علي شريعتي : كرهته طهران حيا وأحبته دمشق ميتا

لم يكن اغتيال الكاتب الإيراني علي شريعتي في العام 1977 بالعاصمة البريطانية (لندن) بالمقنع للجماهير، بعد أن أفاد تقرير الوفاة بأن سببها السكتة القلبية، لكنهم رجحوا اغتياله من قبل المخابرات الإيرانية جراء أفكاره المناوئة لسياسة بلاده آنذاك. وسجي جثمانه في مقبرة السيدة زينب بدمشق بعد أن صلى عليه موسى الصدر مجازفا بالجنسية الإيرانية التي سحبت منه بسبب ذلك.

في العام 1952 قام شريعتي بالعمل مدرسا للصفوف الثانوية وأسس خلالها اتحاد الطلبة المسلمين في طهران، وقاد مظاهرة مناهضة للشاه بعد الإطاحة بمصدق في العام 1953. وبعد خروجه من المعتقل قرر الانضمام إلى الجبهة الوطنية، واستكمل دراسته في جامعة مشهد ليحصد شهادة البكالوريوس في العام 1955، ولكن بعد عامين من تخرجه اعتقل مرة أخرى مع بقية زملائه في الجبهة.

حصل بعد خروجه من الاعتقال على منحة دراسية ليسافر إلى باريس مستكملا دراساته العليا في جامعة السوربون في العام 1959 حاصلا على درجتي الماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع، مكونا صداقات رفيعة مع أهم الفلاسفة الفرنسيين آنذاك كجان بول سارتر، ولكن هذه الحرية لم تدم، إذ تم اعتقاله في باريس بتهمة المشاركة في مظاهرة تضامنية مع أول رئيس وزراء منتخب للكونغو باتريس لومومبا، قبل اغتيال الأخير من قبل المخابرات البلجيكية.

انخرط شريعتي منذ شبابه بأنشطة سياسية تنضوي تحت لواء رئيس الوزراء الإيراني الدكتور محمد مصدق في الستينات من القرن الماضي، فقد اعتقل مرتين أثناء دراسته في جامعة مشهد بعد أن أسس في العام 1969 حسينية الإرشاد لتربية الشباب بمشاركة والده تقي الدين شريعتي ما أدى إلى إغلاقها واعتقالهما سويا لمدة عام ونصف.

تأثر شريعتي بالفكر الماركسي رافضا تسييس الدين، فقد اتخذ من التشيع الذي تمخض من الصفويين أنموذجا، متهما إيران بأنها اتخذت المنطلق الصفوي سدا منيعا في مواجهة التسنن العثماني في الداخل الإيراني، كما استخدمت التشيع أداة لاستنهاض القومية الفارسية، ومجابهة ما بقي من الإرث العثماني السني.

يذكر أن شريعتي قدم أكثر من 150 دراسة، وترجم كتبا من الفرنسية إلى الفارسية، وألف عددا من الكتب المهمة ومنها «علي أسطورة تاريخ» و«الحسين وارث آدم»، و«مذهب عليه مذهب»، و«التشيع العلوي والتشيع الصفوي»، و«دين ضد الدين»، و«العودة إلى الذات»، و«فاطمة هي فاطمة»، و«النباهة والاستحمار»، و«أبي.. أمي.. نحن متهمون»، و«الفريضة الخامسة»، و«بناء الذات الثورية»، و«التشيع مسؤولية»، و«الإسلام والإنسان»، و«معرفة الإسلام».

التعليقات مغلقة.