واصف عواضة : لتوسيع دائرة المستقلين في المجالس البلدية

 

باتت الانتخابات البلدية أمرا مسلّما به، لولا بعض المشككين الذين ما زالوا يراهنون على التأجيل. بدأت الترشيحات للمرحلة الأولى في محافظتَي بيروت والبقاع، وصار حديث البلديات «حكي سرايا.. وحكي قرايا».

الأحزاب والقوى السياسية تستعد لخوض هذه المعركة في المدن والبلدات والقرى، وغالبا لتأكيد وتثبيت أحجامها. ثمة من يعتقد أن الانتخابات لن تأتي بجديد، فيما يخالف الواقع هذا الاعتقاد، لأن ثمة ثنائيات حزبية وسياسية جديدة سوف تفرض نوعا من التغيير. لكن همّ المواطن واهتمامه ليسا في هذا الجانب، بل في ما ستقدمه المجالس المحلية الجديدة من خدمات.

خلال السنوات الست الماضية حققت المجالس البلدية انجازات متفاوتة. القليل منها نجح في تحويل وجه مدينته أو بلدته بشكل لافت، والكثير منها تفاوتت انجازاته بين السيئ والحسن، لدرجة عجز البعض عن تحقيق أي نقلة مقبولة في حياة بلدته. ومن يسمع أحاديث الناس عن العجز والتقصير والهدر والسرقات والجهل بالقانون والصلاحيات في بعض المدن والقرى، يضربه اليأس والاحباط.

وليس سرا أن الذين أجادوا العمل كان معظمهم من المستقلين، سواء كانوا رؤساء أم أعضاء. لا يعني هذا أن الملتزمين حزبيا وسياسيا موصومون بالفشل، بل أن ثمة حزبيين في المجالس البلدية يتمتعون بكفاءات عالية ونوايا جدية للعمل، لكن التزاماتهم جعلتهم مكبلين بألف قيد وقيد.

قد يقول قائل إنه لم يعد في لبنان مستقلون، وإن الناس موزعون بين ملتزمين وأنصار. وهذا الأمر قد يكون صحيحا. لكن بين النصير والملتزم ثمة فارقا كبيرا. فالأول يشعر بمسؤولية شخصية أمام الحزب او السياسي الذي يدعمه، كما يشعر بالتحدي لتحقيق نجاحات تثبت موقعه، وهو ما يترك لديه هامشا لبذل الجهد المضاعف من دون قيود. أما الثاني فإن حدود مسؤوليته أمام حزبه تكون أقوى من مسؤوليته تجاه الناس، ولطالما يكون نجاحه أو فشله على عاتق الحزب.

لا يعني هذا الكلام استبعاد الحزبيين عن المجالس البلدية، بل على العكس من ذلك يفترض أن يكون للحزبيين موقع فاعل، ولكن ليس طاغيا. الموضوع هو ضرورة توسيع دائرة المستقلين غير الملتزمين في هذه المجالس، خاصة على مستوى الرئيس ونائب الرئيس لما لهما من دور أساسي في تسيير شؤون البلدية، وليكن الحزبيون عندها سلطة مراقبة ومحاسبة تحرر الأحزاب والقوى السياسية من المسؤولية المباشرة، فضلا عن ظاهرة الخلاف على الرئاسة والتي لطالما تعالج بالمداورة، وهو ما ينعكس خللا في عمل البلدية من خلال تقاسم السلطة، ويسمح بتبادل إلقاء المسؤوليات عند النجاح أو الفشل.

قد يكون في هذا الاقــتراح اليوم شيء من الطــوباوية، في ظل الصراع الســياسي القــائم في البــلد، لكنه دعوة مخلصة للأحزاب والقوى السياسية للتمعن والتفكر في ما يخدم مصالحها أولا، ومصالح الناس ثانيا اذا كان لمصالح الناس بعد مطرح في السياسة.

التعليقات مغلقة.