الهيئات الاقتصادية نحو الإضراب و العصيان

تعقد الهيئات الاقتصادية في لبنان الثلاثاء اجتماعاً “حاسماً” لجهة الخطوات أو القرارات التي ستتخذها لمواجهة التدهور الاقتصادي الذي لامس حدود الانهيار الشامل، وبات يهدد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع من دون استثناء، على حد تعبيرها.

وأكد رئيس “اتحاد الغرف اللبنانية” رئيس “غرفة بيروت وجبل لبنان” محمد شقير لـ”الحياة” أن “الهيئات ستتخذ خلال الاجتماع قرارات تهز ضمائر السياسيين، وتحضهم على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تعيد ثقة الخارج بلبنان، خصوصاً أن البلد وصل إلى نهاية النفق المؤدي إلى الهاوية”.

وأضاف أن “هناك إجماعاً في الهيئات على أن المناشدات والتحذيرات التي كنا نطلقها، ومنها اجتماع حزيران 2015 في البيال، لم تعد تنفع اليوم، فالوضع في تدهور مخيف منذ بداية 2016، وتجاوزنا مرحلة التحذير وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من انهيار اقتصادي شامل، ولذلك طلبنا من رئيس كل هيئة تقديم اقتراحات وخطوات عملانية يمكن أن تساهم في تغيير الأوضاع المتردية”.

وتابع: “أنا شخصياً سأقترح على الهيئات تنفيذ إضراب تحذيري شامل ليومين أو ثلاثة أيام وصولاً إلى تنفيذ عصيان مدني، على أمل أن تحرّك هذه الخطوة شيئاً لدى السياسيين وتدفعهم إلى تحمّل مسؤولياتهم، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية”. لكنه أكد أن “قرار الاضراب أو العصيان ليس محسوماً، بانتظار الاجتماع الذي سيخرج بقرار موحّد تدعمه كل الهيئات، لكن المحسوم أن قراراً ما سيُتخذ”.

ويأتي اجتماع الهيئات بعد التراجع الخطير وغير المسبوق في معظم القطاعات نتيجة عوامل عديدة أبرزها الأزمة السياسية المتمثلة بالفراغ الرئاسي منذ أكثر من عامين، والشلل الحكومي، إلى جانب الحرب في سورية. وفي هذا السياق، زاد عجز الموازنة في النصف الأول من العام الحالي 30 في المئة نتيجة زيادة نفقات الوزارات، وارتفع الدين العام إلى نحو 72 بليون دولار ويُتوقع أن يصل إلى 75 بليوناً نهاية العام الحالي، أي نحو 149 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تراجعت حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتراجعت الصادرات بنحو 30 في المئة بسبب إقفال الحدود البرية بين الأردن وسوريا.

ويدفع القطاع السياحي الفاتورة الأكبر للأزمة السياسية، إذ تراجع الانفاق السياحي 65 في المئة من نحو 8.2 بليون دولار عام 2010، الذي يُعدّ من أفضل الأعوام السياحية، إلى 3.5 بليون دولار عام 2015. وطاولت الأزمة القطاع العقاري، إذ سُجّل ركود في معظم المناطق اللبنانية، بينما تراجعت أسعار الشقق في العاصمة بيروت بنحو 20 في المئة.

ولا يبدو أن تحويلات المغتربين، التي تُعتبر من أبرز ركائز الاقتصاد اللبناني، ستكون بمنأى عن التراجع، إذ يتوقع أن تتراجع من 7.2 بليون دولار عام 2015 إلى أقل من 7 بلايين خلال العام الحالي. أما القطاع الوحيد الصامد حتى اليوم فهو القطاع المصرفي، الذي يُتوقع أن ينمو بنحو 6 في المئة خلال العام الحالي، ويحافظ على معدل نمو تسليفاته البالغ نحو 4.9 في المئة.

وشدد شقير على أن “السكوت عن الوضع الحالي بات جريمة لا تُغتفر، ونحن نحذر منذ 5 سنوات من تدهور الوضع الاقتصادي، وحملنا هذا الملف بدلاً من الحكومة وسعينا إلى جذب الاستثمارات وطمأنة كل الدول بأن مستقبل لبنان واعد، لكن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى انهيار شامل”.

وأضاف: “مطالبنا ليست تعجيزية أو مستحيلة، كل ما نطالب به هو انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تعيد الحرارة إلى العلاقات مع دول الخليج، التي هي أساس الاقتصاد اللبناني، فاستثماراتنا وسياحتنا تعتمد بنسبة كبيرة على الخليجيين”.

وأكد رئيس “اتحاد رجال أعمال المتوسط” جاك صرّاف لـ”الحياة” أن “العنوان الكبير اليوم يتلخّص بأن الوضع الحالي لم يعد يطاق بتاتاً، ولا نستطيع أن نجلس مكتوفي الأيدي أمام الإفلاس السياسي الذي ضرب لبنان في ظل تخلّي معظم السياسيين عن مسؤولياتهم وتسبّبهم بهدم ما تبقى من اقتصاد”.

ورداً على سؤال عن الفارق بين تحرّك الثلثاء واجتماع حزيران (يونيو) 2015 في “البيال”، قال صراف: “في اجتماع البيال كان مطلبنا انتخاب رئيس للجمهورية ولم ننجح، لكن اجتماعنا الثلثاء سينتج منه قرار فعلي ولن نكتفي بموقف إعلامي أو بإطلاق صرخة، فهذه الوسائل لم تعد تُجدي نفعاً”، كاشفاً أن “هناك العديد من الأفكار المطروحة، منها العصيان المدني أو إقفال مؤسساتنا، فالدولة لا يمكن ان تستمر من دون مؤسسات وهيئات اقتصادية”.

التعليقات مغلقة.