بعد نحو 12 سنة من الاحتراف في لعبة كرة السلة قرر مارتين مغربل ان ينكفئ ويكتفي بالتدريبات الخاصة والعمل لمساعدة المصابين بمرض الالزهايمر. اصابة والد مارتين بالمرض عام 2008 شدّت عزيمته ليحاول جمع المبالغ المالية المكلفة لمساعدة المصابين، فكان تعاونه مع جمعية الألزهايمر في لبنان. وانطلق بمبادرة فردية منه في سباق البترون حيث استطاع جمع مبلغ لا بأس به، ومن اجل تأمين المبالغ اللازمة للتمريض المنزلي للمصابين ها إنه اليوم يتحضر لخوض مغامرة جديدة في سباق half IRONMAN ترياثلون في البحرين، في الخامس من كانون الأول، ليعود ريعها لتوفير التمريض المنزلي المجاني للمصابين والذي يبلغ في اليوم مئة دولار.
التحدّي الصعب
في تشرين الأول الماضي شارك مارتين في الترياثلون في البترون، وهو سباق ثلاثي في السباحة ثم ركوب الدراجات الهوائية انتهاء بالركض، مسافته 26 كلم. بدأ بحملة إعلانية صغيرة في حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات. واستطاع وقتذاك من دون حملة إعلانية ولا دعم من الجمعية – التي لم تكن على علم بمبادرته- جمع مبلغ قدره 2350 دولاراً، لتغطية نفقات اللقاءات التوعوية لأهالي المصابين بالألزهايمر.
وفي حديث لـ”النهار” تقول المديرة التنفيذية لجمعيّة الألزهايمر في لبنان ميرنا منيمنة “عام 2013 زارت مركزنا في كليمنصو والدة مارتين لإصابة زوجها بالمرض. كان هدفنا تأمين الدعم النفسي وحسن الإدارة المنزليّة للمريض من خلال الحلقات التوعوية لعائلته بهدف تحسين شروط الحياة التي يعيشها المريض”. وعن مبادرة مارتين، تقول: “تعرّفنا إلى مارتين قبل عام وكان هدفه دعمنا مادياً. وبعد مشاركته في سباق البترون ها هو يتحضّر اليوم لخوض السباق في البحرين. سيعود ريع مشاركته لدعم مشروعنا المستقبلي في العام 2016. إذ سنطلق نوعاً جديداً من دعم العائلات هو توفير الممرضين والمعالجين الانشغاليين للمرضى في المنزل. كلنا يعرف أن الألزهايمر يتطلب رعاية طبية دائمة وكلفتها مرتفعة جداً لذلك تعمد العائلات إلى وضع المصابين في دور رعاية خاصة، لكن هدفنا هو توفير شروط الحياة الصحية لهم في المنزل”. وعن تكلفة المشروع، تجيب “نحن بحاجة إلى مبلغ 50 ألف دولار نساعد من خلاله 182 مريضاً إذ سنؤمن لهم ممرضين يزورونهم ثلاث مرات في الشهر”. وعن مبادرة مارتين تؤكد “إنها صعبة جداً، وهو يتدرب يومياً وهمه الوحيد تحقيق هذا الهدف. نحن اليوم نحاول عبر علاقاتنا والحملات الإعلانية عبر موقعنا الإلكتروني جمع المبلغ وقد حققنا إلى الآن 19 ألف و444 دولاراً وقد أطلقنا الحملة منذ أسبوع فقط في لبنان”.
30 ألف حالة في لبنان!
أما سباق 112 كلم الذي سيخوضه مارتين فيهدف إلى مساعدة 112 مريضاً، عبر التبرع أو الرهان على اجتيازه هذه المسافة بتقديم مبلغ 25 دولاراً أي ما يساوي كلفة الزيارة المنزلية الواحدة للمريض، أو 300 دولار لزيارة المريض مدة سنة كاملة.
نسأل منيمنة عن الأرقام والإحصاءات التي تملكها حول أعداد المصابين في لبنان، فتقول: “ثمة 30 ألف حالة في لبنان، 20 في المئة منها فقط تم تشخيصها وذلك وفقاً لأرقام شركات الأدوية وليس الإحصاءات الرسمية. والرقم الأكثر خطراً هو أن 1 في المئة من أولئك فقط يخضع للرعاية التمريضية المنزلية”. وتضيف “بعض الناس يخجل من زيارتنا في مركزنا الكائن في بيروت لذلك نحن بحاجة إلى التوسع للوصول إلى مناطق عدة. سنسعى جاهدين لإطلاق مشروعنا في 2016. فبعدما ساهمنا مع وزارة الشؤون الاجتماعية في مشروع الكشف المبكر عن المرض استطعنا تغطية 13 منطقة والتقينا نحو ألف عجوز، شخّصنا نسبة 24 في المئة منهم يعانون المرض. لذلك ننتظر متابعة الوزارة لعملها هذا في كل المناطق لأن انتشارها أوسع من نطاق عملنا”.
مارتين: والدي هو مُلهمي
في السياق عينه، يقول مارتين مغربل لـ”النهار”: “إن هدفي هو اجتياز مسافة 112 كلم، لأنها المرة الأولى التي أشارك فيها في سباق البحرين بعد مشاركتي في البترون. أنا أتدرب بمفردي، وأود مساعدة عائلات المصابين بالمرض. المشجعون الذين يدعموننا مادياً ويراهنون على فوزي هم إما مؤمنون بالقضية التي أعمل لأجلها وإما يراهنون فعلاً على اجتيازي المسافة قبل التبرع بالمبلغ”. وعن التقرير الذي عرض حول والده، يشرح “سابقاً لم أكن مع فكرة التقرير، خصوصاً أنه يصوّر والدي الذي كان كثير النشاط وكان لا يوفر طريقة لمساعدة الآخرين. أنا أخذت هذه الصفة منه. وقد قبلت بتصوير التقرير ما دام يساعد الآخرين”. ويضيف “إذا كانت عائلتي قادرة على تأمين التمريض المنزلي والرعاية الكاملة له، فثمة عائلات كثيرة لا تستطيع ذلك وهدفي مساعدتها. لن أجمع أموالاً من أجل تأمين الأبحاث في الولايات المتحدة مثلاً، بل أريد أن أساعد من هم حولي”.
مبادرة مارتين تهدف إلى جمع مبلغ 38 ألف دولار من أصل تكلفة المشروع الإجمالية أي 50 ألف دولار. تحوّلُ اللاعب المحترف في كرة السلة إلى عداء في سبيل أهداف إنسانية هو قمة السمو بالعمل الذي يمكن إنساناً بلوغه. هو السعي اليومي إلى مساعدة من حولنا بعد أن نكون عشنا التجربة الأليمة داخل جدران منزلنا. فالدعم الكليّ لمارتين في السباق والتشجيع لأصحاب مبادرات كهذه.
التعليقات مغلقة.