نظم في صور لقاء تشاوري بعنوان أزمة النفايات والروائح في مدينة صور بدعوة من منتدى الفكر والأدب للمناقشة حول مسؤولية الجمعيات الثقافية في مساعدة مجتمعنا على تسليط الضوء على المشاكل والحلول.
اللقاء استدعاه تفاقم أزمة تراكم النفايات في المنطقة، بعد تعثر العمل في معمل عين بعال لفرز النفايات. فالمعمل الذي أنشأه اتحاد بلديات صور بتمويل أوروبي وإشراف من وزارة التنمية الإدارية، كان عليه استيعاب نفايات 63 بلدة وثلاثة مخيمات فلسطينية كبيرة وتجمعات صغيرة، بكميات تصل إلى 250 طناً يومياً. إلا أنه منذ تشغيله على نحو تدريجي بدءاً من 2009، لم يستوعب سوى نفايات المدينة والبلديات الكبرى. وبما أن آلية معالجة النفايات وتحويل العضوي منها إلى سماد، ترتكز على الفرز من المصدر، فشلت التجربة.
عشرات أطنان النفايات المخلوطة والسماد المفروش في العراء ليتخمر تحت الشمس لنحو 40 يوماً، تكدست في أنحاء المعمل وأنتجت روائح كريهة، ما دفع أهالي عيتيت المحاذية إلى إقفاله قبل نحو شهر. لكن ضغط المرجعيات والأحزاب أعاد افتتاحه لـ “يعمل بقدرته العادية (100 طن لعشر بلديات ) ويعالج النفايات بنسبة عشرة في المئة”، بحسب مصادر بلدية.
ماذا عن باقي النفايات ؟ يشير نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، إلى أن الـ 100 طن التي تنتجها المدينة وتنقلها إلى المعمل، يعود منها نحو 40 في المئة، وتجمع في جزء من الحديقة العامة في انتظار رفعها من قبل متعهد مكلف من البلدية لقاء مبلغ مالي. لكن مصادر مطلعة تؤكّد أن الأخير لا يعالجها، بل يرميها في خراج البلدات والأودية. والحال نفسه ينطبق على بلدات القضاء، حتى حلّت محل مكب رأس العين الذي أمر الرئيس نبيه بري بإقفاله قبل نحو عام، عشرات المكبات العشوائية.
مصادر في الاتحاد أشارت إلى أن معمل عين بعال يحتاج الى معدات وفلاتر إضافية لاستيعاب نفايات بلدياته، شرط فرزها من المصدر. وحتى تحقيق ذلك، يروج البعض في صور لخيار المحارق، رغم إسقاطه في ضهور الشوير منذ أشهر. في الحديقة، ركنت البلدية محرقة قدمها رجل الأعمال أيمن جمعة “هبة إلى اتحاد البلديات لتخفيف نكبة النفايات” كما قال لـ “الأخبار”.
لكن البلدية لم تستخدمها حتى الآن في انتظار صدور تقويم الأثر البيئي من وزارة البيئة. يأمل جمعة “أن تسرع الوزارة ببتّ تقويمها”، لأن محرقته التي استوردها من بريطانيا “تحمل أفضل المواصفات وتُستخدَم في دول كفرنسا وإنكلترا والسويد”.
لكن مصادر في الاتحاد لفتت إلى أن المحرقة شبيهة بمحرقة الوزير السابق فادي عبود في ضهور الشوير، ما يعني احتمال أن ينطبق على محرقة صور ما ورد في تقرير فريق عمل مصلحة البيئة السكنية في وزارة البيئة رقم 240-ب-ش تاريخ 7/11/2015 عن محرقة ضهور الشوير بعد الكشف عليها، التي تبين أن “ درجة الاحتراق القصوى فيها تصل إلى 850 درجة مئوية كحد أقصى ولم تُجهَّز بأي نظام لمعالجة الملوثات الناتجة من تشغيلها “.
علماً بأن الشروط البيئية تفترض أن تكون درجة حرارة الحرق الأولي للنفايات 850 كحد أدنى والحرق الثانوي أو تفكيك الغازات المنبعثة من حرق النفايات يبدأ من 1100 درجة كحد أدنى. وإذا قلّ مستوى الدرجات عن ذلك، تصبح المحرقة منتجة لغازات الديوكسين والفيوران المسرطنة.
وفيما ينتظر جمعة تقويم البيئة، عرض صاحب شركة سويدان للدراسات والاستشارات الهندسية حسن سويدان على الاتحاد استقدام محرقة من إيطاليا. تحت عنوان “التفكك الحراري في منطقة صور العقارية ” يشرح باقتضاب في صفحتين، مخططه ” لإقامة معمل في خراج بلدة رشكنانيه يولد الطاقة الكهربائية وينتج مواد البناء وأشغال الطرق ومواد أولية للتنظيف”. واللافت أن محرقة رشكنانيه التي يصل أقصى حرارتها إلى 800 درجة فقط ( أقل من محرقة ضهور الشوير )، تلقى تبنياً من بلديات وأحزاب. علماً بأن سويدان ينتظر موافقة الاتحاد لكي يستوردها بمبلغ مليون دولار.
التعليقات مغلقة.