ساهم تأجيل جلسة الحوار الوطني أمس بإرجاء موعد المواجهة التي كانت مرتقبة تحت عنوان تفعيل العمل التشريعي في مجلس النواب، وأرجأت بالتالي قرار “التيار الوطني الحر” بالنزول إلى الشارع للضغط باتجاه إدراج قانون الإنتخاب كبند أول على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.
لكن إدراج هذا القانون ليس مشكلة بحدّ ذاته، إنما المشكلة تتمثّل في عدم وجود توافق سياسي على عناوينه الرئيسية، وبالتالي فإن تقرير لجنة التواصل النيابية قد تضمّن خلاصة نقاط الخلاف والتوافق حول الصيغة الأبرز، وهي النظامين النسبي والأكثري.
وفي هذا المجال، يكشف وزير الداخلية السابق زياد بارود، أن الخلاف حول القانون الأمثل ليس تقنياً بل سياسي مئة في المئة، لأن الأفرقاء السياسيين ينطلقون من الحكم على نتائجه السياسية وليس على النظام الذي سيعتمده.
وأوضح أن قانون الإنتخاب قد تحوّل إلى رهينة الإتفاق السياسي المتعذّر حالياً حول الإستحقاق الرئاسي، ومادة تجاذب سياسي وكباش في المؤسّسات، وربما في الشارع.
واعتبر أن النزول إلى الشارع للضغط نحو إقرار قانون إنتخابي جديد، هو حق مكرّس في الدستور، ويمثّل شكلاً من أشكال الممارسة الديمقراطية، ولكن شرط أن لا يخرج هذا الحراك عن الإطار السلمي.
وإذ شدّد بارود على عدم وجود أية مخاوف تحيط بهذا الخيار انطلاقاً من التجارب السابقة ل”التيار الوطني الحر” في هذا المجال، أكد أن المسؤولية عن تعطيل المؤسّسات الرسمية اليوم باتت مشتركة بين كل القوى السياسية، ولذلك يجب الإشارة بشكل محدّد إلى مكامن الخلل، وليس بصورة عامة تمهيداً لإطلاق عملية محاسبة فعلية منتجة.
ولاحظ أن كل مؤسّسات الدولة معطّلة، ومجلس النواب عاجز عن التشريع إلا بالضرورة، وهو مفهوم عجيب دخل حديثاً على الثقافة الدستورية اللبنانية، فيما نشأت مؤسّسات رديفة عن الحكومة والبرلمان مثل الحوار الوطني.
وإزاء هذا الواقع المتردّي، يبدو من الصعب انتقاد خيار الشارع، علماً أن الحراك المدني الذي شهدته الساحة الداخلية منذ مدة، انطلق من الرغبة في المحاسبة، وبهدف فضح الفساد والضغط على المؤسّسات الدستورية لتمارس مهامها.
وقال الوزير بارود، أنه بصرف النظر عن ارتباط حراك الشارع بأزمة النفايات، فإن جوهر هذه الأزمة سياسي كونه مرتبط بالتقصير الرسمي، ويفضح أزمة عجزت الطبقة السياسية عن حلّها منذ سنوات.
وكشف في هذا الإطار، أن المدخل الأساسي للخروج من الأزمة، هو في إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون إنتخابي مختلط يعتمد على النظامين الأكثري والنسبي، لافتاً إلى أن انجاز الإنتخابات البلدية يستوجب الدعوة الفورية إلى الإنتخابات النيابية، كونه سيسقط كل الذرائع لاستمرار التمديد للمجلس النيابي، أو لتأخير الإنتخابات إلى العام 2017.
التعليقات مغلقة.