برّي : يلعبون معي لعبة حافة الهاوية ؟ ليجرّبوا

في الأيام الاخيرة وضع الرئيس نبيه بري على طاولة التداول مشروعين: أحدهما قانون انتخاب يعتمد النسبية وفق دوائر مرنة تكبر او تصغر تبعاً للتوافق الذي يمكن ان تحوزه، والآخر تطبيق المادة 22 من الدستور. مذذاك كل حوار وتشاور خارجهما قليل الاهمية.

أضافت الصحيفة: ما بات يقوله رئيس مجلس النواب نبيه بري انه ذاهب الى تطبيق الدستور، وليس الى وضع قانون جديد للانتخاب فحسب. بيد ان ما افصح عنه يفتح الباب على ورشة دستورية أكثر منها الخوض في تقسيم دوائر قانون انتخاب جديد، لبّ المناقشات والمشاورات والاتصالات والاقتراحات المتطايرة من فوق رؤوس الافرقاء جميعاً.

ليست المرة الاولى يطرح بري استحداث مجلس للشيوخ مقترناً بانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي. المرة الاخيرة كانت الى طاولة الحوار الوطني ابان الشغور الرئاسي، وكان ينتظر أجوبة الجالسين اليها عن هذه الخطة، قبل ان تطيح الخلافات الطاولة وتنسف أعمالها نهائياً. طرح الفكرة نفسها في ما مضى الرئيس سعد الحريري في مرحلة غيابه عن البلاد.

لم تختلف مقاربة بري انشاء مجلس الشيوخ الآن عما كان طرحه قبل سنتين، مجتهداً في تفسير المادة 22 من الدستور التي ترعى في آن انتخاب برلمان وطني لا طائفي واستحداث مجلس للشيوخ، على نحو مغاير لما نصت عليه المادة:

فسّر اولاً كلمة “مع” بأنها تعني الحاضر والمستقبل في وقت واحد، كي يقول ان في الامكان حصول هذين الاجراءين بالتزامن، من غير ان يسبق انتخاب البرلمان الوطني غير الطائفي استحداث مجلس الشيوخ بالضرورة. بل يسير الوصول اليهما في الموازاة فينبثقان معاً. مع ان ما قيل في هذا الموضوع منذ اقرار الاصلاحات الدستورية عام 1990 ان استحداث مجلس الشيوخ يلي انتخاب مجلس نواب وطني لا طائفي.

فسّر ثانياً انتخاب البرلمان الوطني على انه مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، من دون أن يلحظ توزيعاً مذهبياً داخل كل منهما، على نحو مغاير لمغزى اقتران هذا البرلمان باستحداث مجلس للشيوخ، وهو ان يكون المجلس المنتخب وطنياً بكل ما للكلمة من معنى، فيُنتخب بلا حساب المناصفة الطائفية، وانما تبعاً لما تفضي اليه نتائج الانتخابات النيابية العامة. على ان يصير في المقابل الى ضمان حقوق الطوائف والمذاهب في مجلس الشيوخ الذي يلحظ بدوره تمثيلاً متساوياً لها فيه.

منذ اقراره، ما خلا احاديث عابرة غير ذات مغزى، لم يصر مرة الى الخوض في اجراءين مؤجلين الى امد غير محدد، لم يُصِغ اتفاق الطائف سبل الوصول اليهما وتنظيم انتخابهما وآليتهما، ولا بالتأكيد توقيتهما، فأجريت اربع دورات انتخابات نيابية عامة (1992 و1996 و2000 و2005 و2009) مذذاك دونما التفكير في وضع المادة 22، بشقيها المتلاصقين، موضع التنفيذ. ناهيك بولاية تمديد كاملة للبرلمان (2013 ــــ 2017). بيد ان وضع بري الآن المادة 22 في صدارة الحدث، ومن ثم التلازم في تطبيق شقيها على انها الباب الوحيد لانقاذ انتخابات 2017، عوّل على بضعة معطيات كشف عنها رئيس المجلس:

أولها، تلميحه الى ان تمديد ولاية مجلس النواب سنة كاملة صار من الماضي. ورغم اتهامه بأنه اول المشجعين على هذه المدة، يقول رئيس المجلس انه لم يوافق عليها مرة، لا في الجلسة التي كانت مقررة في 13 نيسان، ولن يكون كذلك في جلسة 15 ايار. يضيف: “لم اوافق سوى على تمديد مقترن بقانون جديد لمدة محددة ترتبط بالمهلة الكافية لاجراء الانتخابات النيابية على اساسه، وهي في احسن الاحوال اربعة اشهر ليس اكثر”. الا انه يفصل بين دعوته مجلس النواب الى الانعقاد في جلسة 13 نيسان كما في جلسة 15 ايار، وبين واجب توجيه الدعوة مرة بعد اخرى قبل ان تنقضي مدة الولاية القانونية للبرلمان الحالي تجنباً لوقوع السلطة الاشتراعية في الفراغ. فعل الامر نفسه عندما دعا المجلس الى الانعقاد 45 مرة لانتخاب رئيس الجمهورية، وكان متيقناً من تعذر الانتخاب آنذاك، الا انه تمسك بصلاحياته الدستورية.

ثانيها، جزمه بأنه لن يكون في فريق تمديد الولاية في الجلسة المقبلة لا يقترن بقانون جديد للانتخاب. يقول: “يراهنون على تأييدي التمديد، حتى اذا تعذّر يظنون ان في وسعهم استدراجي الى القانون الذي يريدون. يلعبون لعبة حافة الهاوية؟ انها شغلتي القديمة. ليجربوا؟”

نقولا ناصيف

التعليقات مغلقة.