نتنياهو : بعض العرب حلفاء والخطر الأكبر من إيران و داعش

فلسطينيان يغادران مبنى قام مستوطنون باحتلاله في الخليل أمس

 

استغل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مشاركته في المؤتمر الاقتصادي العالمي، المنعقد في دافوس، ليدفع عن إسرائيل الاتهامات بأنها معزولة دولياً. كما حاول أن يقنع المشاركين الآخرين بأنه ليس عقبة أمام أي تطور سياسي.

وهكذا أشار في خطاب ألقاه وفي مقابلات صحافية عدة أجراها إلى أن المستوطنات لا تحتل إلا جزءاً يسيراً من الأرض، وبالوسع التباحث بشأنها، وأن من يمتنع عن التفاوض هم الفلسطينيون. وحاول التقرب من الموقف الدولي من إيران، بإبداء الأمل أن يكون مخطئاً في تقديراته بشأن فرص نجاح هذا الاتفاق. وأوضح أن إسرائيل باتت، في الشهور الأخيرة، أقرب ما يكون إلى التوصل لاتفاق بشأن حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في العقد المقبل.

وكان نتنياهو ابتدأ يومه في دافوس بلقاء كل من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري، وتباحث معهما بشأن مذكرة التفاهم التي يجري التفاوض عليها بين تل أبيب وواشنطن.

ومعروف أن الاتفاق تأخر بسبب المعركة التي خاضها نتنياهو في الكونغرس، والرأي العام الأميركي ضد إدارة الرئيس باراك أوباما بسبب موقفها من الاتفاق النووي مع إيران. وبحسب خبراء، فإن إدارة أوباما كانت على استعداد لأن تبدي سخاءً في التعاطي مع مطالب إسرائيل، لو أن المفاوضات أنجزت قبل الاتفاق النووي. لكن الوضع ليس كذلك بعد المعركة ونجاح أوباما في تمرير الاتفاق في الكونغرس.

وفي كل حال، فإن إسرائيل تطالب بمبالغ أكبر بكثير من تلك التي كانت تتلقاها من أميركا حتى الآن، وهو ما يجعل الاتفاق غير سهل البتة. وقد عرض نتنياهو أمام كيري شريطاً قال إنه يحوي أشكالاً من التحريض الفلسطيني الذي يُعتبر محفزاً على الإرهاب.

وفي كل حال، استغل نتنياهو مشاركته في جلسة منتدى دافوس التي أدارها الصحافي الأميركي فريد زكريا، بإعلان إيمانه أن إسرائيل وأميركا ستتوصلان في الشهور المقبلة إلى اتفاق إيجابي بشأن حجم المساعدات الأميركية للجيش الإسرائيلي في العقد المقبل. وأثنى على المساعدات الأميركية، مشيراً إلى أنها تغدو أكثر أهمية بعد الاتفاق النووي الذي زعم أن إيران في إطاره ستنال 100 مليار دولار ستستغلها في التسلح ودعم الإرهاب.

وفي المنتدى، طالب نتنياهو الدول الأوروبية بالتعامل مع إسرائيل بالطريقة التي تعاملها بها الدول العربية السنية، وخصوصاً دول الخليج، والتي وصفها بأنها أفضل من تلك التي تتلقاها من أوروبا. وقال لفريد زكريا إنه التقى في مستهل المؤتمر الدولي مع قادة الاتحاد الأوروبي، و «طلبت منهم أن تجسد سياسة الاتحاد المنطلقة من بروكسل، تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية، التغيير في السياسة العربية تجاه إسرائيل».

وحسب نتنياهو «هناك تغيير. كنا في الماضي نظن أننا إذا حللنا النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فإن هذا سيحل النزاعات الكبرى في المنطقة، ولكن كلما فكرت في ذلك أكثر، ربما أن الوضع معكوس بالتحديد. من الجائز أن علاقاتنا مع العالم العربي ستساعدنا في حل النزاع مع الفلسطينيين». وأضاف أن «السعودية، مثل كثيرين في العالم العربي، ترى في إسرائيل حليفاً، وليس خطراً».

وأضاف أن «الناس في إسرائيل الراغبين بحل، كما أريد، بين إسرائيل والفلسطينيين لا يريدون أن تغدو المنطقة مثل غزة. ليس بوسعنا حل مسألة الحدود والأمن من دون مفاوضات. ونحن لا نهرب من المفاوضات. (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن يرفض الدخول في مفاوضات، ويسير بطرق دولية ملتوية، وهذا ليس السبيل لحل المشكلة».

وزعم نتنياهو أن الدول الخليجية العربية ودولا أخرى في العالم العربي تتحد «لمواجهة الأخطار المشتركة، داعش وإيران». وأضاف أن هذه الدول «تفكر في مَن يمكنه مساعدتنا في هذه المعركة على مستقبلنا. وواضح أن إسرائيل والدول السنية ليست في جانبَين متعاديين».

وعندما سئل عن مكانة إسرائيل في العالم، قال إن «التغيير الأشد دراماتيكية في الآونة الأخيرة هو التغيير في العلاقات بيننا وبين جيراننا العرب، المعد لخلق شرق أوسط من دون إسلام متطرف».

