كرة الإقالات تتدحرج حزبيّاً : ابعادها اكثر من انتخابيّة

ينكبّ قياديّو الأحزاب السياسيّة التي تلقّت ضربة قاسية وموجعة في السّادس من أيّار، على اجراء مراجعة سياسيّة إداريّة ولوجستية عامّة، تُفنّد بشكل واضح وصريح مسار المعركة الكبرى، ومكامن الخلل التي أوقعت المرشّحين المنضوين في لوائحها بخسائر كبيرة تختلف تماماً عن حسابات الماكينات الانتخابية والتقارير الإيجابيّة المُرتبطة بعدد المقاعد النيابيّة المضمون حجزها سلفاً.

المشهد الانتخابي المُخيّب للآمال لم تقتصر تداعياته على خسارة الأحجام النيابيّة والتمثيليّة، اذ شملت نتائجه السلبيّة استقالات واقالات داخليّة، طاولت حزب الوطنيّين الأحرار الذي بات خارج الساحة التشريعيّة نهائيّاً، فأتت استقالة مفوضيّة الحزب في عالية وفرع الكحالة، مروراً بحزب الكتائب اللبنانية الخاسر الأكبر في الاستحقاق النيابيّ، ما حتّم على مدير الماكينة الانتخابية باتريك ريشا وضع استقالته بتصرّف المكتب السياسيّ للحزب، وسط استياء عارم يضع الكتائبيّين أمام جملة احتمالات وقرارات واجراءات تُحدّد موقعه في المرحلة المُقبلة.

أما المفاجأة الأكبر، حطّت رحالها في بيت الوسط، مع صدور مجموعة قرارات صارمة عن رئيس الحكومة سعد الحريري عبر الأمانة العامة لتيار المستقبل، تقضي بحلّ هيئة شؤون الانتخابات والماكينة الانتخابيّة اللوجستيّة بصورة عامة، الى جانب حلّ الهيئات التنظيمية القيادية (مكتب ومجلس المنسقية) بصورة عامة، في كل من: منسقيات بيروت، والبقاع الغربي وراشيا، والبقاع الأوسط، والكورة، وزغرتا. وتكليف هذه الأخيرة متابعة الاعمال الى أن يحين الإعلان عن قرارات بديلة، وغيرها من التدابير التي أتت بعد الاطلاع على مجريات الحراك الانتخابي في كافة الدوائر، والتقارير الواردة بشأنه.

بالإضافة الى صدور قرار عن الرئيس الحريري بإعفاء منسّق عام الانتخابات وسام الحريري من مسؤوليّاته في هيئة شؤون الانتخابات، وإعفاء مدير دائرة المتابعة في مكتب الرئيس ماهر أبو الخدود من مهامه، وصولاً الى تقديم نادر الحريري استقالته من كافة المسؤوليّات التي يتولّاها كمدير مكتب رئيس تيّار المستقبل، وتكليف محمد منيمنة بالوكالة.

الصحافي والمحلل السياسيّ جوني منيّر رأى أنّ “الاستقالات بشكل عامّ تأتي في مكانها الصحيح تحت إطار المحاسبة الداخليّة، نتيجة عدم الوصول الى الأهداف والنتائج المرجوّة، ما يضع المراجع المختصّة حزبيّاً في دائرة المسؤوليّة”.

ولفت الى أنّ “المشهد لدى تيّار المستقبل يختلف عن باقي الأحزاب، على اعتبار أنّ الاجراءات والقرارات الصادرة، لها اوجه عدّة، اشبه بخليط ما بين السياسة، سواء الداخليّة او الخارجيّة، والمسؤوليّة والمحاسبة. بمعنى انّ الإعفاءات التي تقرّرت في ما خصّ الهيئات والمنسقيّات والمدراء صدرت انطلاقاً من مقتضيات المراجعة والمساءلة، بعكس وضع نادر الحريري”.

وأوضح أنّ “استقالة نادر الحريري فيها تقاطع ما بين نتائج الانتخابات التي أتت بعكس تقديرات وتوقّعات وحسابات مدير مكتب سعد الحريري، والطلب السعوديّ المباشر الى رئيس الحكومة يوم قدّم استقالته من الرياض بضرورة إخراج نادر الحريري. بالإضافة الى الشقّ الماليّ والعلاقة اللصيقة التي تجمعه مع وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل الامر الذي تأكّد أكثر عند تغيّب الاخير عن زيارة السعودية في وقت لاحق”.

ولفت منيّر الى أنّ “اعفاء ماهر أبو الخدود الذي يعدّ بمثابة ظلّ وزير الداخليّة والبلديّات نهاد المشنوق يعني أنّ الأخير لن يكون في الحكومة المقبلة”.

وشدّد على أنّ “عمق العلاقة الوثيقة بين نادر ورئيس الحكومة يؤكّد أنّ التواصل لا يمكن ان ينقطع بين الرجلين، بيد ان تقاطع الظروف السّابق ذكرها والمآخذ الداخليّة والخارجيّة، ارتأت للاثنين السير بهذا القرار، وابتعاد نادر عن الصورة مؤقتّاً، اذ ان احتمال عودة الاخير جديّة في فترة قد تطول لكنه سيعود الى جانب سعد الحريري بـNew Look، نظراً للرابط القويّ بينهما والذي يبقى أعمق مما يتصوّره ايّ انسان”.

ريتا الجمّال

التعليقات مغلقة.