المحكمة الدولية تضاف الى البيان بتوافق شامل

مرت جلسات مناقشة البيان الوزاري ونيل الثقة البرلمانية، بانسيابية وسلاسة قلّ نظيرهما، شكّلت امتدادا للاجواء التوافقية التسووية التي تسود البلاد منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

هذه الايجابية “النادرة” التي تظهرت في مداخلات النواب حيث خلا معظمها من أي حدة أو تصعيد، تجلّت ايضا في عملية “ترميم” البيان الوزاري في اللحظة الاخيرة، وفق ما تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية”. فنسخة البيان التي أقرها مجلس الوزراء السبت الماضي، وهي نفسها التي وزعت على نواب البرلمان، لم تأت على ذكر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لا من قريب ولا من بعيد، ما أثار أكثر من علامة استفهام لا سيما في صفوف فريق 14 آذار.

الا ان هذا اللغط سرعان ما تم تداركه. فعشية انطلاق جلسات الثقة، دارت اتصالات مكوكية بين بيت الوسط من جهة، وبعبدا وعين التينة وحتى الضاحية الجنوبية من جهة أخرى، أفضت الى اضافة فقرة المحكمة الى البيان، وسط مرونة “لافتة” من الاطراف كافة وغياب اي صوت اعتراضي، فكان ان أُلحق البند، وهو نفسه الذي ورد في بيان حكومة الرئيس تمام سلام، ببيان حكومة “استعادة الثقة” وقد تلاه الرئيس الحريري في افتتاح جلسات الثقة، وكان الرئيس نبيه بري مهد له الأرضية لذلك، باعلانه ان “مجلس الوزراء توافق على امور، لكن عند طباعة البيان سقطت بعض العبارات “سهوا”، منها مثلا في الصفحة الثانية من البيان حيث ورد “خصوصا في المناطق المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي” وقد حذفت من الفقرة، وأحلّ محلها “في المنطقة الاقتصادية الخاصة” ( المياه الاقليمية، حيث اكتشف وجود نفط ).

وفي الصفحة الرابعة، سقط خلال الطبع ان الحكومة تحرص على استقلالية القضاء وتحصينه من التدخلات، وأن الحكومة انطلاقا من احترامها القرارات الدولية تؤكد حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وستتابع مسار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيا لإحقاق الحق والعدالة، بعيدا عن اي تشكيك او انتقاص، بما لا ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي. وأخيرا في الصفحة الخامسة، يضاف الآتي: كما تؤكد على احترامها المواثيق والقرارات الدولية كافة والتزامها قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701″.

واذ تؤكد ان الصيغة النهائية والرسمية للبيان تتضمن فقرة “المحكمة”، وقد حصل تعديل النسخة الأولية بضوء أخضر وزاري “شامل”، توضح المصادر ان العامل الذي كان خلف غيابه عن الصيغة الاولى هي اعتبار القوى السياسية، ان بند “احترام القرارات الدولية” يشمل في مفاعيله الضمنية المحكمة أيضا، التي باتت تحصيلا حاصلا وثابتة في الحياة السياسية اللبنانية حيث تفرد لها ميزانية خاصة كما ان لبنان ملزم أصلا التعاون معها، كونها قامت تحت الفصل السابع.

الا ان قوى 14 آذار في الحكومة وحرصا منها على مزيد من الوضوح، أرادت تسمية “المحكمة” بالاسم قطعا لأي التباس او سوء تفاهم في المستقبل. فعمل الحريري لزيادة البند ولم يقابل بأي اعتراض، بل على العكس، في ظل مناخات “التسوية” التي لا تزال تلف الحياة السياسية. وتنفي المصادر وجود اي أبعاد سياسية أو خلفيات “خبيثة” لغياب البند وتشير الى ان “المسألة انتهت وباتت وراءنا” وهي لا تحمل أي تأويل اضافي، داعية الى عدم الاصطياد في المياه العكرة.

التعليقات مغلقة.