«فيلم كتير كبير» اسمٌ على مُسمّى

فاطمة الرميحي تتوسط فريق عمل الفيلم على السجادة الحمراء


إنه «فيلم كتير كبير»  فعلاً

فالعمل اللبناني للمخرج مير جان بو شعيا، والذي عُرض أول من أمس ضمن فعاليات اليوم الثالث من مهرجان أجيال السينمائي في دورته الثالثة، وضع الحاضرين داخل قاعة الأوبرا في كتارا أمام واقع جديد للسينما اللبنانية.

الدهشة كانت واضحة في عيون الحاضرين، وكلمات الثناء تناثرت في الأرجاء قبل جلوس طاقم عمل الفيلم مع أهل الصحافة على دفعتين، الأولى في موجز صحافي والثانية ضمن طاولة مستديرة.

«فيلم كتير كبير»، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج اللبناني الشاب الحاصل على منحة من مؤسسة الدوحة للأفلام ميرجان بوشعيا، عبارة عن كوميديا سوداء تسلط الضوء على الجريمة المنظمة والفساد السياسي، وعرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي 2015، كما عرض في المسابقة الرسمية في مهرجان لندن السينمائي الـ 59 هذا الأسبوع. ويشهد مهرجان أجيال العرض الأول له في المنطقة خارج لبنان. وهو كان فيلماً قصيراً لبو شعيا ضمن الجامعة تحت اسم «فيلم كبير».

يدور الفيلم حول ثلاثة إخوة، أكبرهم يعمل في تجارة المخدرات، ويجد نفسه يوماً ما أمام جريمة قتل، ليحمل وزرها شقيقه الأصغر على اعتبار أنه قاصر والحكم الأقصى للجريمة خمس سنوات. فبينما يمكث جاد وراء القضبان بسبب جريمة زياد، يعمل الأخير في ترويج المخدرات عبر مطعم بيتزا مع شقيقه الأوسط جو.

وحين يقترب موعد خروج جاد من السجن، يتخذ زياد قراراً بالابتعاد عن طريق المخدرات، إلا أن تمنياً من «المعلم الكبير» بنقل بضاعة للمرة الأخيرة إلى سورية، جعل الأحداث أمام تحوّل دراماتيكي. إذ وخلال عملية توصيل البضاعة، وبين الحدود اللبنانية والسورية، شعر زياد بأن مكيدة تدبّر له وأن هناك قراراً بتصفيته. فباغت من حضرا لتسلم البضاعة منه وقتلهما، ليعود بالبضاعة إلى لبنان.

وتبدأ الأحداث عندها حين يحاول زياد اقتناص فرصة العمر لصنع ثروة، من حبوب «الكبتاغون» التي باتت في حوزته. فيكتشف بالصدفة موضوع إمكانية تهريب البضاعة عبر علب الأفلام السينمائية، فيقرر أن ينتج فيلماً بمساعدة مخرج متلهف حتى يتمكن من الحصول على إذن بإرسال الأفلام للتظهير في الخارج من دون أن تخضع للتفتيش. فتتفتح رؤيته حين يبدأ العمل بالصورة وتتوالى الأحداث، ليكتشف في نهاية المطاف وجود قوى أكبر منه، ويجد المشاهد نفسه أمام نهاية مفتوحة تحكي الكثير.

يغلب على طرح «فيلم كتير كبير» الجرأة والذكاء، حيث تدين هذه الكوميديا السوداء الفساد السياسي وما يرافقه من سيرك إعلامي، علماً أن كماً من الشتائم والألفاظ الخارجة رافق الفيلم من أوله إلى آخره، برره المخرج بارتباط الأمر ببيئة المكان الذي يعيش فيه زياد وشقيقيه.

الفيلم من بطولة آلان سعادة، فؤاد يمين، ألكسندرا قهوجي، فادي أبي سمرا ووسام فارس، مع ظهور خاص للإعلامي مارسيل غانم بشخصيته الحقيقية كمقدم لبرنامج «كلام الناس». أما الإنتاج فلشقيقي مير جان، لوسين وكريستيان بو شعيا، والموسيقى لميشال ألفترياديس.

وفي الموجز الصحافي الذي تلى عرض الفيلم، وجمع كلاً من مخرج الفيلم مير جان بو شعيا، المنتجين كريستيان ولوسيان بو شعيا والممثلين آلان سعادة وفؤاد يمين، قال المخرج بوشعيا: «الفيلم كان مشروع تخرجي في الجامعة وتم تحويله إلى فيلم طويل بعدما نال إعجاب السينمائيين إثر مشاهدته في مهرجانات سينمائية دولية. قمت بكتابة الفيلم بمشاركة الممثل الرئيسي آلان سعادة وأشرف على الكتابة المخرج اللبناني جورج نصر والسينمائي الفرنسي إيف أنجلو».

