منذ سنوات، يحكى عن تمايز ينتهجه حزب “الكتائب” عن بقية احزاب قوى 14 آذار – المتمايزة بدورها أيضا عن بعضها البعض – لم يبق إستحقاق أساسي أو ثانوي إلا ومارس “الكتائب” فيه تمايزه، الذي إعتبر أنه يحفظ له “إستقلالية” و”خصوصية”هو بأمس الحاجة إليهما، وإن حرص في الوقت عينه على كسر تحالفه العريض.
مع وصول النائب سامي الجميل إلى رئاسة الحزب، بدأ هذا الهامش يضيق شيئا فشيئا، توازياً مع ملامسة هذا التمايز مستويات قياسية وغير مسبوقة.
وبات من “الظلم” في مكان ما الحديث عن مجرد تمايز، طالما أن الإختلاف بات يشمل كل شيء، الثوابت قبل التفاصيل. إختلاف حزب “الكتائب” لم يكن وليد ساعة ولا يمكن إختصاره بمحطة وحيدة، خصوصا انه منذ إعلان “ثورة الأرز” إعتبر أن هذا الإعلان يعنيه بالدرجة الأولى، يومها ذهب “الكتائب” في الحد الاقصى على كل الأصعدة، الإستحقاق الرئاسي، الحوار، الحكومة، وصولا اليوم إلى ذكرى 14 آذار.
“لا معلق ولا مطلق” بهذه العبارة تلخص مصادر سياسية مطلعة داخل قوى 14 آذار لـ”المدن” واقع حزب “الكتائب”، الامر ليس جديدا، وتؤكد مصادر “المدن”، ان التمايز الكتائبي عمره سنوات، ولكنه مع ترؤس النائب سامي الجميل للحزب، تجاوز كل الحدود التي كانت مرسومة سابقا. هو بات يشمل تقريباً كل شيء، وبات للحزب مقاربته الخاصة لكل القضايا.
وتقول المصادر، أن الحلفاء يذهبون إلى حد تقديس إتفاق الطائف بينما الكتائب تحمل شعار ”تطوير النظام” كتعبير ملطف ل”تغيير النظام” الذي يعتمده فريق ١٤ آذار.
وإلى هذه الإختلافات في الإستراتيجيا، تضاف الإختلافات التكتيكية، فعلى سبيل المثال العودة إلى تشريع الضرورة الذي قوبل بالرفض القاطع من الكتائب الذي يعتبره بدعة في ظل الشغور الرئاسي. يضاف إلى ذلك، الموجة الإعتراضية التي أشعلها حزب الكتائب بعد التقارب العوني القواتي، فهو لم ينظر إلى هذا التقارب إلا بعين الريبة، رغم أنه من أكثر الأحزاب إنفتاحاً خصوصاً على خصومه في السياسة.
ويؤكد النائب فادي الهبر ل”المدن” أن حزب الكتائب هو المؤسس الحقيقي والأول لقوى 14 آذار، مشيرا الى أنه مهما زادت حدة الإختلافات والتناقضات بالمواقف فهذا لن يمنعه من إستكمال مسيرته النضالية من أجل الوصول إلى أهدافه الاساسية عبر بناء دولة حرة ومتمايزة، لافتا أن لا شك بأن الكتائب معروف بإستقلاليته ومشاريعه الخاصة التي قد تكون مغايرة عند البعض داخل 14 آذار، وفي السياق جاءت دعوة النائب نديم الجميل لوقفة تضامنية في ذكرى 14 آذار لإعادة التذكير بكافة الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن.
من جهة أخرى يرفض النائب إيلي الماروني الحديث عن أي تمايز للكتائب عن حلفائه في ١٤ آذار، ويؤكد ل”المدن” أنه منذ العام 2005 حتى اليوم كتب وقيل الكثير عن تمايز الكتائب في مسائل عديدة ولكن هذا الأمر غير صحيح وإنما ما يحصل فعلياً هو عدم الرضا عن بعض القرارات والتوجهات لدى بعض الأفرقاء ولكن هذا لا يشكك في أن الخط السياسي ل14 آذار هو الخط السياسي للكتائب، مؤكدا أن ما يجمع الكتائب ب14 آذار هو الدماء المشتركة وقضية الدولة، مشيرا أنهم قد يختلفوا حول الآلية والاسلوب لكن هذا لا يعني أنه متمايزون على صعيد المبادئ والثوابت.
في الأيام الأخيرة اختار الكتائب أن يكون في ملف النفايات أقرب إلى الناس. وقبلها اختار أن بكون في ملف العلاقة مع السعودية أقرب إلى تسليف حزب الله، حتى وإن استفز ذلك المملكة، والرئيس سعد الحريري الذي احتضن الجميل في ذكرى 14 شباط.
وتشير مصادر مطلعة لـ”المدن” إلى أن حزب الكتائب له خصوصية تميزه عن كافة الأحزاب السياسية اللبنانية، فكل المواقف التي إتخذها والتي يعتبرها البعض مغايرة عن مواقف 14 آذار هي من حقه، كما تؤكد المصادر أنه من غير المجدي وضع اللوم على حزب الكتائب في ظل الممارسات التي تقوم بها بعض القوى داخل قوى 14 آذار. فالأكيد أن من أيد ترشيح عون للرئاسة ومن دعم فرنجية رئاسيا هو من يتمايز عن المشروع الحقيقي لقوى 14 آذار.
نادين مهروسة
التعليقات مغلقة.