“لن أتراجع ولن أسكت حتى يعلم الجميع أن قضيتي محقة، ويجب أن ينال المخطئ والمستهتر العقاب الذي يستحقه، بعدما ظهر جلياً مدى الاستهتار الأخلاقي والإداري في بعض المؤسسات التربوية، التي من المفترض أن تنطلق من تعليم الأخلاق قبل تعليم الحرف”. بهذه الكلمات إختصر اتحاد حمادة، والد الطفلة مريم (12 عاما) معاناته مع إدارة “ثانوية الهرمل النموذجية” الرسمية، بعدما أصيبت أبنته بنزيف حاد إثر تعرضها للدفع من قبل أحد المدرسين.
تروي مريم تفاصيل الحادثة التي حصلت معها، وتشرح أنها غادرت مقعدها أثناء الحصة الدراسية من دون الحصول على إذن، واتجهت نحو طاولة الأستاذ م. الغضبان بهدف الحصول على منديل، وعند وصولها دفعها المُدرس بقوة طالباً منها الخروج من الصف، فاصطدمت خاصرتها بطاولة مجاورة ووقعت على الأرض.
وتوضح أنها عندما حاولت النهوض شعرت بألم حاد في بطنها، فتوجهت إلى غرفة الناظر م. الخطيب لتقص عليه ما جرى، فما كان منه إلا أن رد عليها بالصراخ متهماً إياها بالكذب، تاركاً إياها خارج الصف بحالة إعياء شديد.
وتتابع مريم: “بعد فترة قصيرة أصبت بنزيف حاد (نسائي) وشعرت بدوخة وإنهيار، فقام بعض الطلاب بإبلاغ الناظرة ف. الجوهري بحالتي الصحية، لكنها لم تكترث بل طلبت مني الإنتظار داخل الصف، عندها إتصلتُ بوالدتي لتأخذني إلى المنزل بداعي المرض”.
وتضيف: “طيلة فترة الإنتظار التي تجاوزت الساعة، كانت حالتي الصحية تزداد سوءاً، إلى حين وصول والدتي ونقلي إلى المستشفى حيث كنت بحالة صحية سيئة جداً”.
تقول والدة مريم، إنها نقلت أبنتها إلى مستشفى “البتول” في الهرمل بحالة إنهيار تام”، وتشير إلى أن “إدارة المدرسة لم تحاول الإستفسار عن حالة مريم الصحية نهائياً، كما لو أنها ليست إحدى الطالبات لديهم، لقد تجاهلوا الأمر وكأن شيئا لم يكن”.
أما الوالد فيتهم إدارة المدرسة بالتقصير وعدم تحمل المسؤولية، خاصة في موضوع إهمال أبنته وعدم إسعافها على الرغم من حالتها الصحية السيئة.
ويضيف حمادة أن “إدارة المدرسة وخاصة مديرها ح. المقهور حاولوا التهرب من المسؤولية من خلال إتهامنا بالتهجم على بعض أفراد الهيئة التعليمية، لكن الحقيقة هي غير ذلك وما حصل كان رد فعل من أبني عندما ذهبنا إلى المدرسة أنا وزوجتي بعد ثلاثة أيام من دخول مريم إلى المستشفى للإستفسار عن الموضوع وتقديم شكوى إلى الإدارة، وعند مواجهة الناظر م. الخطيب، لم يكترث للأمر وحاول حصر الموضوع في إطار صحي عادي لا تتحمل المدرسة مسؤوليته”.
يتابع: “عندها صرخ أبني محدثاً ضجة كبيرة في المدرسة، حينها ضربته وطردته إلى المنزل وهذا ما كان، لكن الإدارة تحاول إستغلال هذا الأمر للتهرب من التقصير والخطأ الذي حصل مع أبنتي مريم”.
ويشير حمادة إلى أن “مدير التعليم الثانوي محي الدين كشلي كلف مدير المدرسة إجراء تحقيق بالحادثة”، مستغرباً كيف يكلف من هو متهم بإجراء التحقيق، وتمنى “إعادة النظر بهذا القرار وتكليف لجنة محايدة للتحقيق بالحادثة”.
ويؤكد والد الطفلة مريم أنه إدعى على إدارة المدرسة طالباً تحديد المسؤولية للتقصير في إسعاف ابنته في الوقت المناسب، ويتابع “سامحت الأستاذ غضبان نظراً للأخلاق العالية التي يتمتع بها وقيامه بزيارة منزلنا مع ذويه بعد الحادثة مباشرة، واطمئنانهم على صحة إبنتي”.
ويلفت الإنتباه إلى أنه يضع قضية أبنته “برسم كل المعنيين الذين يهمهم قول كلمة الحق على سبيل الأمانة، عل هذه الحادثة تكون عبرة للمستقبل”.
وفي إطار الأخذ والرد وإختلاف وجهات النظر بين إدارة المدرسة وذوي الطالبة، فتح مخفر درك الهرمل تحقيقاً بالحادثة بناء على إشارة النائب العام في بعلبك الهرمل القاضي كمال المقداد.
الى ذلك، رفض مدير المدرسة ح. المقهور التحدث حول هذا القضية، لافتاً الإنتباه إلى أن هذه الحادثة أصبحت في عهدة وزارة التربية ومدير التعليم الثانوي.
وأوضحت مصادر مديرية التعليم الثانوي لـ”السفير” أن القضية تتابع بكل جدية بتوجيهات من وزير التربية الياس بو صعب، وأن المديرية طلبت تقريراً من المدير وليس تحقيقاً للإطلاع على الملف، ومن ثم مباشرة التحقيق في المديرية. وأنه في حال تأخر المدير عن إرسال التقرير اليوم (الخميس) سيتم إتخاذ خطوات آخرى، ومحاسبة المدير.
ونفت أن يكون الأهل أو الأستاذ أو المدير قد أتصلوا بالمديرية وأبلغوها بالحادث، مشيرة، إلى أنها فور علمها طلبت تقرير المدير، وتقريراً من الأهل إذا لم يتستطيعوا الحضور إلى بيروت، مرفقاً بتقرير من المستشفى عن حال مريم، إضافة إلى كلفة العلاج، خصوصاً أن المديرية سبق وطلبت من المدير القيام بالواجب فور تبلغها بالحادث، ولم يمتثل.
وأكدت المصادر أنها لن تترك الحادثة تمر مرور الكرام، خصوصاً لجهة الإهمال في معالجة تلميذة، إحتاجت الدخول إلى المستشفى لأي سبب، وكانت في مدرستها، إضافة إلى أنه ستتم معاقبة المدير للتصريح الذي أدلى به من دون إذن.
التعليقات مغلقة.