بصمات سعودية من تفجير الرويس إلى كسارة

كشفت المعلومات الأمنية أن الشيخ بسام الطرّاس الذي اوقف مجدداً امس كان على تواصل مباشر مع مسؤول العمليات الخارجية في تنظيم “الدولة الإسلامية” المدعو “أبو الوليد السوري”.

ولفتت الى ان الأخير هو من أشرف على التفجيرات الانتحارية التي استهدفت المدنيين في برج البراجنة في 12 تشرين الثاني الماضي. كذلك فإنّه الرجل الذي “هندس” الهجمات الانتحارية، في اليوم التالي، في العاصمة الفرنسية باريس.

الى ذلك اشارت الى ان أحد الموقوفين في الخلية التي نفّذت تفجير كسارة في مدينة زحلة يعترف وهو تحديداً من ضغط على زر التفجير، بأنّ الطرّاس عرّفه على المدعو “أبو البراء”، طالباً إليه تنفيذ كل ما يطلبه إليه. و”أبو البراء”، بحسب اعترافات أفراد الخلية، هو العقل المدبّر لعملية كسارة ولعمليات أخرى.

وتابعت المعلومات ان الصدف لا تنتهي عند هذا الحد، بل يدلي الطرّاس بإفادته أمام محققي الأمن العام قائلاً إنّ الاسم الحقيقي لـ”أبو البراء” هو محمد قاسم الأحمد. والأحمد هذا هو العقل المدبّر لـ”خلية الناعمة”، وأحد المسؤولين في “كتائب عبدالله عزام” والمسؤول عن تفجيري الرويس وبئر العبد، ويُعتقد بأنّه بايع مؤخراً تنظيم “الدولة الإسلامية”.

واضاف الكاتب ان صُدف عدة تتراكم حول شخص واحد هو الشيخ بسام الطراس. الرجل نفسه الذي كان قبل توقيفه بساعات موجوداً في السعودية، وقبلها كان في تركيا، والذي استدعى توقيفه انتفاضة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر لإرسال القاضي هاني الحجار ليلة عيد الأضحى للاستماع إلى إفادته شخصياً ثم يُقرر أنه غير متورط، من دون أن يواجهه بمن ذكر اسمه حتى، ناسفاً كل الجهود الأمنية التي سبقت استدعاءه بقرار من الحجار نفسه.

وتابعت الكاتب: “هنا يأتي أكثر الأسئلة مشروعية: لماذا تنتفض الدولة بأمنها وقضائها وسياسييها، بـ”كبسة زر”، لتضغط بكل ما أوتيت من قوة لترك موقوف، لسخرية القدر، يتبين لاحقاً من خلال تحليل داتا الاتصالات أنه مرتبط مع أحد أخطر الإرهابيين “أبو الوليد السوري”، الذي يأتمر بأوامر المتحدث باسم تنظيم “الدولة” أبو محمد العدناني؟!”

ولفتت الى ان أجهزة الاستخبارات الغربية عززت نشاطها على خط مراقبة الاتصالات الإلكترونية لجهاديين ينشطون على الساحة اللبنانية، بعدما تبيّن أنهم مفاتيح موصلة إلى قيادات من الصف الأول لتنظيم “الدولة الإسلامية”، والتي تتحرك من الرقة لإدارة العمليات الخارجية، ومن بينهم “أبو أنس العراقي” و”أبو البراء الإيعالي” و”أبو الوليد السوري”، علماً بأنّ الأخير قُتل، بحسب اعترافات “المنسّق أمني” الموقوف لدى فرع المعلومات محمود الغزاوي، خلال غارة أميركية استهدفته في الرقة.

وقال ان الحكاية بدات من هنا من محمد الأحمد وحسين الزهران (من العقول المدبّرة لعدد من التفجيرات) اللذين اختلفا مع نعيم عباس، “منظّم” التفجيرات التي استهدفت ضاحية بيروت، مروراً بمحمود الربيع وصطّام الشتيوي ومحمد عمر الإيعالي وصولاً إلى الطراس. وهنا تحديداً يحضر طيف الاستخبارات السعودية، عبر إحدى أدواتها التنفيذية في لبنان كتائب عبدالله عزام”.

