تعرّفوا إلى أحد مقاتلي حزب الله اليافعين

منذ أن اندلعت الحرب السّوريّة في آذار 2011، عرفت مشاركة قويّة من قبل “حزب الله” الذي عزّز وجوده هناك منذ العام 2013 لدعم النظام السوري.

تقدّر مصادر عسكريّة مقرّبة من “حزب الله” أنّ المجموعة المقاتلة نشرت ربّما 7,000 إلى 9,000 مقاتل في سوريا، خصوصاً في المناطق المحيطة بدمشق. وتجدر الإشارة إلى أنّ النّزاع الأهلي أسفر عن وقوع عدد كبير من الضّحايا في صفوف الحزب، مع استشهاد نحو 1,300 مقاتل في السّنوات الخمس الأخيرة”.

في أيار العام 2015، قال الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله في خطاب له، إنّ مقاتليه سيعزّزون وجودهم في سوريا. ومع المشاركة المتزايدة لمقاتلي الحزب على جبهات مختلفة من شمال سوريا إلى جنوبها، تعتمد المجموعة المقاتلة أكثر فأكثر على الشباب من وادي البقاع، في جنوب لبنان وبيروت، وفق ما أفادت المصادر العسكريّة التي اشترطت عدم الإفصاح عن هويّتها “المونيتور”.

وتؤكّد هذه المصادر أنّ “حزب الله يعتمد على المجنّدين اليافعين لعدّة أسباب، أوّلها أنّ الحزب يريد تركيز موارده كافّة على سوريا، ويريد الإبقاء على جزء من حرسه القديم لحماية الخطّ الأمامي في جنوب لبنان”.

وقد التقى “المونيتور” أحد مقاتلي الحزب اليافعين في البقاع، الذي قال إنّه يمضي حالياً إجازة قصيرة في لبنان قبل العودة إلى سوريا، وتحدّث تحت الاسم المستعار “أبو علي كربل”، إذ لا يُسمَح له بالتحدّث إلى الصّحافة.

وفي ما يلي نصّ المقابلة :

-كم تبلغ من العمر ومتى انضممت إلى “حزب الله”؟

كربل: عمري 18 عاماً، والتحقت بالحزب منذ سنة ونصف.

– لماذا رغبت في الإنضمام إلى الحزب؟

كربل: لإعلان الجهاد في سوريا. واجبي الدّيني يحتّم عليّ القتال هناك. هذا واجب كلّ مسلم. وهو سيضمن أيضاً خلاصي بعد موتي.

– لماذا تريد إعلان الجهاد؟

كربل: لطالما كنت متديّناً في طفولتي، اعتدت الذّهاب إلى المجلس الدّيني (دروس دينيّة في المسجد)، حيث كانوا يشرحون لنا واجبات المسلم الصّالح. أعتقد أنّني أصبحت مستعداً لمواجهة الموت منذ فترة طويلة، وعندما اندلعت الحرب في سوريا، كان واضحاً بالنّسبة إليّ أنّها حرب الخير ضدّ الشّرّ. كان التّكفيريّون في سوريا يهاجمون مقدّساتنا، التي تشكّل أكثر الأماكن قدسيّة بالنّسبة إلينا، كمقام السيدة زينب، أحد مواقع الحجّ. ولا يمكننا السّماح بحدوث ذلك.

-هل أخبرت والديك أنّك ترغب في الذّهاب للقتال في سوريا؟ وهل وافقا على أن يصبح ابنهما مجاهداً؟

كربل: كلا، لم أخبرهما في البداية ولم أطلب إذنهما. وقد عارضا فكرة ذهابي للقتال في سوريا عندما اكتشفا أنّني أتدرّب للحرب في سوريا.

– هل يقاتل عدد كبير من أصدقائك في سوريا؟ وهل تشجّع من ليس مشاركاً من بينهم على الانضمام إلى الحرب هناك؟

كربل: أجل، يشارك عدد كبير من أصدقائي في الحرب هناك. في الواقع، هناك عشرات من المقاتلين من كلّ قرية. وأنا أشجّع أصدقائي على القتال في سوريا؛ فهذا واجبهم كمسلمين. لكن ليس من الضّروري أن يأخذ الجهاد شكلاً عسكريًا؛ فهناك أيضًا “جهاد النفس”. وبعض الأشخاص يمكنهم ممارسة هذا النّوع من الجهاد فقط. مثلاً إذا كنت تعيش في الخارج ولا يمكنك القتال، بإمكانك إرسال المال أو المساعدات للمقاومة.

– ما نوع التّدريب الذي تلقّيته في حزب الله؟

كربل: نحن نخضع لثلاثة أنواع من التّدريب. الأوّل تدريب ديني، فيعلّموننا عن الجهاد وعن الهدف من الحرب في سوريا، وهو حماية أماكننا المقدّسة. يعلّموننا أيضًا معاملة السّجناء معاملة حسنة، وتجنّب تعذيبهم وعدم انتهاك حرمة جثث أعدائنا، فديانتنا لا تجيز ذلك. والتّدريب الثّاني يدوم 45 يوماً ويقوم على تدريب بدني، يعلّموننا في خلاله تقنيّات القتال فضلاً عن استعمال الأسلحة، مثل الكلاشنيكوف، والبي كاي سي، والدراغونوف وما يعادل الآر بي جي، إلى جانب أسلحة أخرى. أمّا الجزء الثّالث من تدريبنا فيشمل فترات قصيرة من الانتشار في سوريا.

