يمُتنَ على أيدي أزواجهن : قبل يوم من عيدها قضت نظيرة ابنة الـ 14 الحامل

بات يستحيل أن يمرّ شهر من دون أن تسقط المزيد من النساء كضحايا للعنف الأسري. تُراكم الجمعيات النسوية وهيئات المجتمع المدني المزيد من أسماء النساء اللواتي يمتن قهرا وقتلا على أيدي أزواجهن، فيما تُراكم الدولة ومن خلفها القضاء المزيد من الفشل في حمايتهن.

بالأمس، استفاقت محافظة عكار على خبر وفاة “الطفلة” نظيرة عمر طرطوسي (14 عاما)، في منزلها الزوجي في بلدة وادي الجاموس وذلك عقب إصابتها بطلق ناري في الرقبة نقلت على أثره الى مركز اليوسف الاستشفائي في حلبا.

الحادثة المؤسفة فتحت ملف زواج القاصرات على مصراعيه وسط غياب التشريعات القانونية التي تمنع هذا الزواج وما ينتج عنه من مآس إنسانية على أكثر من صعيد.

وقبل أيام إستفاقت عكار على خبر مقتل يمن درويش (22 عاما) التي وجدت مضرجة بدمائها أمام منزلها الزوجي في بلدة العريضة.

نظيرة ويمن، ضحيتان أضيفتا الى ضحايا العنف الأسري أو الزوجي، وسط تناقل شائعات أن الضحيتين أقدمتا على الانتحار!! فماذا يجري فعلا، وكيف يمكن لسيدة حامل في الشهر الخامس لا تعاني من أي إطضرابات نفسية أن تقدم على اطلاق النار على نفسها، بعد مضي أشهر على زواجها؟

أثار مقتل يمن حالة إستياء في بلدة العريضة وتحديدا لدى عائلتها، حيث لفت ابن عمها هيثم درويش الى “انها وجدت مضرجة بالدماء وآثار الخنق بادية على رقبتها، عقب محاولة خنقها بشريط الحديد أثناء تواجدها على سطح المنزل عند إقدامها على ترتيب الملابس”.

ويشدد درويش على “أننا لا نريد إستباق التحقيق ولكن ما فهمناه من الطبيب الشرعي أن إبنة عمي تم ضربها بالمزهرية على رأسها وتم كسر ذقنها، ومحاولة خنقها، ومن ثم تم إطلاق النار عليها لاخفاء الجريمة والايحاء بأنها هي من أقدمت على الانتحار، مشيرا الى أن مشاكل عائلية نشبت أخيرا بين يمن وزوجها بسبب خلافات مادية”.

ويطالب درويش بتحقيق عادل وشفاف لكشف ملابسات الحادثة المأساوية، لافتا الى أن العائلة تعتقد بأن الضحية أطلق النار عليها بعد وفاتها، متأثرة بالضربات التي تلقتها.

أما حادثة وفاة نظيرة فهي اشد إيلاما، فإبنة الـ14 عاما كان من المفترض أن تحتفل بعيد ميلادها اليوم، في حضن والدتها وفي كنف والدها كما أن “الطفلة” الفائقة الجمال كما يقول الجيران، كانت تستعد لتكون أما خلال الأشهر الأربعة المقبلة، بعد مضي خمسة أشهر على زواجها.

الغموض يلف حادثة الوفاة، وسط تضارب في تصريحات الجيران التي تؤكد أن الضحية كانت على علاقة جيدة بزوجها المعروف بثرائه، وهي تعيش حياة هادئة، وبين رواية والدتها التي تناقها أهالي بلدة وادي الجاموس والتي تقول فيها أنها كانت تعاني أوجاعا في رأسها.

وإذا كانت عائلة يمن على علم بالمشاكل الزوجية التي تعاني منها، فان عائلة نظيرة نفت أي خلافات بينها وبين زوجها، وهي تتلقى الرعاية الكاملة من قبل عائلة الزوج.

لا يكاد يمر يوم في عكار من دون تسجيل حوادث مؤسفة تطال سيدات وأطفال، لجهة اطلاق الرصاص على خلفية مشاكل عائلية، فضلا عن “ضحايا الخطأ” أو الانتحار أو القتل العمد وهي الظاهرة الأكثر شيوعا في هذه الفترة.

“إعتدنا خلال جرائم قتل النساء، أن تكون نتائج التحقيقات والمبررات جاهزة لخدمة المرتكب وأهواء المجتمع، أما بالنسبة لزواج القاصرات فاننا رفعنا شعار “جازة أو جنازة”، وللأسف وصل الأمر مع نظيرة الى القتل الجسدي وفي حالات اخرى يكون هناك قتل معنوي ونفسي وقتل الطموح والأحلام”، تقول المحامية ليلى عواضة من منظمة “كفى” لـ”سفير الشمال”، وتشدد عواضة على “ضرورة سماع النواب بهذه الجرائم، والسعي فورا لتشريع قانون يحدد السن الأدنى للزواج بـ 18 عاما”، لافتة الى أن “الأمور متروكة في لبنان للطوائف والتي لا يمنع البعض منها زواج القاصرات”، داعية الى “إعتماد عقوبات رادعة لمنع تكرار هذه الجرائم”.

وتضيف عواضة إن “المنظمة تضع كل إمكانياتها لمساعدة عائلتي الضحيتين في الشق القانوني”، مشددةّ على أن “ما يهمنا هو تحقيق العدالة عبر محاسبة المجرمين وإنصاف النساء بهدف تشكيل رادعٍ قضائي وأخلاقي للحد من الاعتداءات المتكررة على النساء”. أما بخصوص العقوبات التي من المفترض إقرارها، فتلفت عواضة “الى ضرورة انتظار التحقيق وقرار النيابة العامة لتحديد نوع الجرم”.

التعليقات مغلقة.