هآرتس : ماذا سيحدث بعد سقوط حلب

نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، تقريرا قالت فيه إن “الولايات المتحدة الأميركية لن يبقى معها أي حليف بسوريا في محاربة تنظيم “داعش”؛ في حال انتهى الرئيس السوري بشار الأسد من ملاحقة “المعارضة”.

وأضافت في تقريرها أنه “بالنظر للرغبة المعلنة لدونالد ترامب في الابتعاد عن مشاكل الشرق الأوسط؛ فقد تشهد الفترة المقبلة تقاسما للأدوار بين الولايات المتحدة وروسيا”.

وأوضحت أن الرئيس الأسد بعدما استعاد حوالي 80 بالمئة من الجزء الذي كانت المعارضة تسيطر عليه في حلب؛ فإنه لا يبدو أن لديه أي دافع للقبول بهدنة، أو الركون إلى الحلول الدبلوماسية، “فخلال هذا الأسبوع؛ وجه رسالة تهديد للمعارضة لحثها على مغادرة المدينة.

وأشارت إلى أن “بعض المقاتلين قد قرروا المغادرة فعلا، إلا أن هؤلاء شأنهم شأن آلاف السكان من منطقة حلب؛ ليس لديهم مكان يذهبون إليه، فقد هربوا في البداية إلى الأحياء التي يسيطر عليها الأكراد، حتى اكتظت ولم تعد قادرة على استيعاب الفارين، ثم بعد ذلك حاولوا اللجوء إلى إدلب، إلا أن القيادة المشتركة للمعارضة السورية في حلب؛ حذرتهم من أن الخروج من المدينة يشكل خطرا كبيرا على حياتهم بسبب القصف العشوائي الذي تقوم به الطائرات الروسية، كما أن إدلب بدورها مكتظة، ولم تعد قادرة على استيعاب المزيد”.

وأكدت الصحيفة أنه رغم هذه المشاكل؛ فإن البقاء في الأحياء التي دخلها الجيش السوري ليس خيارا واردا بالنسبة للمدنيين، مشيرة إلى أن “تقارير عديدة أكدت تعرض هذه المناطق لأعمال نهب وانتهاكات.

واعتبرت الصحيفة أن المعارضة السورية بقيت بلا داعمين دوليين، حيث قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري هذا الأسبوع، إن “واشنطن ليست لها أي نية للمشاركة في المحادثات حول مستقبل حلب، وليست مهتمة بالحل الدبلوماسي في ما يخص سوريا بأكملها؛ لأنه لا فائدة من كل هذه الجهود؛ بما أن الأسد غير مهتم بالحلول السلمية”.

ولكن رغم ذلك؛ فقد عبّر كيري عن رغبته في لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في مدينة هامبورغ، وقد قال لافروف الخميس الماضي، إنهما على وشك التوصل إلى اتفاق جديد حول حلب، لكنه لم يذكر أي تفاصيل حوله.

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أكد في عدة مناسبات أنه يعتزم بعد دخوله البيت الأبيض؛ التخلي عن السياسة الأميركية السابقة التي تسعى لتغيير الأنظمة، وسيركز فقط على محاربة المنظمات الإرهابية، “على غرار تنظيمي القاعدة وداعش”.

وتابعت: “هذا معناه واضح جدا، حيث إن ترامب يرى في بشار الأسد شريكا في الحرب على الإرهاب، وإذا كان الثوار ينوون إسقاط الأسد؛ فسيتوجب عليهم البحث عن حليف آخر، وهو أمر يبدو صعبا جدا في الوقت الحاضر”.

واعتبرت الصحيفة أن “موقف ترامب المتخوف من تحول سوريا لدولة منهارة تتحكم فيها المنظمات المتجددة؛ يمكن فهمه، إلا أن سياسته هذه ستصب في صالح إيران وروسيا من خلال معارضته لخروج بشار الأسد من الحكم”، مشيرة إلى أن “باراك أوباما، الذي ساند بقوة فكرة تخلي الأسد عن السلطة؛ لم يقم بجهد حقيقي لتحقيق هذا الهدف، أو ترجيح كفة المعارضة”.

