الرئيس سليمان أعلن الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية

لفت الرئيس العماد ميشال سليمان، إلى انه “منذ العام 1943 نافست الدولة اللبنانية دويلات ودول، فتصدعت الدولة وانتهكت سيادتها وتزعزعت اساسات الجمهورية وكاد الوطن ان يستشهد، ولكن الجمهورية لم تسقط”.

واعتبر ان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري “شكل زلزالا كبيرا ولكن لبنان لم يسقط، والفضل بذلك للرئيس سعد الحريري. وقال إن “اتفاق القاهرة هو اتفاق قاهر للسيادة وشكل عقدة للرئيس شارل حلو، وأدى بلبنان إلى الحرب الأهلية، واستجلب الاعتداءات الاسرائيلية والاحتلال الذي استمر إلى العام 2000″، مردفا “كنت أول رئيس يأتي لتطبيق الطائق بدون وصاية”.

ورأى ان سفير لبنان في سوريا “ليس ندا لسفير سوريا في لبنان، فليس لديه نفس الدور ولا نفس الاهمية، كونه لمدة سنتين لم يستطع ان يقابل وزير الخارجية في سوريا، اما نحن فنعامل السفير السوري بشكل شقيق ومميز وهذه ثغرة في التعامل الدبلوماسي”.

وأوضح ان “سياسة اعلان بعبدا ليست النأي بالنفس بل تحييد لبنان عن الصراعات. والاستراتيجية الوطنية التي رفعتها الى هيئة الحوار تنص على انه ولغاية ان يستطيع الجيش من الدفاع عن الأرض بمفرده، نستفيد من قدرات المقاومة لدعم الجيش ضد الاعتداءات الإسرائيلية، والقضية ليست مفتوحة بل بأمر من رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة”.

واعتبر انه “رغم الجهد الذي يبذله رئيس الحكومة الذي نوجه له التحية، بالتعاون مع رئيس مجلس النواب، ولكن تعويض صلاحيات رئيس الجمهورية غير متاح كليا، وهذا ما ادى باللقاء التشاوري إلى ان يرفض بعض القضايا التي تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية مثل قانون الانتخاب، فأي قانون انتخاب لا يجب ان يقر في مجلس النواب بدون وجود رئيس للجمهورية”.

وقال انه “يجب ان ينزل النواب الى مجلس النواب وينتخبوا رئيسا، الرئيس من أي مكان يأتي ليس له الحق الا ان يحكم بالتوافق ويوم يؤدي القسم، هذا القسم يحرره من التزاماته بالمحاور او الالتزامات المذهبية”.

وتابع: “اعلان بعبدا كان هدفه منع اللبنانيين من الاقتتال على ارض الاخرين. ويجب ان نصحح الثغرات الدستورية فيصبح رئيس الدولة هو اقوى سلطة في الدولة لأنه يطبق الدستور بتجرد ويصبح اقوى بقوة الاب للدولة اللبنانية”، محذرا من تعطيل الانتخابات البلدية”.

واكد ايمانه بلبنان، مبشرا بأنه “ستأتي ايام جميلة جدا للبنان على كل المستويات، فلنضع ايدينا معا لنصحح كل شيء ولا نهجر اولادنا”.

ووجه تحية للقيادة الأمنية ولوزير الدفاع ووزير الداخلية على الدور الذي يقومون به لحفظ الامن والجهد لتحرير العسكريين.

مواقف سليمان جاءت خلال اعلانه “الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية”، في احتفال حاشد ضاقت به قاعات قصر المؤتمرات في ضبيه، وحضره، الى سليمان وعقيلته السيدة وفاء، كل من: ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب ياسين جابر، ممثل رئيس الحكومة تمام سلام نائبه وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المطران بولس روحانا، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القاضي الشيخ حمزة شكر، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن الشيخ غسان الحلبي، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء اللواء عصام ابو جمرة، السيدات الأول سولانج الجميل، نائلة معوض ومنى الهراوي، ممثل رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري الوزير نهاد المشنوق، ممثل رئيس “كتلة المستقبل” فؤاد السنيورة النائب عاطف مجدلاني، ممثل رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط النائب غازي العريضي، رئيس “حزب الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل، ممثل رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع النائب انطوان زهرا، رئيس “حزب الطاشناق” هاغوب بقرادونيان، الوزراء: بطرس حرب، ميشال فرعون، رمزي جريج، أليس شبطيني، سجعان قزي، رشيد درباس، عبد المطلب حناوي والان حكيم، النواب: هنري حلو، ايلي ماروني، محمد الصفدي، سمير الجسر، روبير غانم، رياض رحال، محمد الحجار، طوني ابو خاطر، سامر سعادة، علاء الدين ترو، قاسم عبد العزيز، جمال الجراح، شانت جنجنيان، عماد الحوت، عمار حوري، محمد قباني، فادي الهبر، فادي كرم، فؤاد السعد وكاظم الخير، وعدد من الوزراء والنواب السابقين.

