من ينصح بو صعب في تأجيل العام الدراسي

فاجأ وزير التربية الياس بو صعب معظم أعضاء الإدارة التربوية بتأجيل بداية العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية. هنا في وزارة التربية، لم يعد كبار الموظفين يعرفون من أين تنبع قرارات وزيرهم ومن ينصحه بها.

تهبط هذه القرارات على المؤثرين في القرار التربوي تماماً كما عموم الناس، فلا قيمة لاقتراحاتهم وتوصياتهم. يبدو مريباً أن يُقرّ هؤلاء بأنهم “متل الأطرش بالزفة وأنّ هناك ضغط كبير وما عم منسترجي نحكي”، ما يعزز انطباعاً يترسخ عن تهميش الإدارة التربوية الفعلية لمصلحة إدارة رديفة مكونة من الحلقة الضيقة لفريق عمل الوزير.

أمس، لم يكن في حوزة الموظفين الإداريين أجوبة كثيرة لمراجعات المواطنين وأسئلة التربويين عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء القرار. هل التخبّط الذي يسود المشهد التربوي اليوم هو مجرد ارتباكات إدارية روتينية سببها عدم التحضير المسبق والكافي لانطلاقة عام دراسي سليم، أم أنّ الأمر يتعلق بحسابات سياسية وطائفية وتنفيعية باتت تحكم الدراسات التي تجريها وزارة التربية لتقدير الحاجات إلى أساتذة في ملاكاتها؟

تشير معلومات إلى أن توزيع الأساتذة على الثانويات أظهر أن هناك خللاً في أعداد المقبولين هذا العام في مباراة مجلس الخدمة المدنية (إدخال 2169 أستاذاً جديداً)، أي إن هناك فائضاً عن الحاجة في بعض المواد ونقصاً في مواد أخرى. وما جعل المسألة أكثر تعقيداً إصرار بعض المديرين المحميين على التمسك ببعض المتعاقدين الراسبين في المباراة من جهة، وإعطاء بو صعب توجيهاته بالسماح للمتعاقدين الذين تجاوزوا السن القانونية للمباراة بالاحتفاظ بساعات تعاقدهم من جهة ثانية.

في الواقع، لا ينتظر الناجحون المقبولون في المباراة “التعاقد المسخ” كما سموه، أي إلهاءهم بحفنة من الساعات عن مطلبهم الأساسي، وهو إصدار مراسيم إلحاقهم في كلية التربية في الجامعة اللبنانية كأساتذة متمرنين، تمهيداً لتثبيتهم كأساتذة تعليم ثانوي في ملاك وزارة التربية بعد نجاحهم في الدورة التدريبية في الكلية.

بالنسبة إلى الأساتذة، انتفى مبرر غياب الأموال مع إعلان وزير المال علي حسن خليل أن اعتمادات كلية التربية متوافرة. وهنا سألوا لماذا لا يجري إلحاقهم الآن، ولماذا لا يستطيع وزير التربية أن يحدد آلية فتح أبواب كلية التربية أمامهم، إن لجهة تعيين مواعيد للدراسة، أو لجهة حسم طرح لامركزية التدريب عبر السعي إلى فتح فروع للكلية في المناطق، فتكون المفارقة أن يقول إنّه موعود هو الآخر بذلك في شباط المقبل.

أسئلة كثيرة طرحها الناجحون بشأن تأجيل العام الدراسي وتوزيع الأساتذة: “لماذا هناك عجز من وزارة التربية تجاه الاستحقاق المنتظر، وهو التوزيع، ولماذا لا يجري التحضير له مُسبقاً؟ هل المشاكل تقنية، أم هي أزمة اعتمادات مالية، أم ستكون هناك مراعاة للمدارس الخاصة التي ستشهد ارتباكاً نتيجة استقالة العديد من الأساتذة، أم أنّ هناك نية لعدم الإلحاق من الأساس؟”.

تصريحات الدعم التي تطلقها رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي على أثير وسائل الإعلام المرئية وصفحات الجرائد ليست كافية وحدها، كما قالوا، لحل أزمة أساتذة أرغموا على ترك المدارس الخاصة للالتحاق بالثانويات الرسمية بعد نجاحهم في المباراة، وفقدوا بالتالي أي مصدر للعيش، وهؤلاء هم الأكثرية، فيما بقيت قلة قليلة منهم في عملها.

بعض المراقبين التربويين أخذوا على الرابطة محاولتها الضغط باتجاه تأجيل العام الدراسي، واصفين إياه بالخطأ النقابي، باعتبار أن ذلك خفف الحمل عن الوزير وأعفاه من مسؤولياته، إذ ليس من مهمة الهيئة النقابية، كما يقول هؤلاء، خوض معركة الوزير والتدخل في مساعدة السلطة السياسية على إيجاد الحلول للأزمة، بل الضغط للدفاع عن حقوق ومصالح من تمثلهم، و”في حالة الناجحين، تنحصر مهمة الرابطة في المطالبة بإنصافهم عبر إصدار مراسيم إلحاقهم بكلية التربية”.

فاتن الحاج

التعليقات مغلقة.