ما علاقت الرئيس الثالث عشر بخرافات الأرقام

هل كان العماد ميشال عون، أو فخامة الرئيس، يحتاج إلى كرسي والى منصب، ولو كان الأول بين الأوائل، لتكريس زعامته المسيحية والوطنية، وهو الذي استطاع أن يكون على رأس أكبر كتلة نيابية مسيحية، وهذا ما لم تشهده الساحة اللبنانية وبالتحديد المسيحية من قبل، على رغم الشعبية الواسعة التي كانت للرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل، أو حتى للرئيسين بشاره الخوري وإميل اده.

في السادس من شباط 2006 جلسا جنباً إلى جنب، العماد عون، ولم يكن يومها رئيساً لأكبر كتلة نيابية مسيحية، والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، على طاولة واحدة في محراب كنيسة مار مخايل في الشياح، فوقعا بالحبر نفسه ورقة تفاهم، كانت بداية طريق “الجنرال” إلى قصر بعبدا، في خطوة جرئية لم تكن أجواء البلد يومها تسمح في الذهاب بعيداً في تحالفات غير طائفية.

أما الخطوة الثانية التي أكملت الأولى فكانت في معراب، في وقت لم يكن أحد يتوقع أن يقدم الدكتور سمير جعجع على هكذا خطوة، لو لم يرشح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية، فكانت هذه “الضارّة” نافعة بالنسبة إلى مشروع عون الرئاسي، فكان تفاهم معراب، وإن أختلف مضمونها عن ورقة مار مخايل. وقد يكون القاسم المشترك بين الورقة والتفاهم شخص العماد عون كمشروع جدّي لرئاسة الجمهورية.

ففي المحطة الأولى كان التمهيد، وفي الثانية كان التكريس، مع ما بينهما من تطورات، قد يكون العدوان الأسرائيلي في تموز 2006 من بين إحدى ركائز تثبيت “ورقة التفاهم”، وهو ما أعطى العماد عون مشروعية الوفاء “في الدنيا والآخرة”من قبل “حزب الله”.

أما ما جعل “تفاهم لقاء معراب” أكثر التصاقاً بالواقع التحالفي بين “التيار” و”القوات” فهو الدخول من خرم أبرة الإنتخابات الرئاسية، وحراجة الإختيار بين مرشحين ينتميان إلى قوى الثامن من آذار.

وبذلك أصبح العماد عون، بين تاريخين، مشروع رئيس، لم تكتمل حظوظ إيصاله إلى بعبدا من قبل فريقين على ضفتي نهر الصراعات الإقليمية، إلا بدخول الرئيس سعد الحريري على خط التوتر العالي، فكان الترشيح العلني لـ”الجنرال”، وهو لم يحظَ به “البيك الزغرتاوي”، فأكتملت نواة “البازل” الرئاسي، لتكرّ سبحة التأييد، باستثناء من لا يرون في “الجنرال” مشروع حلّ، وقد تثبت الأيام صحة هذه النظرية أو عدمها.

فالأداء السياسي وطريقة ممارسة الحكم ولعب دور الحَكم، بتجرد وحيادية مطلقة، وحدها قادرة على تبديد الهواجس لدى البعض، سواء أيدّوا أو اعترضوا أو عارضوا. فهل سيلعب “الجنرال” هذا الدور، بما يملك من رؤية وطنية جامعة، وبما لديه من شعبية مسيحية وغير مسيحية؟

بعد غد سيكون للبنان رئيس جديد يتسلم مقاليد الحكم من سلفه “فخامة” الفراغ، وكان له اليد الطولى في إطالة عمره.

في 31 تشرين الأول من العام 2016، ستكون نهاية عهد الفراغ والشغور والتعطيل والشلل والترهل، بدءًا، برأس السلطة التنفيذية، ووصولًا إلى كل إدارة من إدارات الدولة، وستكون بداية مرحلة جديدة يرى فيها المتحمسون لوصول “الجنرال” عصرًا ذهبيًا، ويتوجس المعارضون، الذين باتوا ينفخّون على اللبن لأن الحليب كواهم.

وما بين 13 تشرين الأول 1990و31 تشرين الأول من العام 2016 ستة وعشرون سنة وثمانية عشر يومًا، مسافة زمنية توالى عليها ثلاثة رؤساء، من بينهم إثنان خرجا من القيادة العسكرية إلى الرئاسة الأولى، وثلث ولاية من عهد “فخامة” الفراغ، لم تسقط ورقة “الجنرال” كرئيس ثالث عشر، بعيدًا عن الخرافات التي تتحدث عن هذا الرقم كدليل شؤم.

التعليقات مغلقة.