مع حلول عيد الميلاد هذا العام بعد يوم من ذكرى مولد النبي محمد تشهد مدينة بغداد احتفالات بالعيد في مؤشر لإظهار مشاعر الأخوة مع الطائفة المسيحية التي تعاني بشدة في #العراق.
وستضيء الألعاب النارية سماء نهر دجلة كل ليلة من ليالي الأسبوع في حين وضعت شجرة عيد الميلاد بارتفاع 25 مترا في متنزه ألعاب الزوراء. وفي مخيم زيونة بشرق المدينة كان الأطفال يستمعون لترانيم عيد الميلاد يوم الأربعاء ويرقصون مع بابا نويل على وقع ألحان الأغاني العراقية.
لكن على الرغم من شعورهم بالامتنان يقول كثير من المسيحيين إن هذه اللفتة جاءت متأخرة للغاية ولن تفيد في تحسين وضعهم في العراق وطنهم الذي عاشوا على ترابه على مدى نحو ألفي عام والذي جعلهم تنظيم الدولة الإسلامية يشعرون على نحو متزايد أن مستقبلهم فيه قاتم.
قالت مريم (29 عاما) المعلمة بإحدى مدارس بغداد وهي تشير إلى #الدولة_الإسلامية “المسيحيون الذين غادروا العراق لا يريدون العودة بل أن بعضهم يدفعوننا للرحيل قائلين إنه حتى لو اجتزنا هذه المحنة فإن المحنة القادمة ستكون النهاية”.
وقال نائب البرلمان العراقي المسيحي عماد يوحنا إن تنظيم الدولة الإسلامية -الذي اجتاح نحو ثلث العراق عام 2014 في مسعاه لإقامة دولة خلافة- شرد أكثر من 200 ألف مسيحي من محافظة نينوى بشمال البلاد مهد الكنيسة الآشورية الشرقية.
وأصبح الغموض يغلف مصير مسيحيي العراق حتى أن بعضهم بات يحن لأيام صدام حسين الدكتاتور الذي حكم العراق لربع قرن انتهت عام 2003 بقيام تحالف تقوده الولايات المتحدة بغزو البلاد.
وقال أبو فادي (51 عاما) وهو أب لثلاثة يعمل في مخيم زيونة الذي أنشيء خصيصا لإيواء اللاجئين المسيحيين الفارين من الدولة الإسلامية “لم يكن هناك أي تمييز تحت حكم النظام السابق الأمور تغيرت بعد ذلك”.
وكان طارق عزيز وزير الخارجية والشخصية النافذة في نظام صدام مسيحيا. ومات عزيز في السجن في حزيران. وأعدم صدام شنقا في نهاية عام 2006.
وتحدث أبو فادي وهو يشير إلى المسلمين الشيعة الذين وصلوا إلى سدة الحكم بعد إزاحة صدام والسنة الذين ينتمي إليهم صدام وأصبحوا يشعرون الآن بالتهميش “إسقاط النظام السابق سمح للمتطرفين من الطائفتين الذين كانوا مقموعين في السابق بالظهور”.
والاضطهاد الذي تمارسه الدولة الاسلامية هو الأسوأ منذ قيام الدولة العراقية الحديثة في القرن الماضي فقد خطف عشرات المسيحيين أو قتلوا أو جرى قصف كنائسهم وأجبروا على الرحيل عن ديارهم منذ عام 2004.
وقال النائب البرلماني يوحنا إن عدد السكان المسيحيين في العراق هبط من 1.3 مليون شخص في تعداد عام 1997 إلى نحو 650 ألف نسمة حاليا. وأضاف أن عددهم كان سيصل إلى نحو مليوني نسمة في ظل الظروف الطبيعية.
وتابع يوحنا أن الدول الغربية تسهل للمسيحيين في الشرق الأوسط الحصول على تأشيرة دخول لاعتبارات تتعلق بحقوق الإنسان وهو ما ساهم بدون قصد في تراجع أعدادهم.
وقامت جمعية نساء بغداد – التي تعمل على حماية حقوق النساء بغض النظر عن ديانتهن على مناهضة الانتهاكات ضد المرأة – يوم الأربعاء بتوزيع هدايا في مخيم زيونة حيث كان الأطفال ينصتون إلى ترانيم عيد الميلاد.
وقال سعيد جلال (31 عاما) وهو عامل متطوع في المعسكر “عيد الميلاد موجود في قلوبنا دينيا لكني محبط لأننا لا نشعر به اجتماعيا بالقدر نفسه … معظم أفراد أسرتي ومعارفي إما شردوا أو رحلوا.”
التعليقات مغلقة.