وحضر أيضا، سفراء روسيا، الصين، المملكة العربية السعودية، مصر وتونس، وممثلون عن البعثات الدبلوماسية العربية والدولية والمنظمات والهيئات الاممية وممثلون عن القادة العسكريين والامنيين والنقابات والاحزاب، والجمعيات والروابط والفاعليات السياسية والاقتصادية والثقافية والاعلامية والاهلية ورؤساء بلديات ومخاتير وكهنة ورجال دين وحشد من المدعوين.

وقائع الاحتفال

بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني، تلاه وثائقي يستعرض الاحداث البارزة منذ العام 2005، ثم اعلنت وثيقة لقاء الجمهورية التي تميزت بالمزج بين رأي المواطنين وبنودها الاساسية.

سليمان

والقى الرئيس سليمان كلمة بالمناسبة قال فيها: “منذ العهد الاول للاستقلال، عهد الشيخ بشارة الخوري، وفي البيان الوزاري للحكومة الثالثة عام 1946، قال المغفزر له الرئيس رياض الصلح “انشأنا الدولة وبقي علينا انشاء الوطن”، ومن اعلان دولة لبنان الكبير الى دستور العام 1926 الى استقلال العام 1943 الذي تحصن بالميثاق الوطني، نافست الدولة اللبنانية دويلات ودول، فتصدعت الدولة وانتهكت سيادتها، وتزعزعت اساسات الجمهورية وكاد الوطن ان يستشهد، ولكن الجمهورية لم تسقط. وفي العام 1969 وقع اتفاق القاهرة الاتفاق القاهر للسيادة اللبنانية، وهذا الاتفاق شكل عقدة للمرحوم الرئيس شارل الحلو حتى مماته، هذا الاتفاق قدم لبنان الى الحرب الاهلية التي دامت عدة سنوات، وايضا استهدف بالاعتداءات الاسرائيلية المتعددة وبالاجتياحات في 1978 و1982 ومن ثم باحتلال طويل الامد استمر حتى التحرير الذي تم عام 2000 تحت ضربات المقاومة وهجماتها، لكن دون انتشار الجيش، وظلت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر تحت الاحتلال الى الآن”.

أضاف: “كان اتفاق الطائف الذي هو وثيقة الوفاق الوطني والعقد الاجتماعي الذي اتفق عليه اللبنانيون لينهي الحرب الاهلية التي وقعت، ولكن رفض الاعتراف بالطائف من قبل الحكومة العسكرية الانتقالية ادى عام 1990 الى اجتياح بعبدا واليرزة من قبل الجيش السوري لاسقاط الحكومة والقيام بدور الوصاية، وحصل بعدها نفي شخصيات وسجن البعض الاخر مثل الدكتور سمير جعجع، ثم انتشر الجيش السوري على كافة الاراضي اللبنانية تقريبا، ولم ينفذ اي اعادة انتشار حتى حصول الزلزال الكبير عام 2005 باعتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي جاء بعد اغتيال الرؤساء: رياض الصلح وعائلة فرنجية ورشيد كرامي وبشير الجميل ورينيه معوض وداني شمعون وعائلته وكمال جنبلاط والمفتي الشيخ حسن خالد وشخصيات اخرى، ولكن لم يسقط لبنان، والفضل في ذلك للبنانيين، وبخاصة لدولة الرئيس سعد الحريري الذي هو نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى اثر هذا الاغتيال انسحب الجيش السوري تنفيذا للقرار 1559 وعلى وقع تظاهرات انتفاضة الاستقلال التي عرفت بثورة الارز، وتولى اللبنانيون ادارة شؤونهم بأنفسهم من دون وصاية ظاهرة، كما تولى الجيش مع الاجهزة الامنية مهام حفظ الامن كحام للسلم الاهلي، رغم التشكيك بقدرته ورغم التحذير للجيش من مخاطر الانسحاب السوري، وبرز دور الجيش على انه جيش لبناني، جيش للوطن وللشعب وليس للنظام بخلاف الدول التي حصل فيها اضطرابات، سمح بحرية التعبير التي يكفلها الدستور، والقرار السياسي لا يقدر ولا يحق له ان يمنع حرية التعبير”.

