عاصمة داعش الثالثة : هنا يختبئ البغدادي

قبل ثلاث سنوات، ظهر مقطع فيديو لزعيم تنظيم “داعش”، أبو بكر البغدادي، وهو يخطب في جامع النوري الكبير بمدينة الموصل العراقية، التي كان التنظيم قد استولى عليها للتو، وأعلن قيام “الخلافة” الإسلامية.

وفي ذلك الوقت، كان تنظيم داعش قد سيطر على منطقة بمساحة المملكة المتحدة. لكن منذ ذلك الحين، أدت حرب عالمية ضدّ المتطرفين إلى تراجع التنظيم، ولا يزال مكان البغدادي – الذي وضعت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يعلن عن مكانه – غير معلوم.

وفي الذكرى الثالثة لأول وآخر ظهور علني للبغدادي، لم يعد تنظيم “داعش” يسيطر على معظم الأراضي التي كانت بحوزته من قبل، والتزم زعيم التنظيم الصمت بشكل واضح منذ مخاطبة أتباعه في رسالة صوتية مسجلة في تشرين الثاني الماضي، بعد بداية معركة طرد التنظيم من الموصل.

ووسط هذا الصمت، ظهرت في الآونة الأخيرة تقارير غير مؤكدة عن وفاة البغدادي. وقال نائب وزير الخارجية الروسي إنه “من المرجح للغاية” أن البغدادي قد قُتل في غارة جوية روسية على الرقة في 28 آيار. وأكد مسؤول إيراني الأسبوع الماضي أنه “مات بكل تأكيد”. غير أن مسؤولين أميركيين قد شككوا في كلا الادعاءين.

وفي مقطع فيديو نُشر من الرقة بعد أسبوع من ظهور التقرير الروسي، استخدم أعضاء بتنظيم الدولة كلمة “شيخنا”، بدون ذكر البغدادي بالاسم، ما أثار علامات استفهام بشأن مصيره، فيما يعد غياب البغدادي في هذه اللحظة الحرجة أمر محيّر للغاية، بالنسبة لمؤيديه وأعدائه على حد سواء.

“العاصمة الثالثة”

وقد تكون الإجابة على السؤال المطروح بشأن مكان البغدادي مرتبطة بمطالبته بالشرعية كخليفة، أو “أميرا للمؤمنين”.

ووفقا لقاعدة دينية مثيرة للجدل، يمكن للمرشح للخلافة (من بين معايير أخرى) المطالبة بأن يكون خليفة للمؤمنين إذا كان لديه “أرض التمكين”، يحكمها وفقا للشريعة الإسلامية.

واليوم، تتقلص مساحة “أرض التمكين”، بعدما أصبح تنظيم “داعش” قوة مستنفدة في الموصل، ويواجه ضغوطا هائلة في الرقة، وهما العاصمتين الفعليتين للتنظيم في العراق وسوريا.

وفجّر تنظيم “داعش” جامع النوري قبل أسبوعين، قبل أن تتمكن قوات الأمن من الاستيلاء على الموقع.

وقد يختبئ البغدادي في ما يمكن وصفه بأنه “العاصمة الثالثة” لتنظيم الدولة الإسلامية، أي المناطق التي يسيطر عليها التنظيم حاليا على جانبي الحدود السورية والعراقية.

ويطلق تنظيم “داعش” على هذه المنطقة اسم “ولاية الفرات”، التي تتكون أساسا من مدينة القائم العراقية وبلدة البوكمال السورية.

وفي عام 2014، بدأ صعود تنظيم داعش في “ولاية الفرات” والمناطق المحيطة بها. ووفقا لروايات التنظيم نفسه، في مقاطع فيديو خرجت مؤخرا من محافظة الأنبار العراقية، استخدم المسلحون المنطقة كقاعدة انطلاق لعملياتهم السريعة والخاطفة في العراق وسوريا.

ويميل البغدادي، على عكس الزعماء المتطرفين الآخرين، إلى الكلام أو الظهور فقط عندما تكون هناك حاجة ماسة إلى ذلك – كما رأينا في إعلان إقامة الخلافة الإسلامية، وتوجيه نداء لأتباعه للصمود والقتال في الموصل.

وكلما تصعد في سلسلة القيادة في تنظيم “داعش”، يصبح التواصل مع الزعماء مقصورا على عدد قليل من الموالين الموثوق بهم.

وبالتالي، لا يعرف مكان البغدادي سوى عدد قليل للغاية من الأشخاص، وهو ما يصعب من مهمة الولايات المتحدة، التي لديها قوات خاصة تعمل باستمرار على البحث عن أية آثار لأكثر رجل مطلوب في العالم.

من هنا، تعد الأراضي الحدودية في سوريا والعراق مناطق آمنة ومألوفة نسبيا للبغدادي، حيث يمكنه الاختباء هناك والهروب من أية محاولات للقبض عليه أو قتله، كما أنها تجعله قادرا على الاستمرار في المطالبة بالشرعية كخليفة للمؤمنين.

التعليقات مغلقة.