هذا ما ينتظرنا في سنة 2016

 

وزرٌ كبير أثقل كاهل لبنان عام 2015 محملاً بخيبات وتشرذم وغياب حلول. إذ بات الوطن يعيش ركوداً اقتصادياً وسياسياً، واحتلَّ الفساد العنوان الأوضح الذي وجب الانطلاق منه إلى بقية العناوين. الاستحقاقات المعقَّدة تراكمت والأزمات السياسية العالقة كبَّلت تفكير اللبنانيين وشلَّت حياتهم. مسلسل من أجزاء لا متناهية سينتقل حكماً إلى سنة 2016. فهل سيتحمَّل سجل العام الجديد عبء مذكرات العام المنصرم؟

النفايات كللت مأسي 2015

مشكلة #النفايات كانت واحدة من الأزمات التي أُجهضت التسويات المرتبطة بها، تقاذفتها البلديات ككرة نار، ودفع المواطن فاتورتها الصحية، وتقاسمت معه البيئة نسبة منها. وترافقت مع أزمات تكدَّست منذ عقود أبرزها الحرمان المستمرِّ من الطاقة الكهربائية والمياه، وغياب الطرق المعبَّدة والمضاءة التي تخلِّف يومياً عدداً من ضحايا حوادث السير.

أزمات جعلت من الهجرة غير الشرعية هدفاً منشوداً من لبنانيين ما عاد باستطاعتهم تحمُّل ضغوط وأعباء جمَّة، والمثال على ذلك عائلة صفوان التي دفعت ثمناً باهظاً نتيجة طموحها بالعبور نحو وطن أفضل، ولكنَّ القدر عاكسها فلم تُكتب النجاة إلاَّ لثلاثة من أصل 12 من أفرادها بعدما غدرت بهم أمواج عاتية ضربت الزورق الذي كان يقلهم من تركيا إلى اليونان. فيما الدولة بوزاراتها ومؤسساتها المعنية تقف عاجزة عن إيجاد حلول جذرية في ظلِّ العجز الحكومي والتعنُّت السياسي عاكسةً تخاذلاً مقصوداً.

وقد يكون الإنجاز الأبرز لعام 2015 ذاك الذي حققته المديرية العامة للأمن العام عقب إلقاء القبض على الشيخ #أحمد_الأسير في مطار رفيق الحريري الدولي أثناء محاولة فراره إلى مصر بجواز سفر مزور بعد صدور قرار اتهامي في حقّه من قبل قاضي التحقيق العسكري في شباط 2014 طلب فيه تنفيذ حكم الإعدام لأربعة وخمسين شخصاً بينهم الأسير بما يتعلق بأحداث عبرا. بعض الملفات أُنجزت وأخرى قيد الانتظار، فماذا نحمل منها معنا لعام 2016 وما هي التراكمات؟

تحسين السيء لئلا يُصبح أسوأ

يشير المحلل السياسي في صحيفة “النهار” سركيس نعوم إلى أنَّ “ما من إنجازات وطنية حُققت عام 2015، باستثناء قضية عودة العسكريين المخطوفين لدى “جبهة النصرة”، وهذه الخطوة تبقى منقوصة في ظل عدم معرفة مصير مخطوفي الجيش اللبناني لدى “داعش”. وفي ظل سيادة الاهتراء الإداري والفساد لم نشهد أي حلول جذرية تتعلق بالاتفاق على قانون الانتخابات وبإعادة تفعيل عمل مجلس النواب، وملء الشغور الرئاسي، وتشكيل حكومة جديدة. هذه المساعي من المفترض أن تتحقق عام 2016.

أما إذا صنَّف البعض طاولة الحوار ضمن لائحة الإنجازات فلا بدَّ من التأكيد على أنَّ هذه الخطوة تهدف فقط إلى تخفيف الاحتقان في الشارع، إذ ما من مصلحة لأحد في اندلاع حرب داخلية. وبالإنتقال إلى بعض حسنات 2015، الإيجابيات الوحيدة تلك المرتبطة بالأمن عبر إلقاء القبض على الإرهابيين والخلايا ونجاح الجيش في فرض الخطة الأمنية طرابلس، واستقرار القطاع المصرفي حيث إن عمل مصرف لبنان واقعي في وقتٍ يواجه فيه حقلاً مليئاً بالألغام ممَن ينتهكون العقوبات الدولية وممن يسعون إلى فرض هذه العقوبات”.

وفي ما يتعلق بانعكاس الأزمات الإقليمية على لبنان يجيب نعوم بأنَّ “احتمال ارتدادات الأزمة السورية أو اليمنية والعراقية واردة، إذ إننا مفتوحون على أزمات شتَّى. إلاَّ أنَّ الهدف يبقى في الحفاظ على الاستقرار لئلا يصبح الواقع أسوأ”.

صيغة سياسية للحراك في 2016

من جهته، يؤكد الوزير السابق شربل نحاس في حديث لـ”النهار” أنَّ “الملفات لم تُنجز ولا زالت جميعها عالقة، وهناك سباق بين محاولة إعادة ترميم السلطة الفاسدة من قبل أربابها مقابل مسعى للخروج من هذه الترِكة، والمباشرة ببناء دولة طبيعية مثل بقية الدول. فمصادرة إرادة الناس إما بعدم إجراء انتخابات وعدم وضع موازنات وصولاً إلى أزمة النفايات، والتمديدان غير الشرعيين لمجلس النواب هو إعادة تركيب للمنظومة السيئة نفسها التي تهيمن على البلد. والحراك الذي انطلق عام 2015 يجب أن يتبلور بصيغة سياسية في عام 2016 عبر تشكيل كتلة سياسية تمنع أقطاب “المافيا” من التآلف من جديد وتخطي خلافاتهم لإعادة السيطرة على الواقع السياسي. والمثال على ذلك، الانتخابات التي جرت في إسبانيا تُبشِّر إلى حدٍ ما بشيء جيد، فالحزبان الشعبي والاشتراكي اللذان حكما إسبانيا طيلة 40 عاماً يواجهان اليوم ردة فعل من كتل سياسية جديدة أعلنت بداية حقبة جديدة. يجب أن نسعى للتشبه بهذا المثال حيث الفشل والفساد مستشريان هناك ولكن ليست بصورة مشابهة لواقعنا، وأن ندرك وجود مسارين الأول يكمن في عودة السلطة نفسها، والثاني في إنشاء كتلة نواجه من خلالها سلطة أمر الواقع غير الشرعية التي لا زالت تتخبط. وهذه الخطوة تبدأ بثقة اللبنانيين بقوتهم وتنظيم أنفسهم خصوصاً وأنهم يعرفون أنهم منذلون وحقوقهه مهدورة”.

قد تكون الأجندات الإقليمية والدولية المسيطرة على المشهد السياسي قد أعاقت الانفراجات في لبنان، ولكنَّ التخاذل سيِّدُ الموقف وارتباط الفرقاء المحليين بحلفاء خارج حدود الوطن وتعنتهم بعدم فصل الشأن المعيشي الحياتي اليومي عن ذاك السياسي يضع لبنان في مستنقع موحل يصعب الخروج منه قريباً.

سلوى أبو شقرا

التعليقات مغلقة.