وتابع: “في هذه المناسبة اوجه التحية الى نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل ووزير الداخلية البلديات نهاد المشنوق على الدور الذي يقومان به لحفظ الامن، والجهد الذي بذل لتحرير العسكريين، واوجه التهنئة لعائلاتهم على أمل كبير بتحرير الذين لا يزالون قيد الاعتقال مع المنظمات الاخرى”.

وقال: “بعد اندلاع حرب تموز الحاقدة، انتشر الجيش اللبناني في الجنوب بعد ثلاثة عقود ورفع العلم اللبناني على تلة اللبونة عند الحدود في 2 تشرين الاول 2006، وكانت خطوة اساسية بمسيرة عودة السيادة. بهذه الفترة ساد الاضطراب الامني والشلل في البلاد واستمرت خطة تصفية الشخصيات الوطنية، منذ عشرة ايام سمعنا صوت بيار الجميل يتردد بمطالبته بلبنان، والاسبوع القادم سنسمع قسم جبران تويني يتردد بنبذ الطائفية، ودماء فرانسوا الحاج التي حفظت كرامة لبنان وكرامة الجيش، بالاضافة الى كل الشهداء الذين سقطوا والشهداء الاحياء الذين لا يزالون يناضلون في الحياة السياسية. في ظل هذا الوضع فشلنا للاسف مجددا في العام 2007 بانتخاب رئيس جمهورية، واستمر الشغور ستة اشهر، وانتهى في 7 ايار. ومن ثم جرى انتخاب رئيس في 25 ايار 2008 نتيجة اتفاق الدوحة، بالتأكيد انا انتخبت وكنت اول رئيس ينتخب لتطبيق الطائف من دون وصاية، وهنا التجربة الاساسية التي ادت بنا الى هذا اللقاء، قبل الطائف كانت حرب اهلية وكانت المؤسسات مقسومة وكانت هناك اكثر من حكومة في بعض الفترات، حتى المؤسسات العسكرية كانت مقسومة. لم نتعلم من الدروس السابقة وتجدد الفراغ في 25 ايار عام 2014، ولا زال مستمرا، هذه المحطات التاريخية من المحطات السيادية وما رافقها والتي اضعفت الدولة، لا بد من الحديث عن المحطات التي تلت العام 2005 واقصد بعد الانسحاب السوري وحتى اليوم”.

أضاف: “أنشئت المحكمة الخاصة بلبنان بطلب من الحكومة اللبنانية، وانتشر الجيش في ال2006 بعدما لم يسمح له بالانتشار بعد التحرير عام 2000، مما سبب ضياعا واضرارا على البلد، وزادت قدرة القوى العسكرية والامنية في التصدي للارهاب، ففي نهر البارد عام 2007 كل الدول القوية القريبة والبعيدة لم تقدر على ضرب الارهاب ضربة مميتة، بينما الجيش اللبناني اثبت عن ارادة وعزيمة ومقدار كبير من التضحية اذ اقتلع الارهاب في نهر البارد من اساسه، سبقها الضنية وتلا ذلك حوادث عبرا وعرسال وطرابلس وكشف مخططات الارهاب وخلاياه، وايضا هنا التهنئة للاجهزة العسكرية والامنية والمعلومات على ملاحقتها شبكات التجسس وشبكات الارهاب وتفكيك الخلايا”.

