التعطيل اللبناني غير مسبوق.بمؤسساته وعدد المنخرطين فيه وتباين حساباتهم وصفقاتهم.تطغى التحالفات على المهل القانونية .يتم وضع القوانين والمشاريع واصدار القرارات وفق الغايات السياسية.يطول الشغور كما في ملف الرئاسة الاولى.يشل العمل كما في مجلس النواب.تتجاوز الطبقة السياسية كل الخطوط الحمراء عابثة بمصالح الناس حتى أبسطها واعدلها.
منذ أيام صدر عن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أربعة قرارات تدعو الهيئات الناخبة للانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع وبعلبك في 8 أيار المقبل وفي محافظة جبل لبنان في 15 منه.
عقب الوزير المشنوق على هذه القرارات بأنه وعد ووفى وأن “الانتخابات البلدية والاختيارية ستكون في زمانها ومكانها”.
ساند هذه الثقة المطلقة تأكيد وزير المالي علي حسن خليل صرف الاعتمادات المطلوبة (31مليار ل.ل)لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية وانتخابات جزين النيابية الفرعية.
دبت إثر ذلك حركة غير عادية في القرى اللبنانية،الصغيرة منها والكبيرة.واقع البلديات والمخاتير والمجالس الإختيارية مغاير عن ظروف العديد المؤسسات.هي تعني بشكل المواطن بشكل مباشر،كما انها فرصة الطامحين الى موقع ما في زمن انسداد الأفق السياسي نيابيا كان او حتى وزاريا.
لكن من السذاجة التسليم بأن انجاز الدوائر المعنية بلوائح الشطب أعمالها بشكل كامل وجهوزية قوى الأمن للقيام بمهماتها والحركة النشطة التي بدأت تظهر تحضيرا للإستحقاق الموعود الذي جرى اخر مرة بتاريخ 23 أيار 2010 كافية للجزم بحصول الاستحقاق في موعده.او ان هذه الانتخابات باتت قاب قوسين او ادنى من اجرائها.ما يحدث تحت الطاولة مغاير لما يوضع على سطحها.
الملف الرئاسي كان سببا لخلط الأوراق بين فريقي 8 و14 أذار.
عاد الرئيس الحريري الى لبنان .الانتخابات البلدية فرصته السانحة ليثبت أنه ما زال الزعيم الأول في الشارع السني اللبناني.عقد لقاءات كثيرة في المناطق السنية لمد الجسور والتوافق والتمهيد لإجراء الاستحقاق البلدي.لكن ظهور الرئيس الحريري بمظهر صانع الحلول لا يبدو كافيا.
يحتاج تيار المستقبل لطاقات عملانية كبيرة لتسيير الماكينة الانتخابية المعروفة بقوتها التقليدية.التطورات التي طرأت على المزاج السني في سنواب غياب الحريري ليست قليلة.النفوذ السابق للتيار الأزرق في مجريات العمليات الانتخابية من حيث التأثير المالي واللوجيستي قد يكون تراجع مما قد ينعكس سلبا على ضمانات المستقبل في الحصول على ما يريده من هذا الاستحقاق.
المصالحة المسيحية المسيحية (عون _جعجع) ستترك انعكاساتها ايضا.
“التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” مستعجلان لإجراء الانتخابات البلدية.ثمة توجه للشروع بتنفيذ تفاهم مسيحي عريض يبدأ بالانتخابات البلدية فالنيابية فالرئاسية.تكريس التحالف في الانتخابات البلدية سيجعلهما يتقاسمان معظم القرى والبلديات ذات الغالبية المسيحية.
الثنائي الشيعي “حركة أمل” و “حزب الله”،ليس متفرغا لعملية لا قيمة لها في ميزان التوازنات السياسية حاليا.الحزب منشغل مع قواعده وكوادره بمهمات امنية وعسكرية اقليمية مصيرية.سيما في سوريا حيث ترسم خطوط التسوية.
رئيس “اللقاء الديمقراطي”النائب وليد جنبلاط يفضل تأجيل الانتخابات البلدية حتى خلط الأوراق مجددا.رغم ان الانتخابات البلدية هي معركة انماء وعائلات قبل ان تكون سياسية الا انه ليس خفيا على أحد ان القرى المسيحية في الشوف وعالية وبعبدا خاضت انتخابات 2010 ببصمة سياسية واضحة.وجود ثنائية مسيحية أنذاك أتاحت ل بيك المختارة التحكم ببعض مفاصل اللعبة وهذا الامر قد يبدو اكثر صعوبة اثر التحالفات المسيحية الجديدة.
ان شروط التقدم نحو الانتخابات الرلدية ليست متاحة الان.رغم الاستعداد الجدي المعلن ،لا ضمانات لأي طرف او فريق بأن يحصل على ما يريده.المجاهرة بضرورة إجراء الاستحقاق في موعده مطلوب لحين ايجاد مخرج وغطاء.الغطاء والذريعة حاجة ماسة في ظروف كهذه.يكفي اطلاق العملية ولو تعذرت النتائج.
لو تعذرت النتائج
ماذا ستقدم القوى السياسية من ذرائع وحجج سيما أن التمديد للمجالس البلدية ليس سهلا.يحتاج الى قانون في المجلس النيابي.فهل المجلس جاهز لإقرار مثل هذا القانون.؟
أذا ما تقرر التمديد على اي اساس سيتم ذلك؟لولاية سنة ام ثلاثة ام ولاية كاملة؟ماذا عن البلديات التي اعتمد فيها مبدأ المداورة في الرياسة ونيابتها مناصفة ؟
شد العصب العائلي أقوى في العديد من البلدات.اذا ما اتخذ قرار التمديد فإن ذلك يعني حدوث توتر وزيادة الشرخ داخل البلدات بين عائلاتها وقواها السياسية.
على امل الا تكون همروجة الانتخابات البلدية ملهاة نسيان نيسانية يكذبها أيار ويبردها اعتيادنا خيبات العبور الى دولة طبيعية .دولة مؤسسات تنهمك بتحقيق التقدم وتوفير فرص العمل وفرصة المشاركة لأبنائها.تبقى الأجوبة برسم القادم من الأيام”فالمي تكذب الغطاس”.
التعليقات مغلقة.