يبدو أنكم قادرون على تحمّل المزيد

على وقع المثل الشعبي القائل :”..تيتي تيتي… متل ما رحتي متل ما جيتي”، عادت مشكلة النفايات لتقض مضاجع الاهالي في بعض المناطق اللبنانية وتحديداً في محافظة جبل لبنان، وكأن ما حصل منذ حوالي السنة وامتد لأشهر عجاف من تكدس النفايات في الشوارع والازقة والزواريب، وتحول قسم منها الى ما يشبه “النهر الهادر” تناوبت وسائل الاعلام العالمية على نشر صوره، لم يكن كافياً ليلطخ سمعة وطن الارز والاشعاع والثلاثة آلاف سنة من الحضارة. حتى عادت القصة المهزلة لتثار من جديد، أو على الاقل جزء منها، وكأنه لم يكف اللبنانيين ما يعانونه من أزمات على ابواب عودة الطلاب الى مدارسهم وجامعاتهم، وفصل الشتاء.

واذا كانت الحكومة مضطرة لمسايرة الاجواء السياسية المتشنجة نتيجة عدم قدرة الافرقاء السياسيين على بلورة اتفاق بشأن انتخاب رئيس للجمهورية، بالرغم من الفراغ الذي يتحكم بالكرسي الرئاسي منذ سنتين واربعة أشهر، ولجؤها ( أي الحكومة) في الكثير من الاحيان للهروب الى الأمام عند مواجهة القرارات المفصلية حتى لا تقع في ازمات التعطيل أو أكثر..

الأمر الذي سيفتح البلاد على المزيد من التجاذبات، وبالتالي المزيد من الشلل الذي يطال المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الأخرى. فإن ما يلاحظه المراقبون والمتابعون أن العديد من الافرقاء السياسيين لا يقيمون وزناً لكل التصدعات القائمة ويتصرفون وكأن كل شيء في البلاد يسير على أفضل ما يرام وفي ظل ظروف طبيعية جداً.

والذي يزيد طين التشنجات بلّة، هو صدور المواقف والتصريحات وعلى لسان بعض الوزراء احياناً، والتي تشير الى مسؤولية هذه “المافيات” او تلك “الكارتيلات” في تأجيج النزاعات، وتحريك هذه المجموعة من المواطنين أو تلك، لأن مصالحها تقتضي ذلك كي ترفع من نسبة ارباحها ومداخيلها المشبوهة، على هذا الشاطئ او ذاك الجبل.

غير آبهة بما يتداوله المواطنون من أحاديث عن الهدر والفساد و”شفط الاوال العامة” بدون حسيب أو رقيب، أو ما تنشره وسائل الاعلام المختلفة عن الصفقات والسمسرات التي باتت تجري “على عينك يا مواطن” أو “عينك يا هيئة رقابة”.

لا بل يبدو أن تلك الجهات باتت على قناعة بان ابناء الوطن قادرين على تحمل المزيد بدون أن يحركوا ساكناً.حتى بات معظم المراقبين والمتابعين على قناعة راسخة بأن ما هو قائم يمثل “فالجاً” لا تمكن معالجته بالادوات القائمة أو بالمراهم المعتادة، بل يتطلب جراحة مفصلية تعمل على استئصال الاورام الخبيثة مهما كلفت من جهود ومشقات، لأنها تبقى أقل كلفة بكثير مما يرزح تحته الوطن والمواطنون.

التعليقات مغلقة.