وتابع: “الامر المهم بعد العام 2005 ان لبنان اعيد الى الخارطة الدولية وتكرس حضوره، وحصلت زيارة تاريخية للبابا بينديكتوس السادس عشر الذي شاهد اللبنانيين في حقيقة الصيغة اللبنانية يرحبون به جميعا، من هنا قال ان لبنان هو نموذج، وهذه الشهادة يجب ان نحافظ عليها دائما. وظهر لبنان في المنتديات الاممية والقمم العالمية من فرنكوفونية وعربية وامم متحدة، وكان دائما صوت لبنان هو الصوت الساطع بين الدول العربية في الدفاع عن القضية الفلسطينية والمطالبة بتنفيذ المبادرة العربية. ترافق ايضا مع انتخاب لبنان لعضوية مجلس الامن لعامي 2010 و2011 في الوقت الذي جاءت نصائح دولية لثني لبنان عن القبول بالعضوية حتى لا يعرض نفسه للاحراج، لكن اصرينا على قبول الانتخاب، ونؤدي دورنا بما يمليه عليه ضميرنا ورسالتنا التي تحدث عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني. واغتنم الفرصة لاقول ان البعثة اللبنانية في الامم المتحدة قامت بدور مميز في خلال هذه الفترة، وترأسنا مجلس الامن لمرتين وطرحنا المواضيع المهمة التي تتطابق مع الصيغة اللبنانية. حصل ايضا تبادل ديبلوماسي مع سوريا ولكنه غير كاف، سفيرنا في سوريا ليس مثل سفير سوريا في لبنان، ليس عنده نفس الدور ونفس الاهمية، انا عندما قلت في خطاب القسم بالندية عتب علي الاخوان السوريون ووجدنا انه لا يوجد ندية، سفيرنا في سوريا لم يستطع مقابلة وزير الخارجية السوري بينما نحن نعامل السفير السوري في لبنان وفق علاقة مميزة عن كل السفراء، وهذه ثغرة كبيرة في التبادل الديبلوماسي”.

وقال: “بكل الاحوال صمد لبنان سياسيا وامنيا، ورغم انبلاج فجر الربيع العربي في تونس عام 2010 ووصول هذا الاضطراب الى سوريا، جرى تشويه الربيع العربي بظلامية دامسة وحصل نزوح كبير الى لبنان بلغ نحو مليون ونصف المليون نازح سوري بالاضافة الى 500 الف لاجئ فلسطيني موجودين على الارض اللبنانية. لكن نظامنا الديموقراطي والعقد الاجتماعي المتمثل بوثيقة الطائف حموا لبنان من كل الاهتزازات التي حصلت من حوله، وهذا امر مهم ونقطة قوة نستطيع البناء عليها للمستقبل، لقد اقتنع معظم اللبنانيين بالتوقف عن التضحية بالدماء في سبيل ديموقراطية الاخرين او الدفاع عن انظمة الاخرين، والوضع في لبنان جيد جدا من الناحية الامنية من دون الاختراقات الارهابية التي تحصل في كل دول العالم، ولبنان احاط بهذه الاختراقات، وانا اعرف من الاجهزة الامنية انها تحيط بهذه الاختراقات بشكل كبير. هذه الحقبة ترافقت مع الحوار وهذا امر اساسي، من الحوار في المجلس النيابي الى هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري الذي واكب الاستحقاقات واوصل الى اعلان بعبدا، الذي ليس هو نأي بالنفس انما تحييد لبنان عن صراعات المحاور، وعلى هذا الاعلان قامت مجموعة الدعم الدولية للبنان التي عقدت 5 اجتماعات دولية، 3 منها في الامم المتحدة، ونصت على استقرار لبنان الامني والاقتصادي والسياسي”.

