غسان حاصباني : الفساد هو التحدي الأكبر الحائل دون تحسين المؤشرات الإقتصادية

رعى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني اليوم، “مؤتمر لبنان 2025” الذي نظمته جمعية rethinking Lebanon في فندق “هيلتون – الحبتور” – سن الفيل، بحضور النائب علي عسيران، النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان الدكتور محمد بعاصيري، الأميرة حياة أرسلان، الوزير السابق شربل نحاس، الوزير السابق عادل قرطاس، رئيس هيئة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، نائب الأمين العام للأمم المتحدة نائب المدير التنفيذي لبرنامج المرأة هند العويس، عميد كلية الطب في جامعة البلمند الدكتور كميل نصار وممثلين للقيادات الأمنية وشخصيات سياسية ودبلوماسية وجامعية ومعنيين.

بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني، فكلمة ترحيب للاعلامي بسام أبو زيد الذي لفت إلى “أهمية النهوض بلبنان ووضع خريطة طريق للبنان المستقبل في وقت لا يهتم كثيرون في هذا الأمر”. وشدد على “ضرورة تلاقي الجهود لتحقيق مصلحة المواطن والدولة لأن من واجبنا عدم التخلي عن لبنان”.

ثمّ أوضح رئيس “Lebanon 2025” جهاد الحكيم أن “الهدف من المؤتمر البحث في السبل الكفيلة لتحسين ظروف عيش اللبنانيين، الذين ينجحون في الخارج من دون أن يبرزوا هذا النجاح في الداخل”. ودعا إلى “تشبيك المغتربين مع اللبنانيين المقيمين”. ودعا إلى “ردم الهوة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتحقيق رؤية موحدة والتنسيق بينهما لتحديد الأولويات كما إلى إجراء ثورة في القطاع التعليمي لإدراج اقتصاد المعرفة ضمن المناهج التربوية”.

حاصباني

ثم تحدث حاصباني مبديا سعادته “للمشاركة في هذا المؤتمر ذي الخلفية الإقتصادية المتصلة بالتخطيط”. وقال: “عدت بالأمس من واشنطن حيث مثلت لبنان مع البنك الدولي في موضوع تمويل لبنان لتحمل أعباء النزوح السوري في لبنان ولا سيما في مجال القطاع الصحي، إلا أن النقاش شمل كذلك القطاعات الأخرى وكيفية تمويل لبنان بشكل عام”.

وكشف أنّ “النقاش مع البنك الدولي تمحور حول الإستعداد لتمويل لبنان في حال تم فتح باب التوظيف للنازحين والتعامل معهم على أساس أنهم لاجئون في شكل يؤمن اندماجهم في المجتمع”.

وأشار الى انه أجاب علنا في ندوة شارك فيها مع الدول المانحة أن “لبنان مستعد لتطبيق ذلك في حال دخل مئة مليون شخص إلى الولايات المتحدة في غضون ثلاث سنوات، وفي حال دخل عشرة ملايين شخص إلى ألمانيا في الفترة نفسها أو دخل خمسة وعشرون مليونا إلى كندا فأعلمونا كيفية تدبير الوظائف لكل هؤلاء بواقعية”.

وقال إنّ “دول العالم تعيش أزمات اقتصادية ولكن الأزمة في لبنان أكثر شدة. فنحن لسنا في حالة طبيعية، إذ إن لدينا أزمة نزوح لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها”. مشيرا الى ان “أكثر من ثلاثين في المئة من سكان لبنان من النازحين في أزمة لا مثيل لحجمها وتحتاج إلى علاج دولي، لأنها أزمة دولية وليست محصورة في لبنان فقط”.

ولفت حاصباني إلى أنه لقي “تفهما ولم يعد الأطراف الآخرون في البنك الدولي مصرين على ما طرحوه من معايير، بل باتوا مقتنعين بالمساعدة على تأمين العيش الأساسي للنازحين إضافة إلى الإستثمار في البنى التحتية اللبنانية لمساعدة لبنان على تحمل الضغط”. ورأى أن “الفيصل هو الوقت إذ إن لبنان يحاول استعجالهم لتنفيذ وعودهم نظرا لأن الوقت بات داهما جداً”.