وعندما سئل نتنياهو عن الانتقادات التي توجّه لتل أبيب بشأن امتلاكها سلاحاً نووياً، قال إن «إسرائيل لا تسعى لتدمير أي أحد. ليس هنا تطابق. زعماء إيران حتى اليوم، كما قبل الاتفاق، يتحدثون عن هدفهم تدمير إسرائيل وإزالتها عن وجه الأرض. وهم يقدمون مليارات الدولارات سنوياً لحزب الله، الذي يخطط لقصف مدن إسرائيل. إن الهدف هو تدمير الدولة اليهودية. إذا أزيلت الدعائم الإيرانية فإن حزب الله سوف ينهار».

وسأل زكريا نتنياهو عن الإرث الذي سيتركه بعده، وإن كان هذا لا يزال يحوي حل الدولتين، فقال: «دعنا نوضح الأمر. لم أنتهِ بعد.. مسؤوليتي الأولى هي ضمان أمن الدولة اليهودية الوحيدة. وإذا نظرت إلى الوراء، إلى إنشاء الدولة، كان لدينا بضعة آلاف من الناس. الآن نحن ثمانية ملايين، وإنتاجنا القومي ازداد. بنينا جيشاً يمكن أن يدافع عنّا، ويمكنه أن يفرض الاستقرار في حيّنا. وبودي ضمان مستقبل الشعب اليهودي وعرض سلام واستقرار في المنطقة. لقد رسّخنا الاقتصاد، وكان لي دور في ذلك».

وواصل نتنياهو كلامه الأيديولوجي، فأشار إلى أن «جيل والدي كان مسؤولاً عن استعادة ما فقدنا في الزمن القديم: دولتنا الخاصة. وجيلي مسؤول عن حماية ما تحقق. هكذا بوسعنا أيضاً أن نغير العالم». وأضاف أن «ما نفعله في إسرائيل هو أننا نغير العالم، في الطب، في الإعلام، في السايبر، في أمور كثيرة. وهذا قد يفيد جيراننا وسائر الإنسانية. فعل كل ذلك، وأنا ملزم بضمان أن يكون مستقبل الدولة اليهودية مأموناً. أود أن يذكروني كدرع إسرائيل. هذا يكفيني. درع إسرائيل».

وانتقل نتنياهو ليحمل على العالم، فقال إن «60 في المئة من قرارات هيئات الأمم المتحدة كانت ضد إسرائيل. باقي العالم 40 في المئة. سوريا، إيران، ليبيا وكل من تريد. إسرائيل هي الديموقراطية التي تعيش على نور حقوق الإنسان، وحسب معايير إنسانية. هذا ميل قائم في الأمم المتحدة، وللأسف أيضا في الاتحاد الأوروبي وفي محافل دولية أخرى. وبمعان معينة هذا يتفاقم فقط».

وقال إن «هذا يتناقض تماماً مع الميل في دول أصغر، الهند، الصين، روسيا، وتقريبا كل دول أفريقيا وأميركا اللاتينية أو في العالم العربي». وأوضح أن عنصر جذب هذه الدول هي «الاستخبارات الجيدة» التي تملكها إسرائيل و «استغلال الفرص المستقبلية». وتساءل: «أي البقر يدرّ أكبر كمية من الحليب؟ البقرة الإسرائيلية. كل شيء محوسب. في العام 2014 كان 10 في المئة من الاستثمارات الخاصة في حماية السايبر في العالم عندنا. في السنة الماضية هذا الرقم تضاعف. نحن قوة سايبرية عظمى».

ودعا نتنياهو العالم «للاتحاد» من أجل «تفكيك شبكات الإرهاب الإيرانية» ومراقبة مشروعها النووي في عهد ما بعد الاتفاق، «فإيران يمكنها العودة بعد 15 عاماً لتشغيل أجهزة الطرد المركزي. وقلقي وقلق آخرين في المنطقة هو أنه بعد فترة معينة، يمكن لإيران أن تجدد بحجم أكبر مشروعها النووي العسكري». وفي نظره، «ستواصل إيران إرسال الإرهابيين والجيوش السرية والعلنية إلى أرجاء الشرق الأوسط، وستتوفر لها الإمكانية لتخصيب اليورانيوم كما تريد». وقال «أتمنى ألا يصح كلامي، وان تغدو إيران معتدلة وتوقف اعتداءاتها. ولكن عندي شكوكا».

وحول تنظيم «داعش»، قال نتنياهو إن «أول شيء ينبغي فعله هو تدمير داعش، وهذا ممكن»، مشيراً إلى أن «بالوسع وقف تجارتهم بالنفط، واحتلال مراكز سيطرتهم. وبالمقابل، هناك خشية نتشارك فيها جميعاً، من انضمام فلسطينيين لداعش. هناك داعش في غزة. ونحن نحافظ حتى عبر موجة الإرهاب التي تصيبنا، على أن نسمح للفلسطينيين بالسقوط إلى داعش. بالتأكيد هناك مقاتلون لداعش من السويد أكثر من عرب إسرائيل»، ولذلك فإن «الخطر الأكبر يأتي من الدولتين الإسلاميتين، داعش وإيران. هما الطرفان الأشد خطورة في المنطقة. ينبغي لنا مواجهة ذلك بطريقتين مختلفتين. إذا توفرت الإرادة والاستراتيجيا يمكن وقف داعش قريبا».

التعليقات مغلقة.