أضاف: “ناقشنا في هيئة الحوار بعد اعلان بعبدا الاستراتجية الوطنية للدفاع، وبنتيجة الاستراتيجيات التي عرضت على الطاولة استخرجنا استراتيجية رفعتها الى الهيئة وقمت بتعميمها اعلاميا، وهي تنص على انه ريثما يتمكن الجيش من الدفاع عن الارض بمفرده نستفيد من قدرات المقاومة لدعم الجيش ضد الاعتداءات الاسرائيلية فقط، والامر ليس مفتوحا، وبأمر من القائد الاعلى للقوات المسلحة وهو رئيس الجمهورية اللبنانية، وهذا الامر صار متاحا مع وصول الهبات المحترمة من الهبة السعودية الى الدعم الاميركي السنوي المتواصل، وهناك القانون البرنامج الذي اقر في حكومة الرئيس ميقاتي وتمت الموافقة عليه مؤخرا في المجلس النيابي، في ظل ذلك ليس ضروريا الانتظار لخمس سنوات، يوم نتمكن من الدفاع يجب ان يبقى السلاح فقط وحصرا بيد الجيش اللبناني. في فترة ولايتي الرئاسية حصلت ازمات دستورية عديدة، ويكفي سنتين تصريف اعمال من دون حكومة، والشغور الحالي، مع تولي حكومة الرئيس سلام صلاحيات رئيس الجمهورية بالانابة وفقا للمادة 62 من الدستور لسنة ونصف السنة، ورغم كل الجهد الذي يبذله رئيس الحكومة تمام سلام الذي نوجه اليه التحية، بالتعاون مع رئيس مجلس النواب، ولكن تعويض صلاحيات رئيس الجمهورية غير متاح كليا، وهذا الامر ادى بنا في اللقاء التشاوري الى رفض بعض القضايا التي تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية والتي لا يمكن استبدالها، مثل قانون الانتخاب الذي بامكان رئيس الجمهورية ان يرده اذا كان عدد الموافقين عليه ليس كبيرا بهدف تأمين عدد مؤيدين اكبر، لانه بنظرنا اي قانون تكويني او طويل المدى يجب ان لا يقر في مجلس النواب من دون وجود رئيس الجمهورية. الآن يتلهون بالمواصفات وكأنه في الديموقراطية، اذا انتخبوا رئيسا وليس لديه مواصفة متوفرة، يطعنون به دستوريا. هذا خطأ كبير، يجب على النواب الذين يمثلون الشعب ان ينزلوا الى المجلس النيابي وينتخبوا رئيسا، وهذا الرئيس ومن اي جهة اتى، لا يمكنه الحكم الا بالتوافق، وعندما يرفع يمينه لاداء القسم امام نواب الامة وممثلي الشعب، هذا القسم بحد ذاته يحرره من التزاماته بالمحاور او من التزاماته الحزبية، وبعبدا من تحت غير بعبدا من فوق، هناك واجب اكبر واهم”.

وقال سليمان: “في فترة التجاذب لم يحم الفاسدون فقط انما افسد بعض الناس بالمهاترات والحقد الشخصي والتربية السياسية الخاطئة، اذا لم تتضمن السياسية تربية وطنية صحيحة “عمرا ما تكون سياسة”. ماذا يقول اب الدستور ميشال شيحا؟ يقول الوطن بحاجة الى مواطنين لديهم قيم سياسية واقتصادية واجتماعية. ليسوا بحاجة ليستفزوا بالعواطف، ازاء هذه المعاناة وهذا الشلل حصل تحرك للمجتمع المدني وللفعاليات الشبابية طالبت بالتغيير ومحاسبة الفاسدين وببناء مؤسسات قوية وتناولت النفايات واهم شيئ انها لم ترفض الشراكة بين المواطنين وهذه نقطة ايجابية”.

واردف: “في ظل الحالة اللبنانية هذه وما يحيط بها من اضطراب في المنطقة والحرب القائمة تداعت شخصيات لبنانية من مواقع وطوائف وقطاعات مختلفة في الداخل والانتشار وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل للاجتماع ولانقاذ الوطن واوجه الشكر الى كل اعضاء اللقاء، عقدنا اكثر من 25 اجتماعا من جمعيات عمومية ولقاءات محصورة وناقشنا كل الافكار وجمعنا كل التطلعات حتى وصلنا الى وثيقة وتحديد اهداف نعمل لاجلها، واشكر كل المؤسسات التي ساعدت في انجاح هذا المؤتمر اليوم. لقد تبين ان لبنان اقوى بكثير مما كان يتصور البعض، نحن تربينا على مقولة انه اذا اهتز الوضع في سوريا الويل للبنان نحن لا نريد الا الخير والاستقرار لسوريا لكن خربت سوريا ولبنان لا زال واقفا على رجليه.