وأضاف: «هذه التركيبة استطاعت أن تغطي جميع نواحي السيناريو، وتدخل في عمق الشخصيات وتطورها في سياق الفيلم، فجورج نصر القادم من المدرسة الهوليوودية ساعد في تركيب الحبكة، بينما نجح إيف أنجلو القادم من المدرسة الفرنسية في تدقيق الطرح الذي نقدمه ونريد إيصاله للجمهور في أوروبا».

وحول مدى تعبير الفيلم عن الواقع الحقيقي، أوضح بو شعيا: «حاولت من خلال الفيلم أن أنقل صورة حقيقية عن واقع الحياة داخل المجتمع اللبناني، لذلك تم نقل الصورة للمشاهدة بلغة الأحياء نفسها التي تم فيها تصوير الفيلم من دون تزييف أو تجميل، لكي نطرح القضية الأساسية للفيلم بالعمق والصورة المطلوبين».

وتابع: «مشاركة الإعلامي مارسيل غانم أعطت ثقلاً كبيراً للفيلم، ومنحت فريق العمل ثقة كبيرة في أنفسهم. وفي العمل تركنا الشخصيات تقود الفيلم وأعطيناها مساحة حرية للارتجال بدل التدخل في كل تفصيل، وهو ما أعطى الفيلم قوة وتميزاً».

وعن «اللطشة» السياسية التي رافقت الفيلم، حين نجد زياد متجهاً نحو طرح نفسه في الحياة كشخصية فاعلة قال مير جان: «كنا نبحث عن إلى أي مدى ممكن أن تصل هذه الشخصية حين تكتشف قوة الصورة وتبدأ بصناعة صور وأحلام. كنا نبحث عن هذا الشخص القادم من بيئته ويكتشف السينما، كيف سيستفيد من الأمر ليتحول. بالتأكيد الناس حين يرون الأمر يعتبرونه (لطشة)، لأن هذا واقع، إذ ليس جميع السياسيين في العالم يقومون بعملهم السياسي الصحيح. اليوم يوجد بلد مثل لبنان آت من الحرب ولم يعرف بعد كيف يخرج من هذه الحرب. والمشكلة الأكبر أن هناك سياسيين ما زالوا يتصرفون بأسلوب الحرب نفسه الذي لم يعد الشعب يريده والكثيرون يحاولون تخطيه. ما حاولنا أن نضع اصبعنا عليه هو أننا في حال استمررنا على هذه الحال فلن تتغير القصص».

من ناحيته، «رأى الممثل آلان سعادة حول الموضوع نفسه، أنه في الشق العالمي، من أكثر الطروحات تتعلق بموضوع المخدرات والسياسة وبين العلاقة بينهما، ونحن لا نقول إن الجميع هكذا أو نستهدف شخصية محددة، ولكن هذا واقع».

من جانبه، قال المنتج لوسيان بو شعيا «نشكر مؤسسة الدوحة للأفلام على دعمها للفيلم ونشكر مهرجان أجيال السينمائي على عرضه للفيلم ودعم المواهب السينمائية. ونحن في الواقع نبحث عن آلية لتطوير صناعة السينما في لبنان والعالم العربي، ومشكلة المواهب السينمائية أنها لا تمنح المساحة الكافية للإنتاج ولا التمويل اللازم لذلك».

وعن خوض الإخوة الثلاثة تجربة سينمائية واحدة، وعما إذا كان هذا سيؤسس إلى حالة جديدة من العمل الأخوي على الساحة، قال كريستيان بو شعيا: «أعتقد أن هذا بالتأكيد سيحصل وسترون عملاً آخر ونحن بالفعل أسسنا شركة لندعم صناعة السينما».

أما الفنان فؤاد يمين، ولدى سؤاله عن سبب حصره حتى الآن في شخصية «الملطشة» بالدراما والسينما، قال: «هناك كادر يوضع فيه الممثل، خصوصاً في لبنان، ومع مرور وقت معين يصبح هذا الاتجاه أكثر للأدوار. في دوري في الفيلم، هناك نوع من الشخصية الضعيفة، وحاولت مع المخرج أن ننطلق من شيء يشبهنا ونذهب إلى الشخصية التي وكما هي مكتوبة لا تُلعب إلا بهذه الطريقة».

وتابع: «هذه الشخصية الضعيفة صحيح أنكم ترونها على الشاشات، لكنها غير موجودة مثلاً في المسرح.

التعليقات مغلقة.