وزير اماراتي : لا يراعي مصالح اللبنانيين

وزيرا الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد والسعودي عادل الجبير

لم يلتزم لبنان بالاجماع العربي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في #القاهرة، وأطل وزير الخارجية جبران باسيل بمواقف داعمة للسعودية تدين الاعتداء على سفارتها وتؤكد سيادة أي دولة عربية، لكنه امتنع عن التصويت على البيان الختامي، لأنه “ذكر اسم حزب الله وربطه بأعمال ارهابية”. هذا الموقف أدى إلى انقسام بين معارض ومؤيد للموقف وفقاً للاصطفافات التقليدية في الساحة الداخلية.

وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي أنور قرقاش

باسيل كسب نقطة قوة من رئيس الحكومة تمام سلام الذي وصف الموقف بـ”الممتاز”، لكن الرئيس سعد #الحريري شدد على أن “موقف #باسيل استرضاء لإيران وإساءة لتاريخ لبنان مع أشقائه العرب”، فيما اتفق النائبان وليد جنبلاط وطلال ارسلان على “تفهم موقف باسيل”.

خديعة العرب

وضمن ردود الفعل على موقف لبنان في الجامعة العربية، لفتت اليوم تغريدة وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي أنور قرقاش عبر “تويتر” وفيها ان “موقف لبنان مؤسف، هو ينأي بنفسه حين يريد “حزب الله” ولا يراعي موقع لبنان العربي ومصالح اللبنانيين في الخليج”.

وسعودياً، أبدى مغردون سعوديون على “تويتر” امتعاضهم من الموقف اللبناني، خصوصاً أنه جاء في ظل التوتر الحاد بين السعودية وإيران، لكن الادارة في الرياض تدرك تماماً حساسية الموقف اللبناني، “إلا أن لهذا التفهم حدودًا” وفق ما يقول المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل الذي يُعتبر من قدامى متابعي الحال اللبنانية وتشعباتها.

ويعلّق الدخيل لـ”النهار” على موقف باسيل الرافض لاعتبار “حزب الله” ارهابياً بالقول: “الحكومة اللبنانية والدول العربيةخُدعت بسهولة بحكاية المقاومة، وقبلت بفكرة وجود “حزب الله” على اعتباره حركة مقاومة، ولم ينتبه أحد، إلا مؤخراً، أن فكرة الميليشيا مهما كان المبرر من ورائها، هي فكرة نقيضة للدولة وسيادتها، ولحقّها في احتكار السلاح وكل أدوات العنف والمقاومة”.

ويلاحظ أن “الاشكالية عند الوزير باسيل وكثير من الافرقاء اللبنانيين الذين يتعاطفون مع حزب الله انهم ليسوا على استعداد لإدراك حقيقة الحزب بأنه كيان منفصل عن الدولة اللبنانية، وحتى لو افترضنا جدلاً انه “حركة مقاومة” فإن طبيعتها طائفية وقيادتها وكوادرها تمثل طائفة واحدة من لبنان والقيادة دينية والمرجعية دينية طائفية من خارج البلد وتقع في ايران، وحتى لو افترضنا انه مقاومة فهو ليس جزءاً من الدولة اللبنانية، سياسياً وفكرياً وايديولوجياً”.

مقاومة وطنية

ويشدد الدخيل على أن “حزب الله كان حزبا لبنانياً، لكن الآن له دور اقليمي تجاوز دوره في لبنان، وامتد إلى سوريا والعراق واليمن، وعندما يتم السكوت على حزب الله في لبنان، فلا يحق للساكت ان يتكلم عن ميليشيات في دول أخرى، وهذه يجب أن يأخذها اللبنانيون في الاعتبار”، ويضيف: “إذا كان اللبنانيون يريدون حركة مقاومة، فلتكن وطنية وغير مرتبطة بأي جهة خارجية، لكن هل يقبل حزب الله بهذا الامر؟ بالتأكيد لا”، وعلى هذا الأساس لا يظن الدخيل أن “يكون هناك أي مخرج في المنطقة من دون وضع نهاية لتواجد الميليشيات في الدول العربية التي لم نعرفها قبل عام 1979، فقبل ذلك كانت هناك خلافات بين الدول ومن الممكن أن تتفاهم لحلها، لكن اليوم أدخلت علينا الميليشيات الطائفية”.

