السيد فضل الله : الظلم مرفوض من أي محور أتى

حاضر العلامة السيد علي فضل الله في قاعة المرجع فضل الله في جبيل عن معاني عاشوراء، في حضور عدد من العلماء وأبناء المنطقة.

واستهل محاضرته بالقول :”نلتقي في كل سنة بهذه الذكرى الممتلئة عنفوانا وعزة وإحساسا بالكرامة، التي نزداد منها وعيا ومسؤولية وفاعلية، ونعيش في رحاب هذه القيم التي ينبغي أن نأخذها من عاشوراء، فالحسين لا يريد منا أن نذرف الدموع، وأن نعبر عن العواطف والمشاعر فحسب، بل إن عاشوراء تأتي لكي نقيس أنفسنا وميزان حركتنا هل نحن حقيقة مع الحسين وأصحابه أم مع يزيد وأعوانه ؟

فالحسين انطلق في ثورته من أجل تحقيق أهداف رسمها وسعى إليها، فهل نحن نسير من أجل هذه الأهداف، ونعمل على تحقيقها؟ فعلاقتنا به أبعد من علاقة ثائر ومصلح ومضح، هي علاقة مأمومين بإمام يقتدون به، ويأخذون منه أقواله وأفعاله وتطلعاته، ويعملون لمتابعة خطه ونهجه وأهدافه في الحياة”.

وأضاف :”إننا نريد أن ندخل إلى موسم عاشوراء بعقلية الإمام الحسين عندما قال : ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير، أن ندخل بعقلية المصلحين والتغييريين، بعقلية الرافضين لكل فساد وانحراف، بأن نتعلم من عاشوراء أن لا نقبل فسادا وظلما وانحرافا وأن لا نجامل الفاسدين والظالمين والمنحرفين.

أن لا نؤيدهم ولا نبرر أفعالهم، أن لا نشعرهم بالأمان وأنهم أمام أمة ترضى بكل واقع يفرض عليها وبكل ظلم تواجهه وأن ننطلق من قول الحسين:من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا بعهده مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباده بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا بفعل، كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.

وتابع :”إن مسألة الفساد والانحراف والباطل والظلم لا تتجزأ، فلا يمكن أن يكون هناك ظلم مقبول وظلم غير مقبول، أو نكون مع هذا الظالم لأنه من هذا المحور، وضد هذا المظلوم لأنه من محور آخر، لا فرق في ذلك بين ظلم التاريخ وظلم الحاضر، أو فساد التاريخ وفساد الحاضر، فالظلم واحد، ولا فرق في الظلم والفساد والطغيان، بين ظلم الزوج لزوجه، ورب العمل لعامله.

وظلم المسؤول لمن تحت مسؤوليته، ولا فرق بين الفاسد والمنحرف على أي مستوى من المستويات، حتى تتم المعاملات على أساس تقريب البعض هذا الشخص لأنه قريبه أو من طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي على حساب من يستحق”.

وختم قائلا:”لنبدأ بالتغيير من أنفسنا أن نغربل أفكارنا، كلماتنا، مواقفنا، تعاملنا مع الآخرين، وليعمل كل واحد منا، حسب قدراته وظروفه ودوره، على أن يبدأ بالإصلاح في بيته، في حيه، في قريته، في مواقع عمله، وصولا إلى العمل لإصلاح أوطاننا والعالم، وهذا هو مدخل الإصلاح: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

التعليقات مغلقة.