ضمن برنامج محدود الابداع، ومشهود له بالغش المفضوح وفبركة المواضيع وردات الفعل لـ”فك شيفرة” بعضها لا أساس له من الصحة، وإنتاج مواقف حرجة متفق عليها مسبقاً ضمن صفقة بغية الضحك على المشاهد، وبعد سيل من الانتقادات للبرنامج والمحطة، يواصل تمام بليق صعوده هبوطاً، فبعد استضافته “بصارتين” تتنبئ إحداهن من أذنها، والأخرى بالحاسّة السادسة في حلقة كانت أشبه بمسرحية مصطنعة، وبعد وبعد! عاد بليق ليستقبل هذه المرة “نوح زعيتر”، من لا يعرف نوح زعيتر الذي تحّول من زارع للحشيشة إلى “رئيس للجمهورية”، لا بل قدوة يحتذي به الشعب اللبناني ويحاكي لسان حالهم!؟
“عاش عاش نوح زعيتر”! هكذا، حالة من العشق اللامتناهي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تجاه أحد “الطفار” من منطقة جرود الهرمل المطلوب قضائيا بمذكرات توقيف “لا تعد ولا تحصى”، بحسب اعترافه، بعد أن أدلى بتصريحات متناقضة ونارية أهمها مطالبته بتشريع الحشيشة، بل وإعطاءها للنواب في البرلمان وغيرها من الدرر التي وزعتها خلال الحلقة. هكذا سمح الإعلامي لنفسه بأن يستضيف على منبر “الجديد” ضمن حلقة “بلا تشفير” زعيم مافيا وواحداً من أكبر تاجر مخدرات، بحسب اعتراف بليق أيضاً، ليقاطعه زعيتر موضحاً: “انا أكبر مزارع حشيشة وأبيعها لكنني لست تاجر مخدرات”! والأمانة في النقل والتعريف ضرورية هنا، المسألة تتصل بالسمعة.
وعلى طريقة “كون متل” السائدة حالياً، غرّد أحدهم ساخراً على “تويتر”: بدك الناس تحبك… أسرق انهب اخطف اقتل، تاجر بالمخدرات، تعاطى حشش، تسلبط، طول شعرك احلق ذقنك حط جل البس جلد.. كون نوح زعيتر”، ليرد عليه آخر مغرداً: “بس بلبنان.. الاعلامي بيحاور مطلوب للعدالة عالشاشة وعلى عينك يا دولة وقد ذكرنا هذا المشهد بمقابلة ادمون ساسين مع فضل شاكر”.
محبو زعيتر بدورهم لم يقصروا، ردوا تغريداً “محبوب الجماهير الاول” بين ليلة وضحاها والذي أصبح شعاراً “من لبنان إلى العالم”، فقال أحدهم: على الأقل أشرف مِن مَن يسرقوننا ويتآمرون علينا، وأفعالهم الفاسدة يقومون بها في الظلمة.. تفووو عا هيك بلد دولة غنم بامتياز”، ليضيف آخر: “يمكن بتزرع حشيش بس في كتير ناس يساعدهم. المحبة من الله ساعد الناس قد ما فيك. الله يقويك”. وعن طلب تمام بليق من زعيتر بتسليم نفسه، قال أحد المغردين: “قبل ما تتشاطر وتطلب منو يسلّم حالة وتشاطر وطلُب هالشي من فضل شاكر”.
وبالعودة إلى التصريحات النارية للضيف – السكوب، فقد اقترح زعيتر ضمن الحلقة طريقة لانتخاب رئيس للجمهورية فوراً (على طريقة محشش يحكي) وهي “إدخال الحشيشة إلى مجلس النواب والوزراء، فينتخب رئيس فوراً”. فهل يسارع أي من السياسيين لتبني اقتراحه لكن هذه المرة بحجة انتخاب رئيس للجمهورية وانهاء حالة الفراغ؟!. ولا بد هنا من استحضار أن أول من سيدعم الإقتراح، ربما، رئيس “اللقاء الديمقراطي” وليد جنبلاط، الذي سبق أن أعلن على طريقته تبني تشريع زراعة الحشيش، ثم زاد منوهاً بزعيتر حين غرّد: “أقترح تعين نسيبي وقريبي نوح زعيتر من عشيرة آل زعيتر الكرام، قنصلاً فخرياً في كندا، ومهمته تسويق هذا المنتج اللبناني والبقاعي بإمتياز”.
“حلمي وأمنيتي أن يعفى عنّي قضائياً!” هذا ما تمناه زعيتر في نهاية الحلقة بعد أن شتم وهاجم وعارض، في تصريح متناقض، لمن لا يحترم دولته وقوانينها أن يطالبها بالعفو عنه؟!.
الأغرب أن وسائل إعلام أخرى ركبت موجة المحطة التلفزيونية، فذهبت إلى إستغلال الضجة التي رافقت ما بعد الحلقة، غير آبهة بنقد الإخلال في احترام معايير المهنة الإعلامية والمبادئ الأساسية لها وقواعد السلوك في إنتاج حلقة ناجحة فكرياً ومتوازنة في عرض المشكلة أو المشهد وتقديم الحلول. فحلقة نوح زعيتر هي عينة من الشواذ المتمادي بفعل إعلام همه الاول الـ”الرايت” وكسب التنافس ولو لليلة واحدة، وهي ليست الاولى. من المثليين جنسياً الى الدعارة فالمشعوذين، ما زالت القضايا التي تناقش على بعض منابر القنوات الإعلامية تستخف بعقول المشاهدين وتهدف إلى تسلية مؤقتة مزيفة، بدلا من أن تكون منبراً لمناقشة قضايا سياسية واجتماعية وانسانية واقتصادية حساسة تهم الرأي العام وتقول كلمة حق في وجه الخطأ والظلم المتمادي في مجتمعنا، وهي للأسف كثيرة في مجتمعنا اللبناني والعربي. لكن إلى حين حدوث هذا الأمر، لا بد من القول فليسقط حكم الازعر وليسقط الإعلام المغشوش المبتور ولتسقط الدولة العاطلة والمتعطلة!
إذن، نجح تمام بليق في استقطاب الجمهور اللبناني الذي جلس متربصاً على الشاشة ليشاهد الحلقة مصفقاً في نهايتها، فكانت الحلقة بحق “حديث الناس”، ونجح زعيتر في أن يكون “نجم السهرة”.. لكن “لليلة واحدة لا أكثر”!
التعليقات مغلقة.