته باسمه امام زواره انما باسم وحيد اعتبارا من عام 2014 بخلاف المرات السابقة التي كان يحضر فيها الى المكتب”. ثم تحدثت عن يوم توقيف سماحة في التاسع من تموز 2012 صباحا عندما اتصلت بها ابنته بينما كانت تقود سيارتها وأخبرته بأن مسلّحين في المنزل، فاتصلت بالسائق ايلي صهيون الذي اتصل . وبوصولي امام منزله بدا الوضع وكأنه جبهة لكثرة المسلحين من الامن وتم توقيفي ونقلت الى فرع المعلومات”.
ثم استمعت الهيئة الى افادة فارس بركات سائق سماحة الذي أفاد بأنه لا يتذكر كل افادته امام فرع المعلومات، فيما يتذكر تلك التي ادلى بها بعد شهر امام قاضي التحقيق العسكري مؤكدا مضمونها. واشار الى ان عناصر من فرع المعلومات اوقفوه يوم توقيف سماحة بينما كان على درج منزل الوزير السابق في الجوار عائدًا من مغسل السيارات حيث غسل سيارة سماحة الاودي. وأضاف ردا على اسئلة المحكمة انه دأب على مواكبة سماحة الى سوريا منذ عام 2009 في سيارة ثانية لاختصار المعاملات على الحدود .
وآخر مرة رافقه فيها في السادس من آب 2012 ، نافيا ان يكون الكفوري ذهب معهما الى دمشق، او ان يكون اتصل به يوما على خطه الخليوي، باستثناء مرة واحدة ليل السابع من آب طالبا منه انزال الكيس (الذي كان يحتوي على النقود التي طلبها الكفوري من السوريين بحسب سماحة) من منزل سماحة الى المرأب. وقال “شاهدت الكفوري كذا مرة عند سماحة . ولا يمكنني حصر عدد هذه المرات الا انه منذ 2010 كان يأتي في شكل دائم مرة كل اسبوع او اسبوعين او شهر الى منزل الجوار والمكتب . وقبل ذاك رآيته مرة او مرتين .
بعد ذلك طرح محامي الدفاع صخر الهاشم اسئلته على المتهم: ما الدور والفعل اللّذين قمت بهما في هذه القضية منذ دخول الكفوري عليك لغاية السابع من آب 2012؟
سماحة: الفعل الوحيد الذي قمت به هو نقل المستلزمات (المتفجرات) التي طلبها الكفوري وسلّمني لائحة بها في مغلف في 21 تموز 2012. واليوم يمكن ان اؤكد ان ما كان في المغلف اعدّه فرع المعلومات . وقاطعه رئيس المحكمة طالبا منه الالتزام بالسؤال الذي طرح عليه فحسب. فاجابه سماحة “انا متهم واريد ان اتكلم. نحنا ما عملنا شي. ولا اعرف ماهية (المتفجرات) او محتواها ولا كيفية استعمالها ولا انواعها.
الهاشم: ما الفكرة الاولية التي طرحها الكفوري على الوزير(السابق)؟
سماحة: بدأ الكفوري يطرح عليّ موضوع تزويدي بمعلومات عن موضوع السلاح والمسلحين على الحدود غير الشرعية. ثم طوّر الفكرة الى عمل شيء ما على تلك المعابر غير الشرعية في الجرد.
الهاشم: هل طلب منك الكفوري خدمات في اطار علاقته بالوزير السابق محمد الصفدي؟
سماحة: عام 2011 طلب مني الكفوري ان ازور الصفدي في المستشفي . والاهم من ذلك انه يوم توقيف (المطلوب الفار) شادي المولوي في 12 ايار 2012 طلب مني الكفوري ثلاث مرات ان اتدخل لدى المراجع اللبنانية لأخرج المولوي من السجن.
الهاشم: وكيف عاش المتهم الليلة التي سبقت توقيفه؟
سماحة: نمت في الجوار وليل الثامن من آب 2012 كنت على موعد عشاء مع زوجتي في الرابية، وعدنا الى المنزل في الجوار حيث فاجأتني المداهمة .
الهاشم: يوم الثامن من آب هل هل حاولت الاتصال بالكفوري؟
سماحة: لا . ولا هو اتصل بي.
الهاشم: برأي المتهم لماذا لم تتمّ مداهمته قبل 24 ساعة من تنفيذ المداهمة؟
سماحة: لان فرع المعلومات كان يعد محضرا استلحاقيا وكذلك تصويري. قاطعه من جديد القاضي لطوف مذكرا ان هذا الكلام يدخل في اطار المرافعة. فاجابه سماحة: انا رأيته . فاجابه رئيس المحكمة “هل ما تقوله تقويما؟ فتدخل محامي الدفاع وقال: اقرأ المحضر هو استلحاقي. واضاف سماحة “هذه واقعة . وعقب رئيس المحكمة “ما تقوله تقويما ويدخل في المرافعة سائلا المتهم “هل رأيتهم يصورون؟”. فاجاب سماحة: “حدا تبلغ اني مجرم خطير . ولم يتم التدوين في المحضر انهم هدّدوني ببناتي. وعلّق القاضي لطوف: “تتكلمون عن افلام اكتفى اللبنانيون منها”.
