لا تزال الاكثرية الساحقة من اللبنانيين تدهش العالم، فمنذ تصدير الابجدية وصولا الى النفايات وما بينهما من معادلات مدهشة، يلوذ سكان الكرة الارضية بالصمت إزاء انجازات ابناء الارز.
هو الشعب الذي لم تكسره العواصف والحروب والاجتياحات والاحتلالات والانتدابات المتعاقبة، لا يتغير ثابت في مكانه ثبات السنديان وجبال صنين والباروك والمكمل، ولا يتطور ولا يتعلم من الدروس فالتاريخ لا يعيد نفسه في حساباته وان اعاد فانهر الدماء جاهزة كرمى ثروة الزعيم.
غريب امره، لا يكترث باحواله ولا بايامه، وجوده من وجود ملهمه والملهمون كثر، لا يمكن لاكثرية كبيرة من اللبنانيين تخيل انفسهم من دون مدبر أمور، ويشبهون في ذلك الاطفال الذين يخشوت النوم بعيدا عن والديهم.
اللبناني، كامل الاوصاف ينظر الى الشعوب الاخرى بفوقية باستثناء الغرب طبعا، يعتبر نفسه اعلى شأنا واكبر مقاما واكثر انفتاحا وأشد بأسا، لكن كل ذلك لا يمنع عنه الإذلال والاهانة من قبل حكامه ولكن كما يقال في العامية ضرب الحبيب زبيب.
ثائر بطبعه ولكن حسب مزاجية قادته يمضي ليلته على مواقع التواصل الاجتماعي بعد التطور التكنولوجي، يشتم الزعيم فلان والرئيس علان المغضوب عليهم من قبل من يمثله ثم يذهب الى الفراش ويستيقظ في اليوم التالي متأخرا، فيجد ان المتخاصمين تصالحوا دون حتى ان يقيموا وزنا له ولشقائه على الشبكة العنكبوتية، ولكنه سرعان ما يجد دورا له في المصالحات فيبادر الى الترحيب والتهليل وفجأة يصبح محللا سياسيا يحلل التبعات والابعاد والتداعيات ويخرج بالنظرية القائلة، المهم تنفيس غضب الشارع، دون ان يكلف نفسه عناء السؤال من أجج الشارع في الأساس؟.
كيف لا يدهش اللبنانيون العالم، وقضية ميشال سماحة مثلا قسمتهم الى فريقين، فالرجل ورغم استدراجه الى الترويج لفاكهة الصبير من دون ان يكون حائز على ترخيص من وزارة الصحة، وتغاضيه في الوقت نفسه عن تحذير الراغبين بتناوله من الشوك الموجود، الا ان هناك من لا يزال حتى اليوم يعتبره مرتكبا ومدانا يستحق اقسى العقوبة بينما يتمسك اخرون ببرائته وينشأون له صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
الكهرباء التي تعتبر الى جانب النفايات من المواضيع التي حملت لبنان الى العالمية، للبنانيين قصة طويلة معها فرغم غيابها بشكل شبه كامل على مدار اليوم، يسرق خبر يتم تعميمه ويفيد بانقطاع الكهرباء في مجمل المناطق بسبب عطل حاصل، يسرق سهرات اللبنانيين الذين يبادرون الى استعراض الاسباب ومناقشة الحلول وطرح اسئلة حول كيف ستكون حياتهم بظل هذه الاعطال.
بين اللبناني وصفيحة البنزين قصة من نوع آخر، تدهش وترعب العالم في آن، فالإنتخابات النيابية بالنسبة إلى كثيرين لا تعدو عن كونها فرصة ذهبية للحصول على صفيحة بنزين مقابل التصويت، وهناك من تفتق ذهنه أكثر فأصبح يمارس لعبة الإبتزاز الذكية، ينتظر لأخر ساعة خصوصا اذا كان صوته مطلوب بفعل التنافس الحامي، ثم يفتتح عروض المناقصات فمن يدري من الممكن ان يحصل على صفيحتين مقابل صوت واحد، ثم تمر الأيام ويصبح أغلى بنزين في العالم موجود في لبنان، فيكبت اللبناني غضبه ولا يشكو همومه إلا لزوجته أو أحد ابنائه، أما إذا تسنى له لقاء زعيمه الذي صوت على قرار رفع الاسعار، فبكل تأكيد يوجه إليه الشكر لعمله الدؤوب على محاولة انقاذ البلد من الإفلاس.
هذا غيض من فيض أعمال اللبنانيين التي تدهش العالم، وبلا ادنى شك ولأننا شعب خلاق، نرث التبعية ونورثها، لم ولن نترك الفرصة للشعوب الأخرى كي تنافسنا في يوم من الأيام.
التعليقات مغلقة.