الكرة الذهبية : رحلة طويلة تخطت نصف قرن من الزمن

معرض الكرة الذهبية في زيورخ

يتزامن الاحتفال بجائزة الكرة الذهبية الاثنين 11 يناير المقرر في مركز المؤتمرات في زيورخ مع إقامة المعرض الخاص بالجائزة المرموقة الذي ينظمه متحف كرة القدم في الاتحاد الدولي للعبة.

ويمكن للزوار أن يستمتعوا بمشاهدة ما يحويه هذا المتحف من تاريخ حافل بالإنجازات من 5 إلى 11 الحالي بمناسبة عامه الـ60، حيث سيتمكن الزوار من “التصوير والمعاينة والمعايشة”.

ففكرة الجائزة التي أطلقتها مجلة “فرانس فوتبول” عفويا عام 1956 من منطلق ترويجي ورياضي في آن، صاغها الصحافي الشهير جاك فران ومجموعة من زملائه، دمجت مع جائزة “فيفا” في عام 2010.

وباتت كوكبة من مدربي المنتخبات وكباتنها وصحافيين اختصاصيين تختار الفائز السعيد، فضلا عن اختيار الفائزة السعيدة “أفضل لاعبة” وأفضل مدرب.

وسيضيء معرض الجائزة على تاريخها ومستحقيها ويكشف جوانب من آلية التصويت والاختيار.

عموما، يمكن الإحاطة بتاريخ “جائزة الكرة الذهبية” عبر 4 محطات من سيرتها وتطور هذه المناسبة.

fifa-gold

للأوروبيين فقط

من البدايات التي انتهجت مكافأة أفضل لاعب أوروبي ينشط في القارة العجوز، رحلة عبر أربعة عقود امتدت حتى عام 1994. وكان طبيعيا بحكم المعيار المعتمد استثناء أسماء رنانة أمثال البرازيليين بيليه وغارينشا والأرجنتيني دييغو مارادونا، على الرغم أن متابعين واختصاصيين يجدون في هذا “التقوقع” ظلما كبيرا.

 فمثلا بيليه كان يستحق الجائزة 7 مرات في أعوام 1958 و1959 و1960 و1961 و1963 (فاز بها الحارس السوفياتي ليف ياشين وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يحصد فيها حارسا للمرمى اللقب) و1964 و1970، وتحت ألوان فريقه سانتوس أحرز 80 هدفا عام 1958 فضلا عن تألقه في مونديال السويد ومساهمته في إحراز منتخب بلاده كأس العالم للمرة الأولى. وعندها منحت “الكرة الذهبية” للفرنسي ريمون كوبا… وعام 1970 إلى الألماني غيرد مولر.

 وقد عهد الاختيار في البداية إلى لجنة حكام مؤلفة من 16 عضوا، ثم تماشيا مع تفكك الكتلة الشرقية في عام 1990، تطورت الخيارات وتعددت ،ولجأت “فرانس فوتبول” مع إطلاق الجائزة إلى آراء صحافيين منخرطين في الشأن الكروي ومندرجاته، من منطلق أنهم حياديون عابرون للتكتلات.

وكان التصويت يتم بواسطة الرسائل البريدية والبرقية، وصولا في أيامنا إلى البريد الإلكتروني.

CYW0hDlWcAAl2xb

تطور لا بد منه

ومع فتح الحدود (1995 – 2006)، بات خضوع شروط الجائزة للمراجعة والتعديل والتطوير ملحا، انطلاقا من الأسس المعتمدة تماشيا مع تطور مجتمع كرة القدم عموما، والبروز الكبير للاعبين من أميركا الجنوبية وإفريقيا في أندية أوروبية فاعلة، فضلا عن تألقهم مع منتخبات بلدانهم.

وإذا كان العذر أن الجائزة لم تمنح لبيليه لأنه لم يشارك في دوريات أوروبية، فلم يعد جائزا تغاضي مشاركة نجوم أمثال مواطنه روماريو مع برشلونة الإسباني. لذا، فإن القائمين على مقدرات المناسبة السنوية المعتبرة خشوا حقا أن تفقد من مصداقيتها وسمعتها. فكانت خطوة العولمة استنادا إلى أن كل لاعب مهما كانت جنسيته يبرز ويتألق في الملاعب الأوروبية، مرشح لحصد الكرة الذهبية.

كما تزامن ذلك مع ما عرف بـ”قانون بوسمان” الذي فتح “الحدود الداخلية” أمام لاعبي القارة، فكان لا بد من خطوة شجاعة حاسمة.

وما أدى لاحقا إلى تتويج الليبيري جورج وياه بالنسخة الـ40 من الجائزة، ثم حملها البرازيلي رونالدينيو بعد عامين.

 وفي عام 1995، وبعدما أصبح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يضم 52 بلدا، اعتمدت إدارة تحرير “فرانس فوتبول” لائحة من 50 لاعبا، تعين على المصوتين اختيار خمسة منهم.