وزاد سماحة “دخلت عناصر الامن من باب المطبخ الذي كان مفتوحًا وسألوا الخادمة عني. وغادروا ليهجموا على مدخل المنزل في شكل همجي وعلى غرفتي انا وزوجتي . شاهدت عددا كبيرا من العسكر بينهم اجانب. وسألني عنصر في الدورية اثناء نقلي الى الفرع عن منزلي في بيروت وعن بناتي . ثم اتصل بالعناصر وطلب منهم اقتحام منزلي ومكتبي في الاشرفية. ان توقيفي لا يحتاج الى اكثر من خمسة عسكريين. كان بينهم مدنيون واجانب حضروا من الاردن. هذا ما علمت به لاحقا . حضروا من عمان قبل يوم من توقيفي ولا استطيع تحديد هوياتهم.
الهاشم: هل سبق ان حدّد الكفوري اهدافا معينة او متفجرات معينة ليحضرها المتهم معه قبل تاريخ 21 تموز 2012؟
سماحة: لم يتكلم الكفوري الا عن الحدود غير الشرعية في جرود عكار . كما لم يتناول اي كلمة او تفصيل عن موضوع المستلزمات(المتفجرات).
الهاشم: عندما تسلمت مفاتيح السيارة من (الضابط السوري) عدنان، هل لفت نظرك الى السير بتؤدة او الانتباه اثناء القيادة او ان المتفجرات كانت معدة للتفجير، او ثمة خطر لهذه المتفجرات؟
سماحة: لا. لم يلفت نظري الى شيء. والجواب موجود في التقرير الفني عن المتفجرات.
الهاشم: ذكر وزير العدل المستقيل اشرف ريفي ان القانون لا يحمي المغفل. اعترض رئيس المحكمة وقال “ما علاقة هذه المحكمة ان قال الوزير او سواه ذلك. فطرح الهاشم سؤاله في اطار ما قيل عن ان القانون لا يحمي المغفل . اين المتهم من هذا القول؟
سماحة: قد يكون القانون لا يحمي المغفل. وقد يكون وقوعي في الفخ انني مغفل، ولكنني أثق بأن القانون يحمي المغفل وانني ضحية استدراج مبرمج ومدرب.
الهاشم: ما دورك في هذه القضية؟
سماحة: ان الكفوري مجرم مستدرِج مدرَّب، عمل لأكثر من اشهر وقد يكون سنوات على كسب ثقتي مستعملا من الجهاز الذي يعمل لديه منذ 2005 وفقا لما صرح به صاحب الجهاز. ان الكفوري اداة مخابراتية اوقعتني، وأرادت من خلالي ان أكون منصة للنيل من سوريا ونظامها ومسؤوليها.
وسألته وكيلته المحامية رنا عازوري: “كيف يمكن للمتهم اثبات بانه لم يكن من كلام عن اهداف محددة قبل السابع من اب 2012؟.
سماحة:” في اول لقاء مع الكفوري بادر الاخير بالقول “جماعتي بدن اهداف محددة”.واعاد هذا الكلام خمس مرات على مسمعي.لم اتجاوب معه.وكلامي مدون في محضر التحقيق الاولي.وهذا يعني لم يكن من كلام عن اهداف محددة قبل ذلك التاريخ وحتى اخر لقاء لم يتم تحديدها وهو كان يسجل ما نقول.
عازوري:” هل طلب منك الكفوري تزويده بلائحة مستلزمات قبل 21 تموز 2012؟”.
سماحة:” لم يأت الكفوري على ذكرها. ولم اطلب منه .وتأكيدا على كلامي لم يقل لي عندما سلمني اللائحة بالمستلزمات”هذه هي اللائحة التي انت طلبتها لانه كان يسجل ما اتبادله معه من كلام”،مؤكدا ان الهدف من تفجير الالغام ردع المسلحين عبر المعابر غير الشرعية من خلال ضربة رادعة ليتضعضعوا ويكفوا عن العبور عليها على ان ينفذ ذلك ثلاثة اشخاص هو يقول انهم غير محترفين يمكنهم وضع كميات (المتفجرات) في الجرد ولا يمكنهم الاشتباك مع احد .وورد في التسجيل ان هؤلاء سيمتنعون عن كل اشتباك او اصطدام مع المسلحين وبالتالي في ذهني وقناعتي لا توجد امكانية ان يتم التلغيم لدى مرور مسلحين.
عازوري:” لماذا لم يعترف الكفوري على ما اثاره عن مفتي عكار وافطارات؟.
سماحة:” لم يطرح الكفوري حديثا جديا الا على موضوع المعابر الحدودية غير الشرعية.واقحم الكفوري مسألة الافطارات والمفتي .ولم اعترض لانن كنت اعرف انه “يخبص” وكلامه”بهورة” لان الافطارات تحتاج الى منظومة محترفة من عشرة اشخاص والكفوري معترف بعدم وجود محترفين لديه .واضاف:” انا مقتنع بأمر واحد عبر الحدود حتى لا يتحول لبنان الى ما تحول اليه اليوم .واؤكد على قناعتي ان اقصى ما يمكن للكفوري ان يفعله هو تفجير بعض الالغام في معابر جردية .ولم تكن لدي اي نية وفي اي وقت ان اطلب منه او اجاريه في غير ذلك.ودوري توقف عند المستلزمات .ولم يكن لي اي دور .لا تحضير ولا تخطيط ولا في التنفيذ.انحصر دوري في نقل المتفجرات .
وطلب الهاشم دعوة الكفوري وخبير فني في المتفجرات ومنظمي محاضر التحقيق الاولي مع سماحة فردت المحكمة جميع طلبات الدفاع معتبرة في قرار معلل ان الكفوري لا يمكن سماعه لانه مخبر سرس بالاستناد الى كتاب النائب العام التمييزي في هذا الصدد وعملا بالمادة 257 من قانون اصول المحاكمات الجزائية.ورفعت الجلسة الى السابع من نيسان المقبل للمرافعات.
التعليقات مغلقة.