وهذا التنظيم، أسّسه أحد ضباط الاستخبارات السعودية السابقين ماجد الماجد الذي يُعتقد بأنّه كان مرتبطاً بمدير الاستخبارات السابق بندر بن سلطان.

وتابعت الصحيفة ان إعادة رسم خارطة التفجيرات وتقاطع المعلومات بشأن المنفِّذين يكشفان عن دور ما للاستخبارات السعودية، ويضعها في دائرة الاتهام بشكل مباشر، لا سيما بعدما بيّن الرصد التقني أنّ اتصالاً جرى بين مفجِّر سيارة الرويس، بعد العملية التي وقعت في آب 2013، وشيخ مقيم في السعودية “زفَّ” فيه المتّصل نبأ نجاح العملية، ثم طلب لاحقاً تحويل مبلغ مالي.

وقد تجددت هذه الشبهة، تتابع الصحيفة، في التفجير الانتحاري الذي استهدف المستشارية الإيرانية، ورُصِد اتصال بين المنفذين ورقم هاتف سعودي. ورغم أن السلطات في الرياض تلقّت معلومات عن رقم الهاتف المشبوه، إلا أن أيّ إجراء لم يُتّخذ بحقه، بل بقي الهاتف “شغّالاً” بلا أي معوقات في أعمال أمنية أخرى. التنظيم نفسه اعترف، عبر المتحدث باسمه سراج الدين زريقات، بـ “غزوتي السفارة والمستشارية الإيرانية”.

أحد العناصر التنفيذيين في الهجوم كان المطلوب محمود الربيع الذي لعب دور المنسّق الأمني. اختفى الرجل، ليتبين لاحقاً أنّه انتقل إلى تركيا. بقي الربيع على تنسيق مع الأحمد والزهران اللذين نشطا لمدة على الحدود العرسالية مع القلمون، قبل أن يُفقد أثرهما. ومنذ أسابيع، عاد اسم الربيع على لسان الموقوف الرئيسي في “خلية كسارة” علي غانم، ليذكر أنّه اجتمع مع الطرّاس في منزل مُستأجر من قبل الربيع في تركيا.

لم يأخذ القضاء بكل ما سبق. ضرب بهذه المعطيات عرض الحائط. استنفر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لنجدته حرصاً على أن يقضي الأخير عيد الأضحى في منزله.

وسألت الصحيفة: “هل الغضب على توقيف الطراس من قبل الأمن العام كان محلياً؟ أم ان المحرّك موجود في السعودية، وهدف “الغضب” كان إخفاء ارتباطات للطراس؟ وهل خفوت الغضب بعد توقيفه من قبل فرع المعلومات مردّه الاطمئنان إلى أن الجهة المحققة لن تستهدف المشغّل الحقيقي لـ”كتائب عبدالله عزام” والطراس؟”

وذكرت الصحيفة ان القاضي صقر صقر كان قد حدد اليوم جلسة للاستماع إلى الطرّاس، لكن قبل يومين ارتأى جهاز أمني آخر هو “فرع المعلومات” توقيفه مجدداً بشبهة وجود اتصالات بينه وبين جهات مشبوهة، بناءً على إشارة القاضي الذي أشار بتركه سابقاً.

وسُرِّب في إحدى وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر أمنية، أنّ لا علاقة لتوقيفه بـ”خلية كسارة”. فهل تتكرّر تجربة خلية الـ13 (أوقف أفرادها المنتمون إلى تنظيم «القاعدة» في الأيام الأخيرة من عام 2005 والأيام الاولى من عام 2006) يوم اعترف أحد أفرادها بعلاقته باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقدّم معطيات خلال التحقيق ثبت صحّتها لاحقاً، ثم عاد ليتراجع عن اعترافاته لاحقاً.

التعليقات مغلقة.