 وحددت في إطار “تأطير الجائزة وتصويب مسار اختيار الفائز بها” معايير لذلك أبرزها: الانجازات الفردية والجماعية خلال الموسم، مكانة المرشح وحالته الفنية والسلوكية وروحه الرياضية، سجله العام، شخصيته وتأثيره في محيطه. وبالتالي أضحت الجائزة تمنح لفرد من منطلق دوره في جماعة أو مجموعة.

CYWuiJRWYAAUA7L

كما دفعت عولمة السوق المتنامية التي تزامنت واحتفالات العيد الـ50 للجائزة التي نظمت في باريس (2007) إلى فتح الآفاق أكثر فأكثر أمام المؤهلين، ومن دون أي قيود لحصدها. فقد أصبحت الكرة الذهبية متاحة للاعبين من مختلف الجنسيات والبطولات، وزاد عدد المصوتين لمنحها، فباتت اللائحة تضم 96 شخصا هم: عضو من كل من الاتحادات الأوروبية، وآخر من كل اتحاد من خارج القارة العجوز شارك منتخب بلاده مرة واحدة في كأس العالم على الأقل.

وعاد اللقب إلى البرازيلي كاكا لاعب ميلان الإيطالي. وكانت المصادفة أن لائحة اللاعبين العشرة الأوائل المختارين للتصفية الأخيرة، لم تضم أي مدافع على غرار عام 1987. وفي ضوء “”الشمولية” المعتمدة، أحرز البرازيلي روجيريو سيني (ساو باولو) 3 نقاط في التصويت، والعراقي يونس محمود (الغرافة القطري) نقطتين، والمكسيكي غييرمو اوشوا (أميركا) نقطة واحدة.

وحل البرتغالي كريستيانو رونالدو ثانيا، والأرجنتيني ليونيل ميسي ثالثا. وكانت المرة الخامسة الأخيرة حتى تاريخه، التي يتواجد فيها ثلاثة لاعبين سبق أن حصدوا اللقب على منصة التتويج. ففي عام 1956 توج الإنجليزي ستانلي ماتيوز والأرجنتيني – الإسباني ألفريدو دي ستيفانو والفرنسي ريمون كوبا، وفي عام 1966 فاز الإنجليزي بوبي تشارلتون والبرتغالي أوزيبيو دا سيلفا فيريرا والألماني فرانتس باكنباور.

 وتوج السوفياتي (الأوكراني) أوليغ بلوخين والألماني فرانتس باكنباور والهولندي يوهان كرويف عام 1975، والبرتغالي لويس فيغو والفرنسي زين الدين زيدان والأوكراني أندري شيفشينكو عام 2000 .

عام الدمج

 ويعد العام 2010 مفصليا، فقبل أيام قليلة من نهائي كأس العالم، أعلن في جوهانسبورغ (5 يوليو/تموز)، دمج الجائزة التي تمنحها “فرانتس فوتبول” وتلك التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ عام 1991 والمسماة أيضا الكرة الذهبية، في جائزة واحدة سنوية.

وكانت جائزة “فيفا” تستند إلى تصويت مدربي المنتخبات وكباتنها، علما أن 12 لاعبا فاز كل منهم بالجائزتين في موسم واحد، أمثال البرازيلي رونالدينيو عام 2005 والإيطالي فابيو كانافارو عام 2006 والبرازيلي كاكا عام 2007 والبرتغالي كريستيانو رونالدو عام 2008 ثم الأرجنتيني ليونيل ميسي عام 2009 .

ولا خلاف أن تعاون “فيفا” و”فرانس فوتبول” أكسب الجائزة ومناسبة منحها بعدا مختلفا ومبهرا، فضلا عن تعزيز دورها بمنح أخرى مماثلة لأفضل لاعبة وأفضل مدرب في العالم.

وجسد المفهوم الجديد دعوة “فيفا” إلى تتويج أفصل لاعب من دون النظر إلى جنسيته، بل استنادا إلى إنجازاته خلال موسم كامل، من منطلق “عالمية كرة القدم”. وتأثيرها

ومع إضافة صحافيين اختصاصيين إلى لائحة المصوتين، ومنهم مراسلو “فرانس فوتبول” في أنحاء العالم، إلى المدربين والكباتن، باتت لائحة مؤلفة من 600 شخص تختار أفضل لاعب في العالم، ويعكفون على انتقاء “الأفضل” من لائحة محددة تدرجها سنوبا لجنة اللعبة في “فيفا”وإدارة التحرير في المجلة الفرنسية المتخصصة ضمت 30 لاعبا ثم اختصرت إلى 23، فيختار كل مصوت ثلاثة أسماء يمنحها 5 نقاط و3 نقاط ونقطة واحدة تباعا، ليكون الفائز في النهاية “ملك كرة القدم في العالم”.

التعليقات مغلقة.