ما بين عام 1816 وحتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين اجتاح وباء الكوليرا العالم سبع مرات حاصدا أرواح الملايين، سجل الوباء الثالث (1852-1860) أكبر حصيلة في القتلى حيث تجاوز عددهم مليون شخص في روسيا. فيما ظهر الوباء السابع في جنوب آسيا في عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا في عام 1971 وإلى الأمريكتين في عام 1990، قبل أن يستوطن العديد من بلدان العالم اليوم… ليظهر مجدداً اليوم في العراق مهدداً المنطقة برمتها.
الكوليرا عدوى معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا الضمة الكوليرية. تسبب خسائر فادحة في سوائل الجسم ويمكن أن تتسبب في الوفاة في حل عدم تلقي العلاج. تقدر منظمة الصحة العالمية عدد حالات الكوليرا بما يتراوح بين 3 و5 ملايين حالة وعدد الوفيات الناجمة عنها بما يتراوح بين 000 100 و000 120 وفاة في كل سنة.
في أيلول الماضي أعلنت المنظمة تفشي وباء الكوليرا في محافظات النجف والديوانية وبعض أجزاء في غرب بغداد، بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات وتلوث النهر والآبار بمياه الصرف الصحي. وتحدثت المنظمة العالمية عن تكثيف التدابير اللازم اتخاذها لمنع انتشار المرض.
قبل أيام، تحديداً بتاريخ 3 تشرين الثاني صرح مدير صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في العراق، بيتر هوكينز، أن تفشي الكوليرا امتد إلى سوريا والبحرين والكويت، محذراً من “خطر تحوله إلى وباء إقليمي”. واليوم صرّحت وزارة الصحة العُمانية عن أول إصابة بالكوليرا لإمرأة كانت قد زارت عدة محافظات عراقية.
تحذير “اليونيسيف” ذكر بما سبق وأعلنه وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور، في بداية آب الماضي، من أن الكوليرا خطر قائم في البلاد .
اختصاصي الأمراض الجرثومية د. عبد الرحمن البزري طمأن اللبنانيين، خلال مقابلة مع موقع قناة المنار، أنه حتى اللحظة لم تُبلغ وزارة الصحة اللبنانية عن وجود أي حالة إصابة بالكوليرا في لبنان. إلا أنه لفت إلى أن لبنان يملك الظروف التي تساعد على انتشار الكوليرا كوباء في حال دخول البكتيريا إلى البلد، والتي تكمن في كثافة النازحين الوافدين على البلاد وسوء البنى التحتية وبتراكم النفايات التي تساعد على مزيد من التلوث في البنى التحتية.
“من المرجح جداً أن يدخل البكتيريا إلى البلد. الكوليرا ليست مستوطنة في لبنان، لكن وجود المرض في المنطقة المفتوحة على بعضها يساعد في انتشار الوباء. لبنان مفتوح يومياً أمام المسافرين والوافدين من وإلى العراق، الذي سجلت حالات الاصابة بالكوليرا فيه بالآلاف، ما يعني أن احتمال دخوله إلى بلادنا يبقى وارداً”، يقول البزري.
ويضيف أنه تم التنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية لتزويد المسافرين إلى العراق بإرشادات صحية حول سبل الوقاية وكيفية التصرف في مناطق انتشار المرض . وتم تجهيز وتدريب طواقم على مواجهة احتمال دخول الكوليرا إلى لبنان… كما أن هناك كميات من الأدوية العلاجية موجودة في لبنان، لمواجهة المرض.
عوارض الكوليرا
تظهر على مرضى الكوليرا كل أو بعض الأعراض التالية:
– إسهال مائي حاد للغاية.
– تقيؤ شديد.
– تقلصات عضلية.
يوضح د. عبد الرحمن البزري: ” في الماضي كان الكوليرا موصوف بالاسهال الحاد. أما اليوم مع الأنواع الحديثة للكوليرا ليس بالضرورة أن يكون الاسهال شديداً، من الممكن أن يكون معتدل الشدة، وهو اسهال يُخسر الجسم سوائل، وممكن أن يتسبب بالتقيؤ”.
وتفيد منظمة الصحة العالمية أنه “من بين الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض يعاني 80% أعراضاً متوسطة الشدة أو غير شديدة، بينما تظهر على نحو 20% أعراض الإسهال المائي الحاد وما يصاحبه من جفاف شديد. ويمكن أن يتسبب ذلك في الوفاة إذا تُرك دون علاج.”
طرق انتشار العدوى
– الاتصال ببراز الشخص المصاب.
– الوجود في الأماكن التي تنتشر فيها الأقذار والمخلفات.
– شرب ماء أو تناول طعام ملوث بالبكتيريا.
لذا فإن سبل الوقاية متعلقة بالنظافة الشخصية ونظافة الغذاء وعدم أكل الطعام غير المطبوخ. ومن الضروري الالتفات إلى استخدام المياه المكررة والنقية أو المغلية.
الإصابة بالكوليرا قد لا يكون بانتقال العدوى فقط، إذ أن الإصبة بالبكتيريا قد تحصل عن طريق تناول الغذاء والمياه الملوث، يوضح البزري. “في لبنان للأسف رغم ما صُرف، تظهر سوء البنية التحتية عند كل مشكلة، الخوف يكمن في حال تلوث هذه البنية ودخول البكتيريا، ما يعني أن انتقال الوباء سيكون سهلاً”.
ومن شأن تعطل شبكات البنى التحتية، أو نزوح السكان إلى مخيمات مكتظة وغير ملائمة، أن يزيد مخاطر انتشار الكوليرا إذا كانت البكتريا موجودة أو إذا تم إدخالها..
التعليقات مغلقة.