رئيس الجمهورية يريد حصةً في الحكومة.

رئيس الحكومة يريد حصةً في الحكومة.

“التيار الوطني الحر” والتكتل المنضوي معه يريدان حصةً في الحكومة.

حركة “أمل” تريد حصةً في الحكومة.

“حزب الله” يريد حصةً في الحكومة.

“تيار المردة” يريد حصةً في الحكومة.

“الحزب التقدمي الاشتراكي” و”اللقاء الديموقراطي” يريدان حصةً في الحكومة.

“حزب القوات اللبنانية” يريد حصةً في الحكومة.

“حزب الكتائب اللبنانية” يريد حصةً في الحكومة.

النواب السنّة من خارج “تيار المستقبل” يريدون حصةً في الحكومة.

“الحزب الديموقراطي اللبناني” و”تكتّله” يريدان حصةً في الحكومة.

هؤلاء، بالإضافة إلى أطراف ثانويين آخرين، هم الذين ستتألف منهم – مبدئياً – حكومة الوحدة الوطنية العتيدة، التي يعتبرها “العهد” حكومته الأولى، ليباشر عبرها مسيرة “الإصلاح والتغيير”.

هؤلاء الأطراف، بالإضافة إلى القوى الاعتراضية من خارج الطبقة السياسية الحاكمة، نالوا جميعهم في الانتخابات النيابية الأخيرة، نحواً من نصف عدد الناخبين المسجلين على لوائح الشطب الرسمية (49.20 في المئة).

هؤلاء جميعهم يمثّلون عملياً الناس الذين انتخبوهم.

هم عملياً، وتالياً، لا يمثّلون الذين لم يقترعوا، وقد بلغوا نسبة 50.80 في المئة من مجموع اللبنانيين.

سؤالي الاستطرادي الأول هو الآتي: هل يقبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والأطراف الممثلون في مجلس النواب الجديد، هل يقبلون باحتكار تمثيل كلّ اللبنانيين، إذا كانوا حقاً “توافقيين”؟

سؤالي الاستطرادي الثاني: بمَن يتمثّل اللبنانيون الذين لم يقترعوا، علماً أن هؤلاء يشكلون نسبةً لا يستهان بها من مجموع الناخبين: نحو نصف العدد تقريباً، بل أكثر بقليل؟

سؤالي الاستطرادي الثالث: هل حقاً تكون الحكومة العتيدة، حكومة الوحدة الوطنية المأمولة، إذا لم يؤخذ تمثيل هؤلاء الممتنعين عن التصويت في الاعتبار؟

من المؤكد أن المواطنين الذين لم يشاركوا في العملية الانتخابية، يتحمّلون مسؤولية عدم مشاركتهم فيها، أياً تكن الأسباب الماثلة وراء الامتناع عن التصويت.

لكنْ، أبعد من هذه الملاحظة، ماذا أريد، كمواطن، من هذا كلّه؟

لستُ من دعاة هذا النوع من الحكومات، لأنها تقوم على المحاصصة والتقاسم والتناهب والتواطؤ والتساكت والتغاضي، وتشلّ عمل مجلس النواب، وتمنع – عملانياً – النواب من ممارسة دورهم الجوهري في مراقبة عمل الحكومة، ومساءلتها، ومحاسبتها، وإسقاطها عندما تدعو الحاجة.

لكني أنطلق من “الأمر الواقع”، وهو “توافق” الأطراف على تأليف مثل هذه الحكومة، “حكومة الوحدة الوطنية”، لأدعو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، إلى أن يعملا على أن يتمثّل في هذه الحكومة العتيدة، هؤلاء الذين ليسوا أطرافاً في مجلس النوّاب المنتخَب، من أجل أن تكون حكومة الوحدة الوطنية اسماً على مسمّى، لا أن تكون حكومة نصف اللبنانيين فحسب.

… هذا، إذا كان رئيس البلاد، ورئيس الحكومة المكلّف، ومَن يلتفّ حولهما من الأطراف والحلفاء الموضوعيين، ومن الراغبين في الانضواء ضمن “حكومة الوحدة الوطنية”، يريدون حقاً حكومةً جامعةً مانعةً تُعلي شأن سيادة الدولة الوطنية على ذاتها، وترفع الضيم عن لبنان وعن اللبنانيين، وتحقّق الخير العام، وتخفّف الضرائب عن كاهل الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وتوقف الفساد، وتمنع الانهيار والإفلاس.

في غمرة هذا التصوّر الكابوسيّ للوضع الحكومي في لبنان، لستُ أدري لماذا تستولي عليَّ “الخفّة”، فتحضرني أغنية “لا تكذبي”، التي يؤديها “العندليب الأسمر”، عبد الحليم حافظ.

تيمّناً بعنوان هذه الأغنية العذبة الموجعة والحارقة، جلّ ما أطالب به الطبقة الحاكمة: لا تكذبي علينا. لا تكذبي!

عقل العويط

التعليقات مغلقة.