حاكم الليونز : أزمة النفايات هي نتاج وفساد السلطة

من البيئة إلى الليونز، مسيرة عصامية معمدة بالسهر والتعب، من البيئة كعلمٍ وقضية وطنية وكونية يوم استشرف ما نواجه الآن وما سنواجه غدا قبل عشرين عاما، إلى حاكم جمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)، محلقا في فضاءينِ يختزلان قضية الإنسان ومستقبله وكرامته، فكما البيئة لا تعترف بحدود جغرافية، كذلك الليونز المؤسسة الإنسانية الدولية الأعرق، عبرت حدود الدول لتوحِّدَ العالمَ على قيم العدالة والخير والمساواة.

هذه باختصار بعض عناوين في مسيرة الليون فادي غانم البيئي والليونزي والتربوي ورجل الأعمال، نلتقيه في حوار يحمل نبض اللحظة وإيقاع الوجع اليومي في ما نواجه من أزمات.

في البداية، كيف واءم فادي غانم بين “جمعية غدي” وحاكمية أندية الليونز الدولية؟

فادي غانم: لا تعارض بين البيئة والليونز، فهما يمثلان مسارا واحدا وإن اختلفت عناوينهما، طالما أنهما يتطلعان إلى مستقبل الإنسان ورفاه المجتمع، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يتبنى الرئيس الدولي لجمعيتنا الليونزية، في الاحتفال بالمئوية الأولى البيئة كقضية وهدف إلى جانب : الشباب، البصر والفقر، خصوصا وأن البيئة باتت مرتبطة بنوعية الحياة التي يعيشها الإنسان، فعلى سبيل المثال تشير تقديرات تقرير صادر حديثا عن “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” إلى أن تلوث الهواء سوف يتسبب بما بين 6 إلى 9 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا بحلول عام 2060، مقارنة بنحو بثلاثة ملايين في العام 2010، وهذا ما يعادل وفاة شخص واحد كل 4 إلى 5 ثوان. وهناك أمثلة كثيرة عن كوارث متوقعة لجهة اختفاء بعض الدول الجزرية وتضرر قطاع الزراعة مع ما نشهد من موجات جفاف وأعاصير… الخ.

كانت أولى إطلالتكم كحاكم لأندية الليونز تفقد مخيمات النازحين في الأردن، في أي سياق جاءت هذه المبادرة الليونزية؟

فادي غانم: جاءت انسجاما مع تطلعات الجمعية الدولية لأندية الليونز، ومع تطلعات منطقتنا الليونزية 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)، وكان لا بد من تفقد مخيمات النازحين على الحدود الأردنية – السورية، وكانت مناسبة اطلعت من خلالها على الأوضاع والظروف الصعبة التي تواجه النازحين السوريين، واستطلعت حاجاتهم وما يعانون نتيجة الابتعاد القسري عن بيوتهم وأرزاقهم بسبب الحرب والتهجير، وقمنا كوفد ليونزي بتقديم مساعدات عينية عبارة عن “أكياس نوم” sleeping bags وثياب وغيرها، وهذا من ضمن جولات سنبادر إليها لاحقا، وستشمل مخميات النازحين في المنطقة، كما سنقوم بجولة في مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان وتقديم المساعدات للنازحين وعائلاتهم من هبات الأندية ومن “منظمة أندية الليونز الدولية” LCIF Lions Clubs International Foundation، وهناويهمني أن أعلن عن تنظيم عرس بيئي في لبنان في 22 و 23 آذار 2017، وعن تنظيم مسابقة بيئية، انسجاما مع تطلعاتنا الدائمة لبيئة سليمة، وللبيئة كقضية كونية، كما سبق وأسلفت، وسنبدأ التحضير لإعداد اجمل عمل بيئي، بعد أن نعممَ تفاصيل حول شروط هذه المسابقة، بمشاركة الأندية كافة في منطقتنا الليونزية، هذا أول الغيث، وثمة العديد من المشاريع والأنشطة سنعلن عنها تباعا خلال هذه السنة الليونزية.

كيف تلخص ما آلت إليه أزمة النفايات، خصوصا وكنتم أول من حذر من هذه الأزمة قبل إقفال مطمر الناعمة بسنة أو أكثر؟

فادي غانم: باختصار شديد، إن أزمة النفايات هي نتاج سوء الإدارة وفساد السلطة السياسية، فالأزمة أكبر من وزارة البيئة التي هي الحلقة الأضعف في هذا المجال، الأزمة تبقى متمثلة في وجود طبقة سياسية تريد الاستئثار بثروات البلد ونهب خيراته وتمرير صفقاتها، للأسف معظم القوى السياسية تريد التوظيف والاستثمار في النفايات، وما ردم البحر إلا خطة لتقاسم الأرض الناجمة عن الردم، وللأسف لم نجد دولة في العالم ردمت شواطئها لصالح المطامر.

وما هو الحل؟

فادي غانم: هناك عدة حلول وليس حلا واحدا، ولكن يبقى المدخل الأساس لأي حل أن يرفع السياسيون أيديهم عن هذا الملف، وتالياً تعزيز اللامركزية الإدارية لتكون البلديات واتحادات البلديات قادرة على رسم وتحديد خطط ومشاريع تمكنها من إنشاء معامل فرز ومعالجة، وهذا يتطلب الإفراج عن أموال البلديات وتعزيز مفهوم اللامركزية مع التشديد في الرقابة المالية والإدارية، وبذلك لا تعود قضية النفايات “كعكة” يحاول السياسيون تقاسمها، فضلا عن أن إنشاء معامل فرز يتيح للبلديات استرجاع المواد القابلة لإعادة التدوير وتسبيخ النفايات العضوية وفق معايير علمية لانتاج السماد، وبذلك تصبح الكميات المفترض طمرها قليلة ولا تشكل مشكلة بيئية وصحية على غرار ما شهدنا في منطقة الناعمة عين درافيل.

وهل يمكن أن يتحقق ذلك؟

فادي غانم: لن أخوض في تفاصيل ما هو قائم الآن في قضاء المتن، لكن أعود وأؤكد أن الفساد على مستوى السلطة مستشرٍ، وشكل العائق منذ سنوات طويلة دون تأمين حلول مستدامة لمشكلة النفايات، وأؤكد أن كل الحلول المطروحة ستجلب للبنان كوارث، خصوصا على مستوى الصحة، وارتفاع فاتورة الاستشفاء مع ما ينجم عن المعالجات المجتزأة في خطة الحكومة من أمراض خطيرة، ولا يمكن أن نتجنب الكوارث المتوقعة إلا بمعالجة ملف النفايات عبر الإدارة المتكاملة، أي الفرز من المصدر، التخفيف، التدوير والتسبيخ، وإلا سنبقى محاصرين بالموت، مع حرق النفايات على الطرقات ومداخل البلدات، مع ما يترتب على ذلك من كلفة صحية ناجمة عن التلوث، خصوصا واننا على أبواب عام دراسي جديد، وأبناؤنا مهددون بصحتهم.

التعليقات مغلقة.