الشباب اللبناني برهن عن جدارة مهمة وهزم اكبر قوة عسكرية في منطقة الشرق الاوسط وتصدى بقوة للارهاب، والشباب اللبناني بنى المغتربات وصار هناك امبراطورية في المغتربات وفي كل الدول التي زرتها كان الكلام عن الفضل للبنانيين في البناء والنهوض، واهم استنتاج هو تمسك اللبنانيين بالعقد الاجتماعي اي بالطائف، واصبح لبنان كما اراده ميشال شيحا وطن الاستحقاق الذي يعطى لمستحقيه، وايضا انشأنا الوطن كما رغب رياض الصلح وكل لبناني متمسك بوطنيته لا بل يزايد بوطنيته على اللبناني الاخر.

المطلوب ترسيخ المواطنة واعادة بناء الدولة القوية عبر الغاء الدويلات من هنا جاء شعار لقاء الجمهورية “الدولة فقط”. هذا يتطلب تحصين الطائف للمحافظة عليه حتى يعيش لفترة اكبر حتى لا نأتي كل عدة سنوات ونقول نريد مؤتمرا تأسيسيا، علينا استكمال تطبيق الدستور وننجز التطويرات على الطائف التي ظهرت بالتجربة خلال السنوات الست وحتى قبلها ما هي الامور التي تحصن الطائف”.

وقال: “ان اعلان بعبدا وتحييد لبنان هو مطلب تاريخي ومنذ عقود الحديث عن حياد لبنان ادرجنا في الاعلان تحييد لبنان ليس عن القضية الفلسطينية ولا عن القضايا العربية السامية انما عن صراعات المحاور. هناك دول مهمة جدا تعتمد الحياد وتعيش افضل منا بكثير. اتفاق القاهرة ادى الى اقتتال بين اللبنانيين وبين الغرباء على ارض لبنان، اتفاق الطائف اوقف هذا الاقتتال واعلان بعبدا كان هدفه منع اقتتال اللبنانيين على ارض الاخرين وبالطبع منع احتراب اللبنانيين على ارض لبنان.

اما الثغرات الدستورية فهي ليست بالصلاحيات، كلما تحدثنا عن الصلاحيات نعود الى اساس المشكل بالطائف ان هذه الطائفة تريد ان تأخذ من تلك الطائفة هذا ليس صحيحا ابدا، نحن يجب تصحيح الثغرات الدستورية التي ظهرت خلال السنوات وخلال ولايتي وخلال الشغور، كيف ننتخب رئيسا والحكومات التي تأخذ اشهرا لتشكل اذا هناك ثغرات وهناك مشروع موجود في مجلس الوزراء، هذه الثغرات اذا صححت يصبح رئيس الدولة هو اقوى سلطة لانه هو الذي يطبق الدستور بتجرد وذلك بقوة الاب للدولة اللبنانية ليس بقوة التسلط على الدولة اللبنانية وعلى المواطنين، ما يساعدنا على تلافي الثغرات هو المجلس الدستوري والطائف اناط بالمجلس الدستوري تفسير الدستور تم اعادتها الى المجلس النيابي، يجب اعادة صلاحية التفسير الى المجلس الدستوري ونعيد تشكيله وتنظيمه والنصاب فيه، هذه خطوة مهمة جدا يجب استكمالها. يجب اعادة النظر بالاتفاقات مع سوريا خاصة بعد التمثيل الديبلوماسي”.

وسأل سليمان: “أليس من المعيب ان يحصل الزواج المدني في قبرص ومن ثم يتم التسجيل في لبنان، يجب الذهاب ابعد من ذلك عبر انجاز قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية ونسمح بالزواج المدني على الارض اللبنانية، وهذه المادة ناقشناها في اللقاء مطولا وخرجنا بتوافق حول هذا الموضوع. ايضا موضوع اللامركزية الادارية والبلديات، حذار عدم اجراء الانتخابات النيابية او تعطيلها، في الانتخابات البلدية الماضية خرجت نغمة بعدم اجراء الانتخابات البلدية اصريت مع الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط على اجرائها وهذه المرة يجب ان تجرى واي تأجيل يعني كاننا نقول لماذا اللامركزية الادارية.

