وللمرأة في كل يوم كل شيء

لا تنتظر المرأة يومًا واحدًا في السنة لتثبت أنها أهل للثقة، وأن ما تطالب به بالقانون حاصلة عليه بقوة الواقع، وهي التي ترفض ما يفرضه عليها المجتمع الذكوري من قيود ومن تبعات لتصرفات تجافي كل ما يُطلق من شعارات لا تقترب كثيرًا من حدود الترجمة العملية.

وبعيدًا من الموروثات الخاطئة عن نظرة المجتمع إلى المرأة، والتي جعلتها متلازمة مع شعور دفين بالدونية، بسبب تكوينها الفيزيولوجي، وهي التي تُعتبر الحلقة الأضعف جسديًا، فإن ما حققته النساء في السنوات الأخيرة أعاد خلط الأوراق لتصبحن متساويات مع الرجل، في الحقوق والواجبات، وإن كان بعض القوانين لا تزال تحتاج إلى نوع من الثورة الإجتماعية من أجل إعطاء المرأة حقوقها كاملة وجعلها مستقلة عن القرارات الذكورية.

وبغض النظر عما تعانيه المرأة من تفاوت في المعاملة أمام القانون، فإن ما حاولت القيام به من خطوات جبارة جعلت الرجل يغيّر الكثير من نظرته إلى الأمور ووضعته في مرتبة متساوية مع نضالات المرأة، بحيث أصبحت كلمة الفصل عائدة لها في كل شيء يتعلق بأمور البيت وتربية الأولاد، وحتى في مشاركته في القرارات المصيرية، إلى درجة أن بعضًا من الرجال بدأوا يطالبون بحقوقهم بعدما تخطّت المرأة بجرأتها وإقدامها الحدود التي كانت مرسومة لها، ولو من غير وجه حقّ.

وإلى أن تتغير نظرة الرجل إلى المرأة، وإلى أن تصبح المرأة خارج نقاط الضعف وخارج دائرة الإستهداف وخارج الإستخفاف بقدراتها واستثمار مواهبها بغير الوجهة الصحيحة، ستبقى المرأة سيدة في مملكتها الصغيرة، وسيبقى قرارها ساري المفعول ضمن دوائرها الخاصة، على أن تتوسع هذه الصلاحية إلى ابعد الحدود.

وردًا على القول بأن المرأة أصبحت في مكان ما متسلطة، وهذا ما يحاول بعض الرجال تسويقه، تردّ بعض النساء الثائرات بأنه غير صحيح أن المرأة أصبحت متسلطة، بل الصحيح أنه بتنا في زمن لم يعد فيه الرجل رجلًا. وهذا يذكرنا ببيت من قصيدة الشاعر خليل مطران “ما كانت الحسناء ترفع سترها… لو أن في هذي الجموع رجالًا”. أما قصة هذا البيت من القصيدة فالجميع يعرفها ويعرف قصة كسرى وبزرجمهر.

وعلى سبيل الطرفة يروى أن أحد الملوك قرر إجراء مسح لرعيته ليعرف مَن من بين رعيته يتمتع بصفات الرجولة، فطلب من وزيره أن يقوم بجولة ميدانية ويصطحب معه أحصنة ودجاجات. فمن يرى فيه مواصفات الرجل يعطيه حصانًا، ومن لا يكون على مستوى هذا اللقب يعطيه دجاجة.

فلف الوزير أرجاء الرعية طولًا وعرضًا ولم يرَ من يستحق أن يحصل على حصان، وكان نصيب الرجال الذين التقاهم دجاجة.

وبينما كان يهمّ بالعودة إلى ملكه ليبلغه النتيجة لمح منزلًا بعيدًا فقصده والتقى صاحبه، الذي أثبت أنه رجل ولا كل الرجال، فقرر أن يعطيه حصانًا.

وطلب منه أن يختار الحصان الذي سيحصل عليه. فما كان من الرجل الاّ أن استدعى زوجته وسألها: أي حصان نختار: الأبيض أم الأسود؟

عندها قال الوزير لخدمه: أعطوه دجاجة.

وهكذا عاد الوزير إلى ملكه ومعه كل الأحصنة.

اندريه قصاص

التعليقات مغلقة.