تمتعت المملكة العربية السعودية، ومنذ زمن طويل، بحضور سياسي، واجتماعي، واقتصادي، ومالي، كان على مر السنين، عامل خير على لبنان واللبنانيين.
وكانت للرياض علاقات ودّ وصداقة مع معظم الزعماء، ورؤساء الجمهورية، ورؤساء الحكومات، والنواب، والجمعيات الأهلية والدينية من مختلف الطوائف.
صحيح ان هذه العلاقة مرت بمطبات، سببها في معظم الأحيان، الخلافات بين المملكة وعواصم عربية، ارتفعت وتيرتها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والنزاعات حول اليمن، والتيار العروبي الذي قاده عبد الناصر، مقابل الحلف الاسلامي، الذي قادته الرياض، وأدت هذه الخلافات، الى صراع سياسي في لبنان، بين مؤيد للعروبة، ومناصر للتوجهات الاسلامية.
ولم تصل هذه النزاعات الى الحد الذي وصلت اليه اليوم، حيث بات الوضع الأمني، والمالي والاقتصادي اللبناني، مهددا بسبب موقف السعودية من “حزب الله”، نتيجة البعد بين الجهتين في مقاربة المشكلات التي أفرزها تعاظم النفوذ الإيراني في المنطقة، بعد قيام الجمهورية الاسلامية في طهران.
ورأت مصادر سياسية ان الوجود السوري في لبنان، وبموافقة السعودية، كان عاملاً مهمًا في حلّ الخلافات في وجهات النظر بين النظام اللبناني، والرياض، مشيرة الى ان التعقيدات والازمات ظهرت مع انحسار الدور السوري، بسبب ما تشهده بلاد الشام من نزاع داخلي، ودولي، وإقليمي والثورة المسلحة التي تقودها اطياف المعارضة ضد نظام البعث، وعائلة بيت الأسد.
وتقول المعلومات ان الضغط الأميركي على السعودية في ما خَص لبنان حصل والرسالة الأميركية واضحة: لا مساس للاستقرار الأمني والسياسي في لبنان.
وناقش الفرنسيون هذا السقف ايضا مع كبار المسؤولين السعوديين، وبالتحديد مع ولي العهد الامير محمد بن نايف خلال زيارته الاخيرة لباريس، وخلصوا الى الاستمرار في تصنيع السلاح للجيش اللبناني، المتفق عليه ضمن هبة الثلاث مليارات دولار، على ان يرسل الى الجيش السعودي، ويبقى هناك الى حين تحقيق أمرين: الاول انتخاب الرئيس الجديد الذي يفترض الاّ يكون ضد السعودية والثاني “انتظام” السياسة الخارجية اللبنانية “وتوازنها”، بعد الذي حصل مع وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، في مؤتمري القاهرة وجدّة.
وتعتقد المصادر بان لا إجراءات إضافية في حق لبنان بل التركيز على “حزب الله” وكل من يناصره، وما حصل مع قرار مقاطعة وسائل الاعلام المتعاونة مع الحزب هو البداية.
كما انه لا توجد معطيات تشير الى استمرار العقوبات الشاملة، بل كل ما توافر محصور بالحزب وجماعته.
ولا شك ان أي تطور إيجابي في المحادثات حول اليمن التي تتم على ما يبدو تحت الطاولة تساعد في التخفيف تدريجيا من التشنج على الساحة اللبنانية، في ظل وجود معلومات تؤكد مشاركة “حزب الله” في العمليات العسكرية هناك، وكذلك الامر في ما خَص الوضع في سوريا.
ويرشح من المعطيات ان المملكة العربية السعودية لم تعد في وارد دفع أموال في لبنان، الا في الحد الأدنى، واستعملت موضوع “حزب الله” “شحمة على فطيرة”، حتى تبرر القرار الداخلي بوقف الدفع.
وتخلص المصادر الى ان الموضوع في النهاية مرتبط بالنزاع السعودي الإيراني، وأي انفراج فيه يترك ايجابيات على لبنان، وأي سلبيات حتما ستضر فيه.
التعليقات مغلقة.