المقاومة والتحرير… بعد 18 سنة

من بين القضايا التي لم يعد يختلف عليها اللبنانيون هي قضية العداء لإسرائيل، التي تتربص بلبنان شرًّا ولا تترك فرصة سانحة إلّا وتظهر عداءها للبنان الموحد حول فكرة عدم إتاحة الفرصة لمحاولات إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل الخامس والعشرين من شهر أيار من العام 2000، وهي التي لم تتوقف يومًا واحدًا عن ممارسة غطرستها وخرق السيادة اللبنانية، جوًا وبحرًا وبرّا.

ولم تكفّ عن توجيه تهديداتها على لسان كبار قادتها، ومن بينهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي قال: “إن إسرائيل لم تعد تميّز بين “حزب الله” ولبنان. وأضاف أنه إذا ما اندلعت الحرب فإن الجيش الإسرائيلي سيستخدم كامل قوته لحسمها حتى لو اضطره ذلك لإدخال قوات برية واجتياح مناطق في لبنان. وهدّد بأنه إذا اضطر سكان تل أبيب لالتزام الملاجئ فسوف يعيش كل أهل بيروت في الملاجئ أيضا.

وما بين عام 2000 وعام 2018 قامت إسرائيل بأوسع إعتداء على لبنان في تموز الـ 2006، واستهدفت بناه التحتية بقصف جوي لم تسلم منه منطقة لبنانية، وبالأخص حنوب لبنان، ولم تستطع أن تتقدم برًا على رغم كل محاولاتها التي باءت بالفشل، وانتهت بهزيمة اعترف بنتائجها أركان العدو بأنفسهم.

وبغض النظر عن موقف القوى السياسية من “حزب الله”، خصوصًا في ضوء العقوبات الأميركية الأخيرة، التي لم تميز بين جناحيه السياسي والعسكري، فإن الحزب، وهو مكّون أساسي في التركيبة اللبنانية وفي الحياة السياسية، وقد حصد في الإنتخابات النيابية الأخيرة مقاعد جعلته أكثر من ذي قبل مشاركًا فاعلًا في موازين القوى الداخلية، على أهبة أن يدخل من جديد إلى الحكومة العتيدة بثلاثة وزراء، وهو لم يعد يكتفي بحقائب عادية بل يطالب بحقائب وزارية خدماتية.

فتطويق “حزب الله” بالعقوبات الأميركية لن يحول دون دخوله حكومة “الوحدة الوطنية”، التي يعتزم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلها، وهو الذي أبدى قبل الإنتخابات النيابية، إستعداده للبحث في الإستراتيجية الدفاعية على طاولة حوار سيدعو إليها رئيس الجمهورية، فور تشكيل الحكومة.

وما بين التحرير(2000) وحرب تموز (2006) والعقوبات الأميركية (2018) تحّول “حزب الله” من قوة محلية إلى قوة إقليمية من خلال إنخراطه بالحرب السورية وما حققه من خطوات ساهمت في تغيير قواعد اللعبة الأممية.

فما بين التحرير وإستمرار عمل المقاوم 18 سنة كانت حافلة بالتطورات الداخلية والإقليمية، ومن أهمها جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما تلاها من إنسحاب الجيش السوري من لبنان وإنقسام اللبنانيين عموديًا وأفقيًا بين 14 و8 آذار، وإنتخاب الرئيس ميشال عون رئيسًا للجمهورية.

بعد فراغ إستمر سنتين ونصف السنة، وهم على عتبة تشكيل حكومة العهد الثانية، مع ما تعنية بالمفهوم السياسي من توحيد القواسم المشتركة بين اللبنانيين وترك الأمور الخلافية إلى مراحل لاحقة، ريثما يبدأ العدّ العكسي لإستعادة لبنان بعضًا من عافيته الإقتصادية.

وللسنة الثامنة عشرة على التوالي يحتفل لبنان الرسمي بعيد التحرير، ويتذكر اللبنانيون

يوم 21 أيار 2000 حيث أعلنت كتيبتان تابعتان لميليشيا جيش لحد في القطاع الأوسط استسلامهما. ثم قام الأهالي باجتياح بشري مدعوم من مجموعات المقاومة الإسلامية لتحرير القرى، ولم تمنعهم الاعتداءات والقصف التي قام بها الجيش الإسرائيل من تحقيق ذلك.

وفي عودة إلى هذه الذكرى فقد بدأ التحرير من بلدة الغندورية باتجاه القنطرة حيث دخل اللبنانيون عبر مسيرة ضمت حوالي مئتي شخص يتقدمها عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائبان عبدالله قصير ونزيه منصور، ودخلوا إليها للمرة الأولى منذ سنة 1978. في وقت كانت ميليشيا جيش لحد قد انسحبت من مواقعها المتاخمة للبلدة. وكان ذلك مدخلاً لعودة الأهالي إلى البلدات الأخرى كالطيبة ودير سريان وعلمان وعدشيت.

وفي 22 ايار تم تحرير القرى التالية حولا ومركبا وبليدا وبني حيان وطلوسة وعديسة وبيت ياحون وكونين ورشاف ورب ثلاثين. وفي 23 أيار تحررت بلدات بنت جبيل وعيناتا ويارون والطيري وباقي القرى المجاورة.

اندريه قصاص

التعليقات مغلقة.