وتوقعت الصحيفة أن يواجه ترامب مشكلة دبلوماسية أخرى في علاقته مع السعودية، باعتبار أنه بسياسته المعلنة هذه؛ سوف يفسح المجال لإيران لتحقيق أهدافها، ويقدم لها سوريا على طبق من ذهب.

وبحسب الصحيفة؛ فإن السؤال الحارق الآن هو: “ماذا سيكون مصير حلب بعد سقوطها بالكامل في يد بشار الأسد؟”، إذ إن هذه المدينة تمر منها الطرق الهامة التي تذهب نحو تركيا في الشمال، ومناطق سيطرة تنظيم “داعش” في الشرق، “والأكثر أهمية من ذلك؛ هو أن السيطرة على المدينة سوف تعطي دفعة معنوية قوية لبشار الأسد”.

وذهبت الصحيفة إلى القول إن “قوات المعارضة حولت معركة حلب إلى معركة وجود، وبالتالي فإن سقوط هذه المدينة سوف يؤدي لانفراط عقد هذه الفصائل المسلحة وتفرقها أمام تعدد الخيارات، وفي هذه الحالة قد تبقى جبهة فتح الشام الفصيل الوحيد الذي سيكون بإمكانه الوقوف في وجه الجيش السوري”.

واستدركت بأن “سقوط حلب لا ينفي بقاء بعض جيوب المقاومة في مناطق أخرى في البلاد، إلا أن فصائل المعارضة في بقية المناطق تعاني من الضعف النسبي، وفي أفضل الحالات قد تتمكن من إعاقة تقدم الجيش السوري”، مضيفة أنه “لاستعادة سيطرته بالكامل؛ فإن الأسد سيكون مطالبا بتطهير هذه المناطق، وهو ما سيدفعه إلى تقسيم قواته، والدخول في معركة قد يطول أمدها. وهذا ما يثير قلق روسيا وإيران اللتين تريدان استعادة السيطرة على كامل البلاد”.

ورجحت الصحيفة أن “هذه الأسباب قد تدفع بروسيا إلى ممارسة نفوذها على بشار الأسد وقوات المعارضة، من أجل التوصل لحل دبلوماسي، خاصة وأن الخبراء الروس لديهم تجارب سابقة في القيام بوساطات في عدة مناطق من البلاد، وهي ينظر إليها على أنها القوة الوحيدة القادرة على فرض وحماية الاتفاقات”.

وأضافت أن سقوط حلب لن يحل مشكلة الحرب ضد “داعش” في سوريا، ففي هذه المعركة لم يعد لدى الولايات المتحدة أي حليف يستطيع قيادة التحركات الميدانية، كما يفعل الجيش العراقي في الحرب على التنظيم في العراق، لافتة إلى أن “الولايات المتحدة تعتمد حاليا بشكل أساسي على الأكراد وعلى قوات تركية، إلا أن هذين الطرفين يخوضان صراعا ثنائيا للسيطرة على شمال سوريا، وهو ما يزيد من تعقيد الأمور، حيث إن الأسد وروسيا لن يقبلا بسيطرة تركيا على مناطق في شمال سوريا”.

وختاما؛ قالت الصحيفة إن “الخيار الأقرب في ظل هذه الوضعية المعقدة؛ هو أن تتقاسم موسكو وواشنطن الأدوار، فتقوم روسيا مثلا بقيادة الحرب على تنظيم “داعش” في سوريا، فيما تتكفل الولايات المتحدة بالحرب في العراق، وهو ما سيتماشى مع رغبة ترامب في تقليص التدخل الأميركي في صراعات الشرق الأوسط”.

التعليقات مغلقة.