معضلة حزب الله الكبرى

 

إستطاع “حزب الله” منذ مشاركته الأولى في الحرب السورية تقنين مساهمته العددية وتنظيمها، وأتقن توزيع قوته بشكل لا يؤثّر فعلياً على عديده، ولا يشكّل له أي عامل من عوامل الإستنزاف، فكان ثابته الوحيد أن تبقى الجبهة الجنوبية مكتفية عددياً.

نجحت إستراتيجية الحزب في خوض المعارك الهجومية بالعناصر النخبوية بشكل الكامل في التخفيف من عدد “شهدائه” إلى حدّ كبير، الأمر الذي أراحه في السنوات الثلاثة الماضية وجعل قيادته مطمئنة لقدرتها على الخوض في الميدان السوري لسنوات عديدة من دون تآكل قدرة الحزب الديموغرافية. لكن التدخل الروسي، وتوسّع رقعة مشاركة الحزب الفاعلة أظهر مشكلة حقيقية بدأ المعنيون بالحزب يبحثون في كيفية حلّها.

إزداد عدد جرحى الحزب بشكل لافت منذ التدخل الجوي الروسي، من دون ظهور زيادة فعلية بعدد “الشهداء”، لكن الزيادة التي بلغت المئات منذ شهرين رفعت مستوى القلق لدى قيادة الحزب من إستمرار الحرب السورية بنفس الوتيرة لفترة طويلة مقبلة. إذ إن نسبة لا بأس بها من الجرحى أصبحت مشاركتهم بأي معركة شبه مستحيلة وتالياً فهم في عداد القتلى في الحسابات الميدانية والعسكرية، أضف إلى ذلك المشكلة اللوجستية التي قد يعاني منها الحزب بالنسبة للمستشفيات في لبنان، إذ إنه ورغم تخصيص مستشفى الرسول الأعظم بالكامل لعلاج جرحاه دون سواهم، إلا أنه لا يزال ينقل كثراً من الجرحى إلى مستشفيات أخرى مع تزايد عددهم.

أسباب إزديات جرحى الحزب، وفق مصادر ميدانية، تعود بشكل أساسي إلى عدم معرفة المقاتلين بالجغرافية السورية الأمر الذي يؤدي بهم في الكثير من الأوقات إلى مناطق مكشوفة حيث يتم إستهدافهم بصواريخ موجهة او بقذائف هاون مما يؤدي إلى عدد كبير من الجرحى وأعداد قليلة من القتلى، وأيضاً مشكلة “الثقة” التي يعاني منها عناصر الحزب تجاه عناصر الجيش السوري، والعكس صحيح.

في مقابل كل ذلك، ترى أوساط قريبة من الحزب أن مشكلة الجرحى ليست بهذا الحجم الخطير الذي يحاول البعض وضعها في إطاره، “الحزب يخوض حرباً كبيرة على مختلف الأراضي السورية، مما يجعل تكبده خسائر بشرية أمراً طبيعياً خاصةً أن مساهمة الحزب في العمليات الهجومية حاسمة”.

وتؤكد الأوساط أن الحديث عن مشكلة عددية في الحزب أمر مضحك إلى حدّ ما، رغم عدم نفيّها بوادر أزمة لوجستية، “إذ إن عملية الإستقطاب التي يقوم بها الحزب هائلة جداً من إندلاع معركته الأولى في سوريا، وتالياً فإن نمو الحزب عددياً مستمر خاصة أن مشاركة بعض العناصر في الحرب السورية لا يحتاج إلى الكثير من الجهد الإستخباري قبل القبول بدخولهم إلى الجسم الحزبي العسكري لأسباب كثيرة تختلف عن الحرب المستمرة مع إسرائيل”.

التعليقات مغلقة.