قد يكون الرابع من الشهر القادم عيد ميلادي الأخير الذي أمضيه وأنا في البيت الأبيض.. هذه هي الرسالة التي أرسلها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مناصريه على البريد الإلكتروني و مواقع التواصل الإجتماعي.
بلا شك فيها شيء من الإنهزامية لكن بلا شك أيضاً أنه ليس هذا هو الهدف منها. حملة أوباما تواجه وقتاً عصيباً خاصة بعد الخطوة الإستباقية التي فاجأه فيها خصمه. لم يكن لزيارة ميت رومني وتصاريحه وإستعراضه على حائط المبكى الوقع الطيب على لوائح القيمين على حملة أوباما الإنتخابية. صحيح أن الأخير كان قد بادل الإسرائيليين الكثير من الخطوات لكن أتت خطوة منافسه الجمهوري كالصاعقة على الواقع الإنتخابي حيث إن كسب اللوبي اليهودي عامل محوري في نتائج الإنتخابات
صحيح أنه ما زال هناك أكثر من مئة يوم على إجراء الإنتخابات لكن وطيس المعركة قد بلغ حده وقد أصبح واضح للعيان في مكاتب الرئيس الإنتخابية والحركة الدائمة لمساعديه. يروي مساعد سيد “الأبيض” في إجتماع جانبي مع وسائل الإعلام الأجنبية (منها بيروت أوبزرفر) أن طبيعة الحملات الإنتخابية السابقة بدأت تختلف عن حملة هذا العام، إذ أنه ولأول مرة أصبح للشأن السياسي الخارجي أثر أو تدخل في مسار الحملة و يعزو الرجل هذا التغيير إلى قوة تأثير شبكات التواصل الإجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وغيرها، ويؤكد أن أي من الحملتين لم يكن في حسابها هكذا عامل مؤثر غير أنه أوضح أن الصراع على كسب الصف اليهودي لا ينطوي تحت هذا العامل الجديد إذ لطالما كان من دعائم اللعبة التقليدية في الإنتخابات الرئاسية
هذا أبرز ما جاء في المختصر الأسبوعي لحملة أوباما.. أصبح لنا وزن ترجيحي هذا ما قلته لصديقنا الذي كنت قد ناقشته الأسبوع الماضي في الملف والتطورات السورية والذي يعمل كمساعد لأحد مستشاري أوباما في الشؤون الخارجية ومنها الشرق الأوسط..أومأ رأسه مبتسماً وهنا باغتّه بالقول: هل كانت صورة رومني قاتلة إلى هذا الحد ؟ أجاب : البعض أصيب بالهلع … لكن في رأيي الخاص لن تكون لمصلحته وهنا أظهرت اهتمامي البالغ لسماع نظريته
قال: كما تعلم أن اليهود في أميركا ليسوا بمعظمهم راضين عن السياسات التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية والمنحى الذي اتخذه رومني يشكل إنقلاب على مسار الإدارة الأميركية وسيشكل خطراً على السلم القومي وعلى مصالح الولايات المتحدة في الخارج في مرحلة حساسة جداً.. برأيي خطوة رومني ستحتسب ضده وسيؤخذ عليه التفريط بالأمن القومي مقابل مصالح إنتخابية
أما فيما يخص الشأن السوري فقد انتقدت الموقف الدولي الذي يحذر من مجازر يتم تحضيرها في حلب ويبقى متفرجاً عليها وشبهت الصورة بالأسلوب الترويجي الذي أوجده شركات الإنتاج في هوليوود وكأن المجتمع الدولي يروج لمجازر حرب (يحذر منها) عبر ومضات وتصريحات دون أن يتدخل سريعاً للحؤول دون حدوثها.. وتابعت: صحيح ما يقوله إخواننا الثوار في سوريا أن وراء الشعب الليبي أهراءات من النفط ووراء الشعب السوري مخزون من الدماء؟ نظر إلي بشيء من الإنزعاج وقال معترضاً : هذا تهكم مؤذ ولا يمت للحقيقة بصلة. هل كان هناك قاعدة روسية في ليبيا؟ هل تم مجابهة الجهد الدولي بفيتو واحد وإثنان وثلاثة؟ كنا لفعلنا ما فعلناه في ليبيا بالنفط أو من دونه! المشكلة في سورية تعلمها جيداً.. هناك الكثير من التعقيدات والإدارة (الأميركية) منكبة بكل ما أوتيت من قوة لإيجاد حل يضمن سلامة وحقوق الثوار، وأضاف: والتهكّم الأكبر من ذلك هو إتهام إدارة الرئيس أوباما بتأجيل سيناريو الحل لما بعد الإنتخابات وهذا حقيقة ما لا أفهمه أبداً. أقول لك بكل ثقة أن الرئيس أوباما هو بأحوج الظروف لمناصرة الديمقراطية وتسديد ضربة موجعة في الصميم الإيراني ولو أن الفرصة متاحة لأي تدخل ما لما فكر مرتين.. علينا دائماً أن نتذكر أن هناك تواجد عسكري روسي في سوريا و أي مغامرة قد يكون عواقبها مخيفة
وتابع: الموقع الجغرافي لسوريا وحده مخيف. حدودها مع إسرائيل و تركيا والعراق ولبنان وكل بلد له ملف خاص جداً. فعلى سبيل المثال عندكم في لبنان “ميليشيا” حزب الله. الحل في سوريا يجب أن يكون متواز لكن بالتأكيد هذا لا يعني أن الأسد أو أعوانه سيكون لهم أي وجود في المرحلة المقبلة. المشكلة الكبرى أن المعارضة نفسها في إنقسام عامودي وهذا ما قد يسبب خطورة أكبر في أي مرحلة إنتقالية. وعن دور لمناف طلاس في المرحلة المقبلة قال: لم يستطع العميد طلاس أن يسوق نفسه حتى الآن ربما قد يتمكن من ذلك لاحقاً لكن حتى الآن لم يتضح أي دور لطلاس مع العلم أن هناك بعض الدول الإقليمية والتي تعتبرها الولايات المتحدة شريكة له تسوق وتعول على إمكانية أن يلعب دوراً مهم في الفترة القادمة. قاطعته مستطرداً: طبعاً تعني السعودية وقطر وهنا فاجأني قائلاً: ليس بالضرورة، السعودية نعم لكن قطر يبدو أن هناك بعض الإشكاليات.. ورفض هنا الغوص بالتفاصيل حتى لا يستبق الأمور
وانتهى حوارنا بعدما حدد خصائص المرحلة الحالية/المقبلة: النهاية باتت قريبة، وقريبة جداً. الإستعجال الآن في حسم الأمور يصب في مصلحة الأسد ونظامه فقط، وعلى الديكتاتور السوري أن يعي أنه لم يعد حتى يملك خيار المفاوضات التي تجري عليه الآن وليس معه
التعليقات مغلقة.