وسأل: “كيف نعيد التفكير بلبنان كما يطرح هذا المؤتمر في هكذا حالة سيئة من الضغط؟”. وتابع: “إذا تطلعنا إلى تصنيف لبنان حسب المعايير الدولية، نجد أنه من الدول الأخيرة في العالم في مجال البنى التحتية كالكهرباء والطرقات وغيرها. كذلك، نجد أن لبنان من الدول المتأخرة في معايير الإقتصاد العام والموازنة والدين العام والتصنيف الإئتماني لأن الموازنة لم تقر منذ العام 2005، علما أن لبنان هو الدولة الثالثة في العالم بالنسبة إلى الدين القومي. قبل لبنان هناك اليابان التي تستدين لتنمي اقتصادها وهذا أمر جيد وكذلك اليونان التي لديها منظومة اقتصادية كاملة لدعمها هي الإتحاد الأوروبي. أما لبنان فليس من يدعمه”.

ولفت إلى “وجود مشكلة جوهرية وأساسية في المؤسسات العامة والخاصة تشير إليها التقارير الدولية عن لبنان وهي تتعلق بالكلام على الفساد والتساؤلات عن استقلالية القضاء ومسألة الملكية الفكرية وما إلى ذلك. أما السوق اللبناني فهو سوق صغير في حين أن غالبية الدول التي نجحت في فرض تنافسية تتمتع بسوق محلي كبير جدا أو فتحت أسواقا لتنمية اقتصادها. كذلك، لدى لبنان مشكلة في الإبتكار وتطوير الإبتكارات لأن ليس لدينا أسواق لتسويق الإبتكارات وبيعها، ما يحول دون وجود استثمارات كافية في هذا المجال”.

ورأى نائب رئيس مجلس الوزراء أن “الفساد هو التحدي الأكبر الذي رصدته المؤسسات الدولية والذي يحول دون تحسين المؤشرات الإقتصادية في لبنان في حال تم وضع عبء النزوح جانبا، وهو فساد مستشر على المستويات كافة سواء على مستوى الموظف في الدولة أم الشركة الخاصة أم المواطن”. وسأل: “كيف ينتشر الفساد في دائرة رسمية إن لم يكن هناك مفسد والناس خائفة من أن تفضحه؟”، مضيفا أنه “مستعد لتلقي الإتصالات المباشرة على هاتفه الخاص من أي مواطن للتبليغ عن إجراءات فساد في وزارة الصحة التي يستلم مقاليدها وصولا إلى القضاء”، متمنيا على زملائه الوزراء “إتباع هذا الأسلوب الذي سيساعد على تقليص حجم الفساد بشكل كبير في لبنان”.

وقال حاصباني: “على الجميع في وطننا محاربة الفساد من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول، فالفساد لن يعالج في لبنان إذا لم نغير في ذهنية وطريقة التعاطي معه”، مشيرا الى انه “كان يحاضر في إحدى الجامعات عن أخلاقيات العمل، وتوجه بسؤال إلى الطلاب حول ما إذا كانوا يقبلون، في حال كانوا مسؤولين، ما يعرض عليهم من رشوة مقابل الموافقة على مشروع معين. وكان الجواب من كل التلامذة باستثناء واحد أنهم يقبلون، أما التلميذ الأخير والذي استبشر به خيرا على أساس أنه لن يقبل الرشوة فأبلغ الوزير حاصباني على حدة أنه لن ينتظر ليتم عرض الرشوة عليه بل سيطلبها مسبقاً”. وأعرب عن اسفه “لما وصفه بجيل الشطارة الذي تربى على هكذا معايير فيما علينا تغيير ذهنيته من خلال تغيير تصرفاتنا أمامه”.

