هل يتمرد غسان سلامة على أجندات اللاعبين الكبار في ليبيا

بعد رفض بلاده تبني ترشيحه لمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) عام 2016، وترشيح سيدة مغمورة بدلا عنه، عاد السياسي والأكاديمي والمثقف اللبناني من جديد ليمثل الأمين العام للأمم المتحدة في ملف ساخن، وهو الملف الليبي. وهو المعروف بعلاقاته الجيدة مع ولي عهد دولة الإمارات وفرنسا، أكثر دولتين نافذتين في الملف الليبي في الوقت الحاضر.

غسان سلامة، المولود في عام 1951، درس الفنون في “جامعة القديس يوسف”، والقانون الدولي في “جامعة باريس”، وحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من “جامعة باريس الأولى”، ودكتوراه في الآداب من “جامعة باريس الثالثة”.

يقيم في باريس، ويعمل أستاذا محاضرا في معاهد ومراكز للبحوث السياسية في العاصمة الفرنسية، وأستاذا للعلوم السياسية في “جامعة السوربون”، ويمارس التدريس في “جامعة كولومبيا” الأمريكية، ومحاضرا في عدة منتديات عالمية مؤثرة، وهو رئيس” الصندوق العربي للثقافة والفنون / آفاق” وعميد “معهد باريس للشؤون الدولية”.

كان أحد مستشاري رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري، الذين وضعوا لمساتهم على “اتفاق الطائف”، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990. كما ساهم سلامة، وبشكل مباشر، في صياغة تفاهم نيسان عام 1996، الذي أنهى العدوان الإسرائيلي على لبنان.

تولى وزارة الثقافة في ظل حكومة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من عام 2000 إلى عام 2003.

برز اسم سلامة كأحد مُنظري القرار الدولي 1559 الصادر عام 2004، ونص على “انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان”، وهو القرار الذي تحول بعد اغتيال رفيق الحريري، عام 2005، إلى ما بات يعرف بـ”انتفاضة الاستقلال” التي شكلت نقطة تحول في التاريخ اللبناني الحديث، وانتهى بخروج القوات السورية من لبنان.

وكثيرا ما دعي إلى الحلقات الضيقة في أنظمة دولية وعربية لتقديم استشارة سياسية في ملفات محددة بقيت طي الكتمان.

كان ضمن وفد الأمم المتحدة إلى العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وكاد أن يلقى مصرعه في حادثة تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد، وخلف عشرات القتلى، وفي مقدمتهم مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميلو، كان آنذاك يعمل مستشارا سياسيا لبعثة الأمم المتحدة في العراق، حيث ساهم في إنشاء مجلس الحكم الانتقالي بعد احتلال بغداد.

وكان آخر منصب له مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس.

كلف قبل أيام بمهمة دفع الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية كمبعوث أممي في ليبيا خلفا لمارتن كوبلر، بعد أن وافق مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، على تعيين غسان سلامة مبعوثا جديدا للمنظمة الدولية إلى ليبيا، لينهي بذلك خلافا استمر أربعة أشهر.

وبدأ البحث عن خليفة لمارتن كوبلر، الدبلوماسي الألماني الذي كان ممثلا للأمم المتحدة في ليبيا منذ تشرين الثاني عام 2015، في شهر شباط الماضي، عندما رشح غوتيرس، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض للمنصب، ورفضت الولايات المتحدة فياض بسبب جنسيته، وقالت السفيرة الأمريكية نيكي هيلي: “الأمم المتحدة منحازة للسلطة الفلسطينية على حساب حليفتنا إسرائيل”.

ووصف غوتيرس الرفض الأمريكي بأنه “خسارة لعملية السلام الليبية وللشعب الليبي”.

وقال دبلوماسيون إنه بعد هذا الرفض اعترضت روسيا وأعضاء آخرون في مجلس الأمن على مرشح بريطاني وآخر أمريكي، ومددت فترة كوبلر في المنصب حتى نهاية حزيران الجاري.

ويتوقف نجاح مهمة سلامة على مدى تجاوب أطراف النزاع مع ما يحمله من مقترحات، وتفهم حقيقة دوره المساعد لليبيين، وأنه ليس حاملا لحلول أو عصا سحرية ترضي كل طرف.

ويرى محللون أن بعثات الأمم المتحدة دائما تعمل وفق أجندات وتوازنات دولية، وتغيير المندوب لن يقدم الكثير، بل سينزلق في مجرى المخطط الموجود، وأنه لن يقدم أي جديد.

ويرى خبراء أن اختيار سلامة هو تأكيد على أهمية الحوار والمصالحة والتوافق بين أطراف النزاع في ليبيا، خاصة أن المبعوث الجديد عاصر الصراع اللبناني في سبعينيات القرن الماضي، بل هو مهندس اتفاق الطائف بين الفرقاء اللبنانيين؛ ولذلك فهو لديه الخبرة الكافية للتعامل مع الشأن الليبي.

التعليقات مغلقة.