أرباح صادمة لشركات التأمين

تتوالى دعوات الخبراء والمتخصصين في الشأن الإقتصادي عموماً وفي القطاع المصرفي والتأميني خصوصاً منذ سنوات، إلى ضبط قطاع التأمين في لبنان، ولاسيما لجهة تزايد عدد الشركات العاملة فيه إلى 53 شركة.

قد لا يشكّل هذا الرقم صدمة من حيث المبدأ، ولكن بعد مقارنة 53 شركة تأمين في بلد كلبنان يبلغ تعداد سكانه نحو 4 ملايين نسمة، مع مصر، على سبيل المثال، التي يتجاوز تعداد سكانها 82 مليون نسمة، في مقابل 12 شركة تأمين فقط، يصبح الرقم 53 رقماً مبالغاً فيه. أما بالنسبة إلى أقساط التأمين ففي حين تبلغ في مصر نحو مليار و300 مليون دولار، تلامس في لبنان نحو مليار و400 مليون دولار.

وإن دلّت هذه الأرقام على شيء فإنها تدل على أن أرباح شركات التأمين تدفعها إلى استمرار العمل في السوق اللبنانية رغم التخمة الحاصلة في عدد الشركات. وهو ما يؤكد ضخامة أرباح شركات التأمين في لبنان.

وإذا أخذنا مثالاً عن الأرباح الناتجة من التأمين الإلزامي فحسب، نتلمّس المستوى الكبير لمجمل الأرباح. فعدد السيارات المؤمّنة في السوق اللبنانية يتجاوز 1.800.000، مقابل نحو 800.000 مركبة عمومية غير السيارات، يبلغ قسط التأمين على السيارة أي سعر البوليصة 65 ألف ليرة، أي نحو 43 دولاراً. وإذا احتسبنا 43 دولاراً لكل سيارة وحسمنا من المجموع 1.665% تكاليف الشركة على الضرائب والرسوم والمعاملات الإدارية وغيرها، تقارب النتيجة 47 مليون دولار.

كذلك الأمر بالنسبة إلى 800.000 مركبة عمومية، فسعر قسط التأمين على المركبة العمومية أي سعر البوليصة يراوح بين 90 دولاراً و1000 دولار، ففي حال اعتمدنا معدلاً وسطياً أي 400 دولار لكل مركبة من 800.000 وحسمنا من المجموع 1.665 في المئة تتجاوز النتيجة 192 مليون دولار.

إذاً 47 مليون تضاف إلى 192 مليون تصبح النتيجة 239 مليون دولار أرباح شركات التأمين من التأمين الإلزامي على الآليات فحسب. في مقابل معدل سنوي للحوادث ينتج عنه 200 قتيل كحد أقصى ولا يتجاوز التعويض المالي 20 ألف دولار عن كل ضحية. أي باختصار وبحسب الأرقام المتوافرة فإن عقود شركات التأمين التي تغطيها لا تتجاوز 10 ملايين دولار خلال عام بأكمله (بين وفيات وجرحى وعطل دائم).

أمام هذه الأرباح “غير الموصوفة”، ثمة سؤال عن دقة وحجم التقديمات التي تتحمّلها الشركات في التأمين الإلزامي تحديداً؟ يجيب خبير التأمين حسام شري، في حديث إلى “المدن” بالقول إن “شركات التأمين غالباً ما تتهرّب من التغطية عن الأضرار الجسدية الناتجة من الحوادث. ما يدفع بوزارة الصحة العامة إلى التدخّل لتغطية الأضرار الجسدية والتكفل بعلاج جرحى الحوادث، (وتراوح تكاليف تغطية الوزارة من 10 إلى 20 مليون دولار سنوياً). ما يجنّب شركات التأمين التعرّض لادعاءات من جانب المؤمّنين (المضمونين). وبالتالي، لا يردعها عن التهرب”.

ويوضح شري تحوّل العلاقة بين شركة التأمين والمتضرر في نطاق التأمين الإلزامي تحديداً فيقول: “في السابق كانت شركات التأمين تغطي بنسبة 100% الأضرار الجسدية الناجمة عن الحوادث. أما في السنوات الأربع الماضية، وبعد تعديل المرسوم المتعلّق بالتغطية الإلزامية لمصلحة الشركات، فباتت الأخيرة تغطي نسبة 50% فقط من الأضرار الجسدية اللاحقة بالطرف الآخر وليس بالمضمون”.

ومثال على ذلك: وليد مؤّمن في شركة X اصطدمت سيارته بسيارة أخرى يقودها سامر وهو مؤمن في شركة Y، فإن الشركة X تقوم تلقائياً بتغطية 50% من الأضرار الجسدية التي لحقت بسامر وليس وليد، على أن تقوم الشركة Y بتغطية 50% من أضرار وليد. وتُضطر وزارة الصحة إلى تغطية الجزء المتبقي (50%) من علاج الطرفين، أي أن الوزارة تتكلّف على متضرري الحوادث بقدر ما تتكلف شركات التأمين مجموعة.

التعليقات مغلقة.