وشدّد حاصباني على أنّ “المحافظة على الإستقرار السياسي يجب أن تلاقي المحافظة على الإستقرار الأمني الذي تحققه القوى الأمنية مشكورة بجهود جبارة”، ودعا إلى “إقرار قانون انتخاب من دون إطالة في الاستحقاقات الدستورية لأن لذلك أثرا على الوضع الإقتصادي”.

ولفت إلى “وجود معوقات لإعادة النهضة في لبنان إذ إن البنى التحتية تحتاج إلى استثمارات بعشرة مليارات دولار كي تكون في المستوى المطلوب”. أضاف أن “النهضة تتحقق كذلك بالاستقرار في السياسات العامة الذي نفتقده في لبنان إذ إن السياسات تتغير مع تغير الوزراء والحكومات، فيما المطلوب إستقرار يشجع المستثمرين على التخطيط على المدى الطويل وعدم التفتيش عن أمكنة أخرى للاستثمار فيها”.

وتابع حاصباني أن “في لبنان، ورغم كل التحديات، الكثير من الإيجابيات، فإذا تمت مقارنته بالدول المتوسطة والعالية الدخل، نجده متقدما في مجالي الصحة والتعليم الإبتدائي، حيث إن تصنيف لبنان متقدم جدا وهو بمرتبة 6/7”. منوها “بالجهود المبذولة في هذا المجال، ولا سيما ما يقوم به المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار لإبقاء النظام الصحي في اعلى نسبة متقدمة من الخدمات كما أن التعليم الإبتدائي من الأهم في العالم. لذا لدينا النواة الأساسية لبناء مستقبل ناجح، خصوصا أن مستويات التعليم العالي في لبنان جيدة جدا. كما أن السوق في لبنان فيه مستوى عال من التنافسية والنوعية الجيدة للشركات”.

ولفت إلى أنّ “التطلع إلى لبنان المستقبل يحتم علينا التطلع إلى ما بلغه العالم من ثورة صناعية واقتصادية جديدة، وهي تعرف بالثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على التكنولوجيا والتطور التكنولوجي في المجالات كافة ولا سيما في مجالات الصحة والطب حيث من المتوقع أن يصير معدل عمر الإنسان مئة سنة لناحية الطب الإستباقي”.

وتحدث حاصباني عن “الطباعة الثلاثية الأبعاد التي يتجه إليها العالم المتقدم والتي ستغير وجه العالم ووجه الصناعة بشكل كبير حيث لن يحتاج الصناعيون إلى معامل كبيرة بل إلى هذه التقنية لنقل الإبداع من مكان إلى آخر في العالم”.

كما أشار إلى أن “العالم يتجه إلى حد كبير من اللامركزية في صنع القرار ووقف احتكار الدولة لخدمات معينة وتسليمها للقطاع الخاص مثل الإتصالات والكهرباء بما يحسن الأداء الإقتصادي للبلد ويتيح للدولة أن تركز على الشؤون الاستراتيجية مثل المالية والأمن ورسم السياسات والتشريع”.

ونبه حاصباني إلى “ضرورة تحفيز المبادرة والإبداع من خلال فتح الأسواق العالمية امام المبدعين اللبنانيين لتسويق ابتكاراتهم”، مشددا على “ضرورة انتهاج تفكير علمي غير شعبوي لتسيير شؤون الدولة والوطن، خصوصا أن القرارات الصعبة غالبا ما لا تكون شعبوية إلا أنها تطور الإقتصادات والمجتمعات”.

وختم داعيا اللبنانيين إلى “العمل على تطوير وطنهم بدءا بتطوير أنفسهم”، وقال: “لا نستطيع إعادة إنتاج لبنان كدولة إن لم نعد إنتاج أنفسنا. هكذا نبدأ بوضع مداميك لبنان 2025، لبنان التنافسي والحضاري الذي طالما تغنينا به ولكننا افتقدناه في وقت من الأوقات”.

أعمال المؤتمر

وتضمن المؤتمر ندوات حول التحديات الإقتصادية والنقدية والإجتماعية وتحديات وفرص القطاع العام والخاص وإعادة هيكلة القطاع التعليمي ولبنان على الصعيد العالمي.

التعليقات مغلقة.