“المستقبل”: موقف شاذ

وبطبيعة الحال، هذا الموقف العربي الممتعض من موقف لبنان يجد صداه عند قوى “14 آذار”، فعضو كتلة “المستقبل” النائب أحمد فتفت يقول لـ”النهار”: “بصرف النظر إن كان موقف باسيل منسقاً مع سلام او لا، فهو موقف شاذ في تاريخ العلاقات اللبنانية العربية، فللمرة الأولى يحصل هذا الاجماع العربي من أيام الزعيم جمال عبد الناصر، وللمرة الأولى نرى هذا الاجماع العربي الكبير في دعم المملكة ضد العدوان الايراني وتوحيد الصف بمواجهة الهجمة الايرانية في المنطقة”، معتبراً أن “موقف وزير الخارجية لا يأخذ بالاعتبار إلا مصالح “حزب الله”، ويوحي وكأن الحزب يفرض هيمنته وسيطرته على كل القرارات الللبنانية الداخلية والخارجية، بصرف النظر عن مصالح الشعب اللبناني أكانت داخلية أو اقليمية، أو مصالح لبنانيين يعيشون في المملكة، او في علاقاتهم مع العالم العربي، فحتى العراق لم يأخذ مثل هذا الموقف”، مشدداً على أن “موقف باسيل لا يعبر ابداً عن طموحات اللبناني ومصالحه في المنطقة”.

لكن كيف يمكن اعتبار “حزب الله” ارهابياً وهو في الحكومة ومجلس النواب؟ يجيب فتفت: “كان بإمكان باسيل التصرّف مثل العراق، بالتصويت والاعلان في ما بعد بأنه لا يقبل بذلك أو ذاك”.

ويتفق الأمين العام لـ”الوطنيين الأحرار” الياس أبو عاصي مع فتفت، ويعتبر أن “موقف باسيل كان باتجاه واحد، فهو استند على البيان الوزاري وفكرة النأي بالنفس، وغاب عنه أن حزب الله منخرط في الحرب السورية ولديه نشاطات من اليمن إلى البحرين مرورا بالعراق، وكنا نتمنى أن يكون النأي بالنفس كليًّا، واليوم يساهم حزب الله في ما يحصل في مضايا والمدن الاخرى من تجويع للسكان”، وخلص إلى أن “موقف باسيل أقل ما يقال فيه انه غير موضوعي”.

وعن وجود الحزب في الحكومة والمجلس، يقول: “لسنا من نقول إنّه ارهابي بل الاعمال التي يقوم بها تلصق به هذه الصفات، وهو في الحكومة ومجلس النواب لكنه ينخرط أيضا في الأزمة السورية، فكيف يمكن فهم ذلك؟”

“القوات”: نحترم رأيه

منذ اعلان النيات بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، يحاول الأول أن يحفظ ماء الوجه بمواقف لا تعيد التوتر مع العونيين، ويقول عضو كتلة “القوات” النائب جوزف معلوف: “شئنا أم أبينا فإن الموقف من باسيل ورئيس الحكومة كان واضحاً لناحية التضامن التام مع السعودية، أولاً في رفض التعدّي على السفارة والقنصلية، وثانياً في احترام سيادة المملكة بعد تطبيق حكم الاعدام في حق 47 شخصا، وهذا ما يهمّنا أنه تم التضامن في الأمرين”.

ماذا عن رفض إلصاق “حزب الله” بالأعمال الارهابية؟ يجيب: “هناك خصوصيات نعيشها في لبنان وحوار قائم، وهناك سلم أهلي، وليس ضروريا ان نلتقي مع باسيل أو نوافق على ما فعل لكننا نحترم رأيه”.

التعليقات مغلقة.