موظّفون ومتورّطون : رؤوس كبيرة فاسدة ستُكشف قريبًا

منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، نشطت المديرية العامة لأمن الدولة، التي تأسست في العام 1984، بعد مرحلة من الانكفاء. لكن المديرية صارت تحمل مهمة إضافية، وهي مكافحة الفساد. فما علاقة هذا الجهاز الأمني بالفساد؟

يقول المدير العام لمديرية أمن الدولة اللواء طوني صليبا لـ”المدن” إنه “من واجبنا أن نكون جزءاً فاعلاً من فريق الرئيس، الذي هو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، وقد كلّفنا بملفّات مكافحة الفساد. ومن المعروف أنّ الرئيس عون أعلن في خطاب القسم أنه سيحمل لواء مكافحة الفساد المستشري في بعض المؤسسات العامة، إذ بات إهدار الأموال معضلة تحتاج إلى استئصال فوري. والمديرية العامة لأمن الدولة مكلّفة، وفق المرسوم رقم 39 الصادر بتاريخ 23/2/1985، بمهمة تحصين الدولة ضد الأخطار الداخلية والخارجية. وأحد هذه الأخطار الداخلية هو إهدار الأموال العامّة والاختلاسات التي يجب ردعها”.

لكن، ألا يتعارض دور المديرية مع دور المؤسسات الرقابية الأخرى؟ يقول صليبا إن “دورنا أساسي في مكافحة الفساد، لكنه يقوم على التعاون مع هيئة التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، التابعَين أساساً إلى رئاسة مجلس الوزراء، التي هي غطاؤنا الشرعي. بالتالي، نحن جزء حيوي من المنظومة الأمنية التابعة إلى رئاسة الوزراء. ما يعني أننا نتكامل معاً في هذه المهمّة، وكلٌ منا وفق صلاحيّاته القانونية”.

ويشير صليبا إلى نوعين من الآليات المعتمدة من قبل المديرية لمكافحة الفساد. “الآلية الأولى هي الضبط بالجرم المشهود، لأن أمن الدولة ضابطة عدلية تقوم بتوقيف المتورطين، بالتنسيق مع القضاء المختص والإدارة التي يتبع لها هؤلاء. أما النوع الثاني فهو رفع التقارير المفصلة والمدعومة بالوثائق والبراهين إلى رئيسي الجمهورية والحكومة ليتصرّفا بالملف”. يضيف: “هذه التقارير نستحصل عليها بشكل سرّي بواسطة شبكة من المخبرين الذين ينسقون مع أمن الدولة”.

ويؤكد صليبا أنه “لطالما كانت المديرية تنجز مهمات من هذا النوع في السابق، غير أن الإعلام لم يكن يلقي الضوء عليها. لكن هذا العهد يقترن بإنفتاح أكبر على الإعلام، الذي نعتبره شريكاً لنا في كل ما نقوم به”.

ويعطي صليبا أمثلة عن انجازات للمديرية حصلت أخيراً في مجال مكافحة الفساد، مثل “القبض على أحد الشركاء في قضية اختلاس أموال الهيئة العليا للإغاثة، غسان رزق، بعدما كان المتهم متوارياً عن الأنظار منذ العام 2014. وأوقفنا عصابة محترفة تقوم بتزوير مستندات رسمية وإخراجات قيد مزورة، لتبيعها إلى أفراد أجانب. وهناك متورّطون كثر في هذه القضية، منهم على سبيل المثال لا الحصر موظفون في دوائر النفوس الرسمية وغيرها. وبين أيدينا ملفات عدة تطال رؤوساً كبيرة سنكشف عنها لاحقاً”.

ويؤكد صليبا أن المديرية “تقوم يومياً برفع تقارير مفصّلة عن قضايا تشتمل على إهدار أموال وفساد في مختلف الإدارات. ولدينا ملفات كثيرة تمّت معالجتها بسرية تامّة، حفاظاً على معنويات الجسم الوظيفي، لأن المتورطين في قضايا الفساد والهدر هم قلّة ولا يجوز التعميم”. لكن صليبا يبدو واقعياً، إذ “من الطبيعي أن تلعب التدخلات دوراً معطلاً لمنظومة مكافحة الفساد في بلد مثل لبنان، حيث المحسوبيات متوارثة في الذهنية اللبنانية. لكن توجهات الرئيس عون كانت واضحة لنا، أن ما من أحد فوقه غطاء سياسي يحميه من المحاسبة”.

وفي ما يتعلق بالموازنة التي قد تستلزمها مهمة مكافحة الفساد، يوضح صليبا أن “الموازنة التي صُرفت لأمن الدولة منذ البداية لم تتغيّر. وهي تكفي لتغطية مهمّاتنا على أنواعها. لكن لا شكّ في أنّ زيادتها ستنعكس ايجاباً على إمكانياتنا”.

التعليقات مغلقة.