بعد أقلّ من أسبوع على إيقاف المملكة العربية السعودية هبتها للجيش اللبناني، خرجَ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري انصاري ليعلن أنّ بلاده تدرس مسألة إرسال أسلحة إلى لبنان. كذلك صدرت تقارير إعلاميّة تلمّحُ إلى أنّ إيران مستعدّة لتقديم 10 مليارات دولار إلى لبنان من أجل استخدامها لأغراض متنوّعة، لكن مخاوف من عدم قدرة إيران على توظيف ملياراتها سياسيًا كما حصل مع السعودية، يُمكن أن تعيق تقديم هذه المساعدة.
وبحسب معهد “ستراتفور” الإستخباراتي الأميركي، فليس من سبيل الصدفة أن يأتي البيان الإيراني مباشرةً بعد وقف السعودية مدّ لبنان بـ4 مليارات، في الوقت الذي يشهد فيه هذا البلد معركة سياسية بين القوى السنية والشيعية. ولفت إلى أنّ السعودية أدركت أنّها لم تحصل على الربح السياسي الذي تريده من خلال مساعداتها للبنان، وهي الآن تصبّ جلّ اهتمامها على أساليب أخرى من أجل احتواء تأثير “حزب الله” ومنع توسّع نفوذه، وذلك عبر دعم بعض القوى في سوريا التي تقاتل ضدّه، وفي الوقت عينه، تظهر إيران أن باستطاعتها مساعدة لبنان عندما تتوقف المملكة عن ذلك.
وذكّر المعهد بأنّ طهران كانت عرضَت مساعدة عسكرية للبنان منذ مدة، لكنّ الحكومة اللبنانية رفضتها بسبب العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. وأضاف: “لكنّ إيران وقعت الإتفاق النووي الآن، ويهمّ لبنان إعادة النظر بالفكرة الإيرانية”. نقل عن وزير الدفاع سمير مقبل ما قاله قبل أيام عن أنّ لا مانع من قبول الهبات من أية دولة صديقة، وذلك في ردّ على سؤال عمّا إذا كان لبنان يقبل هبة من إيران.
وتابع المعهد أنّ هناك أدلة تشير إلى أنّ الدعم الإيراني قد يتوسع بحسب ما نقلته صحيفة “الأخبار” أنه “يمكن أن تقدّم إيران 10 مليارات دولار إلى لبنان ليس فقط للدعم العسكري والأمني، ولكن للبنى التحتية للمياه والكهرباء وبرامج إدارة النفايات”. ولفت المعهد إلى أنّه في الوقت الذي فشلت الحكومة بإقرار حلّ للنفايات، فإنّ إحتمال تقديم طهران مساعدة في هذا الملف له يكون ملفتًا.
وأضاف المعهد: “كما أملت السعودية بتعزيز مساعداتها للقوى السنية في الحكومة وتقويض حزب الله وإيران. فإنّ إيران تنتظر نتائج سياسية من أي مساعدة قد تقررها”، لافتًا إلى أنها “تريد أن تزيد دعمها لحزب الله في لبنان من أجل إظهاره أنه بإمكانه تقديم شيء للشعب في الوقت الذي لم يستطع الزعماء السنّة فعل ذلك”.
وأردف المعهد أنّ إيران تواجه اليوم إشكاليتين، الأولى هي إذا كانت تكسب نفوذًا سياسيًا من خلال المساعدات في الوقت الذي لم تنجح السعودية بذلك، والثانية هي إذا كانت القيود المالية والسياسية عليها ستسمح لها بمتابعة مساعداتها المقترحة للبنان أو لا. فبالرغم من إتمام الإتفاق النووي، يبدو من غير الواضح إذا ما كانت إيران ستنفق مليارات الدولارات على مساعدة غير مضمونة النتائج الحسية والسياسية.
وختم المعهد بالقول: “سياسيًا يبدو التوقيت مناسبًا لإيران لوعد لبنان بدعم يحتاجه، في الوقت الذي تراجعت الرياض عن قرارها. لكن من غير المحتمل أن تبلغ هبة الـ10 مليارات الإفتراضية خواتمها لأنّ المعركة السعودية الإيرانية لن تستطيع أن تطيح بالتوازن في لبنان وصراعهما مستمر من أجل تعزيز النفوذ في الشرق الأوسط”.
التعليقات مغلقة.