فلسطين تعود الى شوارع طرابلس

ينظر اللاجئون الفلسطينيون في مخيمي البداوي والبارد بعين التفاؤل، إلى إمكانية أن تستعيد القضية الفلسطينية حضورها في الشارع الطرابلسي بعد غياب قسري إستمر لسنوات، حاول خلالها البعض تغييب الفيحاء عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية وإستبدالها بتحريض سياسي وشخن مذهبي، إضافة الى محاولات عدة لمصادرة دورها العروبي.

لكن طرابلس تسعى اليوم من خلال النشاطات المتضامنة مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني الى إستعادة نبضها العروبي والقومي والوطني الذي تربت عليه وناضلت من أجله.

لا يخفي اللاجئون حزنهم من الخسائر المتتالية التي منيت بها قضيتهم المركزية في السنوات الماضية، لجهة انخفاض مستوى الدعم الشعبي من قبل محيطهم، خصوصاً أن ذاكرتهم تحفظ موقفاً شهيراً لإبن الشمال وزير خارجية لبنان الأسبق حميد فرنجية عندما أعلن خلال إستقبال طلائع اللاجئين الفلسطينيين “عن تقاسم الشعب اللبناني لقمة الخبز معهم”.

ربما تكون طرابلس على وجه الخصوص من بين أكثر المدن اللبنانية التي تفاعلت مع هذه القضية وحضنتها على نحو وصل الأمر إلى اعتبار المدينة امتداداً استراتيجياً للمخيمين، قبل معركة العام 1983 التي تُعرَف باسم “أبو عمار” (الرئيس الراحل ياسر عرفات)، حيث انقلبت المعادلة مع خروج فصائل “منظمة التحرير” من المدينة وتراجع دور الأحزاب الوطنية لحساب قوى سياسية ومرجعيات طائفية، لم تعِر للقضية الفلسطينية الاهتمام الكافي بسبب تعاظم الخلافات السياسية الداخلية من جهة، ونظراً لتصنيف البعض للفلسطينيين سياسياً، وتحديداً بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان.

إلا أن اللاجئين الفلسطينيين وفي نظرتهم إلى المدينة يؤكدون أن طرابلس لم تخذلهم، بل كانت إلى جانبهم وتكبّدت خسائر كبيرة، شأنها شأن سائر مناطق الشمال من عكار مروراً بالمنية ووصولاً إلى الضنية، حيث سقط منها عشرات الشهداء والأسرى تحت راية النضال الفلسطيني ومن بينهم عميد الأسرى ابن المنية يحيى سكاف، وهم يعتبرون أنفسهم دفعوا في تلك المرحلة مع معظم مناطق الشمال ضريبة الصراعات السياسية، والتي أثّرت تدريجياً على وجودهم لدرجة جعلتهم في السنوات الأخيرة يتقوقعون داخل مخيماتهم.

اليوم تعود طرابلس حاضنة للقضية الفلسطينية ورافعة لواءها ومستعيدة دورها في الدفاع عنها، ويعود صوت فلسطين ليصدح في ساحاتها وقاعاتها ومساجدها، معلنا خروج الفيحاء من أسر الشحن والتحريض المذهبي الى فضاء العروبة.

وطرابلس التي شهدت قبل أيام قيام الدكتور خلدون الشريف بتكريم الامنية العامة التنفيذية للاسكوا الدكتورة ريما خلف، التي قدمت استقالتها من الامم المتحدة احتجاجا على رفض تقريرها حول نظام الفصل العنصري الاسرائيلي بحق الفلسطينيين، وذلك بحضور كل اطياف المجتمع الطرابلسي والشمالي، تعيش حالة تضامن كامل مع فلسطين والاسرى، من خلال فعاليات الاسبوع الذي ينظمه لقاء طرابلس التضامني مع فلسطين والأسرى، وهو يتضمن برنامجا من الاعتصامات واللقاءات التي تنفذ وتعقد يوميا في ساحة جمال عبد الناصر “التل” وتشهد اقبالا كثيفا من مختلف شرائح المدينة.

هذه النشاطات يواكبها تحركات أخرى امام الصليب الاحمر الدولي، وفي الجامعة اللبنانية التي شهدت اعتصاما طلابيا واحراقا للعلم الاسرائيلي للمرة الأولى منذ سنوات، على ان تستكمل التحركات بنشاطات أخرى بالتزامن مع الاعتصامات اليومية في ساحة “التل”.

عمر ابراهيم – سفير الشمال

التعليقات مغلقة.