– كيف تعاملون مقاتلي المعارضة السّوريّة عندما تأخذونهم كسجناء؟

كربل: نسلّمهم للجيش السّوري.

– أين كانت نقطة تمركزك؟ وأين ستكون النّقطة التالية؟

كربل: كنت في منطقة الزبداني. لكن لا يمكنني الإفصاح عن نقطة تواجدي التالية.

-ما الدّور الذي تقوم به حالياً؟

كربل: أنا أشارك في المعارك بصورة متقطّعة، لكنّ دوري الرّئيسي هو تتبّع وحداتي والحرص على أنّه يجري تزويدها بالأسلحة كما يجب.

– ما هو حجم وحدتك؟

كربل: هي مؤلّفة من 1,200 رجل.

– هل جميع الأشخاص في وحدتك من اللّبنانيّين أو السّوريّين، أم إنّها تشمل فصائل أخرى من دول أخرى؟

كربل: أتحفّظ في الإجابة على هذا السّؤال.

– ما دور “حزب الله” في هذه الوحدة؟

كربل: حزب الله يدير العمليّات العسكريّة ويقودها؛ نحن ننجز معظم العمل أثناء المعارك. ويمكن القول إنّ السّوريّين هم إلى حدّ ما جهاز تحديد المواقع الخاصّ بنا. فهم يزوّدوننا بمعلومات عن المنطقة، والطّوبوغرافيا الخاصّة بها والناس الذين يعيشون فيها. وهم يقاتلون أيضًا بأوامر من حزب الله.

– هل تثق بالسّوريّين الذين يعملون معك؟

كربل: لا شكّ في أنّ التّعاون قد تحسّن، لكنّنا نجد عملاء مزدوجين بين الحين والآخر. نحن لا نثق بهم ثقة عمياء.

-ما هو الدّور الذي يؤدّيه الإيرانيّون في هذه المعارك؟ هل تفاعلت مع عدد كبير من الإيرانيّين؟

كربل: شخصياً لا. أعلم أنّهم يؤدّون دوراً على مستوى أعلى؛ ويشاركون أيضاً في اللوجستيّات، بخاصّة في الحقل الطّبّي. لديهم أطباء مذهلون أنقذوا حياة الكثيرين.

– عندما يتحدّث حزب الله عن سوريا، يقول إنّ الثوار يتألّفون بمعظمهم من المقاتلين الأجانب. ما عدد المقاتلين الأجانب الذين صادفتهم في المعارك؟

كربل: عددهم قليل جداً. هناك بعض الأجانب، لكنّ معظم المقاتلين هم من السّوريّين.

– في الزبداني، حيث كنت سابقاً، ينتمي معظم المقاتلين إلى أحرار الشام، وهي فصيلة مسلمة سوريّة. ألا تجد مشكلة في قتال إخوانك المسلمين؟ هل فكّرت يوماً أنّ هؤلاء المقاتلين قد يكون لديهم شكاوى مبرّرة ضدّ نظام الرّئيس الأسد؟

كربل: كلا، إنّ الذين نقاتلهم ليسوا مسلمين حقيقيّين. لا يمكنك أن تكون مسلماً وتحاول حرق موقع ديني لمسلم آخر. هم يحملون شهادة الإسلام، “لا إله إلا الله”، ويحرقون مساجدنا. هذا ليس عمل شخص مسلم. في المعارك، تطلق النار عليهم لكنّهم يواصلون التقدّم؛ هم تحت تأثير المخدّرات. إضافة إلى ذلك، أنا لا أفهم شكاواهم؛ فالرّئيس الأسد رجل طيب جداً وعادل. لقد قدّم لشعبه تعليماً مجانياً ورعاية صحيّة مجانية – ماذا يريدون بعد؟

– هل تعتقد أنّ مهمّتكم هي حماية الأماكن الشّيعيّة المقدّسة أم دعم نظام الرّئيس الأسد؟

كربل: لو أراد الرّئيس الأسد قهر التمرّد، لأمكنه القضاء عليهم بمفرده. لكنّه يحاول القيام بالصواب. هناك خطّة دوليّة للإطاحة بالأسد لأنّه رجل طيّب، ولأنّهم يريدون تدمير محور حزب الله- إيران، لكنّنا نحول دون حصول ذلك.

-ماذا يحدث عندما تعود إلى لبنان، والأهمّ من ذلك، هل ستعود إلى سوريا للقتال؟

كربل: عندما أكون في لبنان، أعود إلى حياتي الطّبيعيّة في وقت إجازتي. أرى عائلتي، أخرج مع أصدقائي. لكن عليّ العودة. … بالإضافة إلى ذلك، ما يحدث في سوريا اليوم تكرار لما حدث منذ أكثر من 1,000 عام في معركة كربلاء، التي انتهت بمقتل [الإمام] الحسين، حفيد النبي محمد. قُتِل الإمام الحسين على يد الخليفة الأموي، ما سبّب الانقسام بين السّنّة والشّيعة. ونحن لن نسمح بحدوث ذلك مرّة أخرى.

التعليقات مغلقة.