«أريد أن أصير مثل كيم كردشيان؟».
تسألها زميلتها : «آه ومَن هي ؟».
تضحك الأولى بسخرية، «لا تعرفين كيم كردشيان !
إذاً لا تعرفين بالموضة».
ترتبك الأخرى وتقول : «لكني أعرف بيونسي».
تنظر إليها صديقتها بتودّد ثم تستكملان الحديث، كلّ عن الفنانة التي تعرفها.
«الرشاقة، الجسم المثالي، الثوب الجذاب، الطول»، هي الكلمات التي كنتُ أسمعها دون أن أتدخل في الحديث. هذه الكلمات التي يُصار أن تسمى معايير الجمال في أيامنا هذه. لكن كيف تحدد هذه المقاييس ومَن يحددها؟
استطاع الإعلام الذي تستخدمه الشخصيات الإعلامية كمنصة لها للتواصل مع «جماهيرهم» أن يقود حملة التأثير. وبات لكل جمهور اسم خاص فمشجّعو مايا دياب التحقوا بعائلة الفنانة عبر التسمية فيعرفون بـ «الديابرز» أما جمهور مغنية البوب الأميركية «لادي غاغا» فيُعرفون بالأشباح.
وإذا كانت حاجة الأفراد لإشباع رغبتهم للمعرفة تجعلهم أكثر اعتماداً على الإعلام فإنّ اللجوء إليه تعدّى المعرفة لتحقيق التماهي عبر الشروع في عملية الاستهلاك. وباعتبار الجسد هوية الإنسان التي تظهر إلى العلن، فهو تعدّى كونه الإطار الوظيفي للأعضاء ليصبح مسرحاً يعكس أداء الشخصية ومواصفاتها.
تراجع التأثير «الريهاني»
شعرها القصير البنفسجي، وغرّتها التي تلامس جبينها والحمرة البنية القاسية على شفتيها، هكذا كنت أتذكر سارة منذ ثلاث سنوات. لا تكاد تستطيع التمييز بينها وبين ريهانا سوى أنّها أقل سمرة من النجمة الأميركية .
تربّت سارة على صوت ريهانا منذ طفولتها وأدمنت على «فيديو كليباتها»، حتّى غدت أيقونتها التي تتمثل بها.
سارة، الشابة العشرينية، لم تعد ريهانا العربية. «كنت أظن أنّي إذا ارتديت مثل ريهانا سأكون أكثر جاذبية لكنّي فضلت الاستغناء عن ريهانا، لأنّني وببساطة كبرت واختلفت معايير الموضة بالنسبة لي»، تقول سارة.
تجد الشابة أن استغناءها عن التماهي مع ريهانا قد أعطاها متّسعاً من الوقت، لكنّه لم يكن سهلًا عليها على الإطلاق. «ربما لادي غاغا تمثلني اليوم، ولا حاجة لي لقضاء نصف وقتي تحت الشمس لأصير بلون ريهانا، لكنّي صرت مهتمّة جداً بتخفيض وزني».
غاب «التأثير الريهاني» عن سارة. تسمية هذا التأثير الذي استخدم في الإعلام الأميركي بعدما تحولت الكثير من الشابات إلى مقلدات لريهانا. غير أن سارة لم تنجُ ممّا سنسميه «التأثير الغاغوي» الذي جعلها مهووسة بتنحيف جسدها.
ليل واين قصة حب!
تختصر معايير الجمال بالنسبة لرولا بشكل مغني الراب الأمريكي ليل واين.
تبحث الشابة عن شبيه له يرتدي مثله ولديه جسد لا يختلف عنه كثيراً. تنكبّ رولا على مشاهدة الأفلام المصورة لليل واين على «يوتيوب»، وتتمنّى لو أن حبيباً على هيئة واين يسقط عليها من السماء.
«تعجبني كثيراً تقاطيع جسده تعكس لي القوة، كما حركاته التي أرى فيها انسيابية لا يتمتع بها أي رجل»، تقول رولا.
ترى هذه الفتاة أن الشاب الذي لا يرتدي مثل واين هو شاب «ديموديه»، لا يفهم في الموضة. تحاول رولا أن تبسّط عملية الشرح، فتبرّر تعلقها بهذا الفنان: «أغراني على الشاشة، فكيف لو قابلته في الواقع؟».
تخلّصت من عقدة بدانتها بفضل أديل
في بعض الأحيان تختلط معايير الجمال التي يسوق لها الأغلبية مع معايير أخرى اكتسبت جماليتها بفعل الشخصية.
تسترجع سارة أ. ذكرياتها في المدرسة عندما كانت ترى أن بدانتها هي السبب الأساسي لفقدانها ثقتها بنفسها. «كنت أكره جسدي كثيراً وأخشى الخروج مع الأصدقاء لأتجنّب استهزاءهم. بقيت على هذه الحالة إلى أن ظهرت المغنية أديل على المسرح، فتغيرت كل الاعتبارات».
رأت سارة أ. في أديل «القوة والجرأة اللتين كانت تفتقدهما». دفعها تأثرها إلى عدم الاكتفاء بصور «السيلفي» التي كانت تظهر وجهها فقط.
تقول: «لن يمنعني وزني الزائد من التقاط الصور. أحاول أن أرتدي مثل أديل كي أخبّئ عيوبي وبذلك تصير الصورة أجمل».
«مشروع ليلى» ولكن!
انكبّ نبيل على تجميع كلمات أغاني مشروع ليلى على هاتفه. يسمع كل أغنية ويقرأ كلماتها، كأنه يحفظ نشيداً. لديه «ببيرسنغ على أذنه اليسرى» وشعره طويل مثل بوب مارلي.
يقول نبيل: «تعجبني كلمات أغنيات مشروع ليلى وكذلك أداء حامد سنّو».
لم يكن يشعر هذا الشاب بأنه ينجرف الى تقليد حركات المغني. عشقه لهذه الفرقة وتماهيه معها سبّب له العديد من المشاكل مع المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه. «أعجبت بفتاة لكنّها لم تصدق بأنّني لست مثليًا، لأنّني متأثر بمشروع ليلى».
غير أن نبيل يرى أنّه لكي تكون «كوول» عليك أن تثبت ذلك ليس من خلال حياتك اليومية، ولكن من خلال اختيار الشخصيات التي تتأثّر بها.
لا يمكن حصر كل الشخصيات هنا. فهناك الكثير من الأسماء التي صارت هي دليلاً لماركات عالمية تروّج لها.
وفي أحيان كثير هي مرآة لعالم الموضة. مادونا في الثمانينيات قامت بثورة في عالم الموضة بارتداء كل ما هو فاضح. وكذلك فعل نجم الروك ألفيس بريسلي الذي أدخل تسريحة شعره الفريدة إلى عالم الشباب.
يزداد التأثر بالإعلام ونجومه حتى تكاد وجوه الناس وأشكالها تصير نسخاً من وجوه ناس الشاشة وأجسادهم. حالة الثلاثي «كردشيان» دليل على حالة الاستلاب لنجوم الإعلام. فهل تكفي نظرية الإشباع وحدها لتحليل هذه الظاهرة؟ أم أن نظرية الأنا السيكولوجية هي التي تجعلنا نبرز أنفسنا من خلال تجارب الآخرين؟
التعليقات مغلقة.