بيانات داعشيّة في كفر رمان جنوب لبنان

تفاعلت عريضة طالبت بإغلاق محلات لبيع الكحول في بلدة كفررمان على نطاق واسع. فهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها هذه القضية في إطار التعدي على حرية الفكر والمعتقد والتعارض مع حرية كل فرد بممارسة معتقداته، فما حقيقة هذه العريضة “الداعشية” في كفررمان؟

لم تلقَ العريضة، التي طالب فيها أفراد من بلدة كفررمان، محافظ النبطية القاضي محمود المولى، إقفال محلات لبيع الخمر في البلدة، ترحيبا في أوساط البلدة ومحيطها، إضافة انها لاقت ردود فعل مستنكرة على الصعيد الوطني عمومًا.

إذ، تفاعل هذا الخبر بسرعة البرق إستنكارا لمصادرة الحريات والتدخل في حياة وحرية المواطنين سعياً إلى طبع المنطقة بلون واحد دون الأخذ بعين الإعتبار التنوع الاجتماعي والسياسي فيها. فقد شنّت حملة واسعة منذ قرابة الخمس سنوات لإقفال محال بيع الخمور في مدينة النبطية المجاورة، واقفل بعضها. فازدهرت، حسب ما قيل، محلات بيع الخمور في كفرمان ووصل عددها الى 7 محال.

وفي بلدة “كفرموسكو” وهو لقب كفرمان ايام ازدهار اليسار السياسي في لبنان، وأطلق عليها بسبب انتماء معظم الأهالي للأحزاب اليسارية وخصوصا الحزب الشيوعي. اليوم تتعدّد فيها الأحزاب والانتماءات بين التنظيم العروبي واليساري الديمقراطي إضافة إلى حزب الله وحركة أمل.

وفي التفاصيل، ان العريضة جاءت مستندةً إلى الآية القرآنية “إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه”، بإعتبار أنّ الأماكن المطالب بإغلاقها تؤدي إلى نشر الفساد والسوء كما تؤدي إلى المساس بالشعور الديني والشريعة الإسلامية كونها تتنافى مع عادات أهل البلدة ودينها.

وعلى الرغم، من أن هذه المحال مرخصة قانونيا ويعتاش منها عدّة عائلات وهي مصدر رزق بالنسبة لهم يقول مصدر خاصّ أن “عددا من المشايخ التابعين لحزب الله أعدّوا هذه العريضة لتوقيعها من الأهالي وقد حصلت على أكثر من 1800 توقيعا وهي غير العريضة المنتشرة على “الفايسبوك” المعدّة للهدف نفسه ، ولكن الثانية موجهة الى المحافظ عبر البلدية فيما الأولى مباشرة الى المحافظ. والعريضتان لم تسلما بعد الى الجهات الرسمية”..

ويقول المصدر أن ” أحد الأسباب لإغلاق هذه المحال هو التوجه للتوسّع ولفتح ملهى ليلي بإسم “ليالي كفررمان” في البلدة في “سهل الميذني”. لذا فكان التوجه إلى القضاء لحصر ظاهرة الإنفتاح والتصدي لهذا الوضع قبل أن يمتد نحو بلدات اخرى”.مشيرا إلى أن “البلدة تشهدا توترات بين العائلات ذو الفكر اليساري والمتحرر وآخرين ممن يقدمون أنفسهم انهم ملتزمون دينيًا.”

ومن جهة أخرى، أكّد أحد الموقعين على العريضة أنه ” قبل أن تكون الأسباب دينية، المسألة تتعلق بالممارسات والسلوك الإجتماعي إذ تسبب هذه المحال الكثير من الإزعاج لأهالي البلدة من حالات سكر وإشكالات. وأصبحت تستقطب العديد من الرواد من خارج البلدة، وذلك لأنها المنطقة الوحيدة في محافظة النبطية التي يتواجد فيها محال لبيع الكحول وتحولت هذه الظاهرة إلى شذوذ.

واتهم المصدر أن تلك المحلات “لا تلتزم بالقانون الذي يفرض بيع الكحول فقط، وليس معاقرة الخمرة بشكل فاضح دون مراعاة الطابع الديني للبلدة إضافة إلى استقبال الشباب القاصرين”.

كما استنكر المصدر “صوغ المسألة بالطابع السياسي والديني مؤكدا أن لا علاقة للشيخ تيسير رزق المقرب من حزب الله بإعداد العريضة وانه كان فقط من بين الموقعين”. مؤكدا أن الإعتراض على طريقة البيع الغير قانونية وليس على شرب الكحول طالما لا تسبب الأذى للآخرين”. وحمّل رئيس البدية كمال غبريس مسؤولية الفلتان الحاصل وذلك لتسهيله اعطاء الإفادات لهذه المحال”.

في حين، أكّد مصدر مقابل من البلدة رفض ذكر اسمه أيضا أن “طلب إغلاق محال بيع الخمر تزامن مع إقدام أحد أبناء البلدة المقيم خارج لبنان وهو كان يملك محلا لبيع المشروبات الروحية جرى اغلاقه بالقوة قبل سنوات واسمه “فؤاد صالح”، بتوجيه انتقادات لاذعة لحزب الله على خلفية تجويع مضايا عبر صفحته الفيسبوكية. والجدير بالذكر، أن أحد أشقاء صالح وهو الدكتور غالب صالح أحد أصحاب هذه المحال حاليا”.

واعتبر المصدر أن “ما يجري هو من جملة حملة الضغوطات التي تتعرض لها العائلة بسب التغريد خارج سرب حزب الله. خاصة وأن تعليقات صالح نالت انتشارا كثيفا على مواقع التواصل”. كما لفت المصدر إلى أنه “منذ فترة، يتم التضييق على المعارضين السياسيين وهناك حملات تحريفية ضد اليسار والمعارضين لبيئة حزب الله “.

وفي النهاية، وبما أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها إذ تعرضت مدينة النبطية منذ أربع سنوات تقريبا لضغوطات لإقفال عدّة محال لبيع المشروبات الروحية. لا يمكن وضع هذه الممارسات إلّا في إطار التعدي على حرية الفكر والمعتقد .

التعليقات مغلقة.