قال شارل ديغول ان الدستور هو روح ومؤسسات وممارسة، مؤسساتنا تحتاج الى اعادة هيكلة وهذا تحدث عنه الرئيس فؤاد شهاب وقال مؤسساتنا لم تعد تصلح للسبعينيات فكيف ونحن صرنا في القرن الحادي والعشرين، لذلك اعادة هيكلة المؤسسات لكي نقضي على كل اشكال الفساد والمحاصصة.
دائما نقول لبنان بجناحيه المقيم والمغترب، لا وثيقة الوفاق الوطني ولا الدستور يأتي على ذكر المغتربين، نحن اطلقنا مشروع مجلس وطني للاغتراب وقطع مراحل كبيرة وشبه منجز وعلق في ابداء الرأي ما بين مجلس الشورى ووزارة الخارجية ويجب احياءه بسرعة مناسبة، المجلس الوطني للاغتراب لحماية اللبنانيين المغتربين، مثلا في افريقيا هناك اقوى جالية لبنانية والاسرائيليين عددهم قليل بينما هم متغلغلون في كل مفاصل الدولة ويحاربون اللبنانيين من يحميهم؟ يحميهم مجلس وطني جدي برئاسة رئيس الجمهورية”.

وقال: “علينا اقرار قانون انتخاب من دون الخوف من عمر ال18 سنة. لا يجوز لان اللبناني المغترب في البرازيل ينتخب بعمر ال16 الى ال18 اختياريا والزاميا من عمر ال18 بينما نحن نبقيه الى عمر ال21 ونعتبره غير عاقل حتى يتمرد وينتفض على الدولة حتى نستجيب له. يجب السماح بتعديل الدستور والسماح بالانتخاب من عمر ال18 سنة والترشيح من عمر ال25.

في آخر جلسة حوار في 5 ايار 2014 وبوجود الرئيس نبيه بري اقرينا المناصفة ودونت بالمحضر، صحيح اننا نطالب بتشكيل هيئة الغاء الطائفية ولكن عندما طرحت كان المناخ مغايرا، اما اليوم اختلف الوضع وصرنا بحاجة الى مشاركة كافة المكونات في ادارة الشؤون السياسية خصوصا بعد الارهاب الذي خلط الاوراق على مستوى العالم ولكن يجب عدم الخوف من تشكيل الهيئة، الامام محمد مهدي شمس الدين اوصى اللبنانيين وخاصة الطائفة الشيعية بان يضعوا الغاء الطائفية السياسية جانبا والذهاب الى الاصلاح السياسي والابقاء على الطوائف ممثلة في الحكومة ومجلس النواب وكل المؤسسات وهذا كلام حكيم. لان المطلوب اشراك الطوائف وليس اشراك الطائفيين وقانون الانتخاب يجب ان يؤمن المناصفة بين الطوائف من دون ايصال الطائفيين وهذا يحتاج الى قانون نسبي وموسع ونذهب الى مجلس الشيوخ ومن يريد الارثوذكسي اهلا وسهلا حيث تمثل العائلات الروحية مناصفة انما المجلس النيابي هو الاساس.

علينا الحرص على تطبيق الديموقراطية والنظام اللبناني ديموقراطي برلماني يجب الاكثرية ان تحكم والاقلية تعارض ليس الان حتى لا يؤدي ذلك الى طغيان طائفة على اخرى وعندما يصبح التمثيل صحيحا بقانون انتخاب صحيح على قاعدة النسبية يصبح هناك اكثرية واقلية مشكلة من كل الطوائف”.

واضاف: “المطلوب استقلالية القضاء، القضاء جيد ولكن الامور لا تسير وهناك تعثر في الاحكام القضائية، يجب الذهاب الى استقلالية القضاء على ان يكون معظم مجلس القضاء الاعلى بالانتخاب واعطائه صلاحيات التشكيلات القضائية بلا توقيع من اي رئيس او وزير. تحدثنا عن المحكمة الجنائية الدولية وضرورة الانضمام اليها لان السمك الكبير يأكل السمك الصغير، ما الذي يحمينا من الاطماع لا سيما اسرائيل لذلك يجب توقيع اتفاقيات المحكمة.

الهم الان هو النازحون السوريون، الحل يكون بالسياسة، والاوراق للحل السياسي صارت على الطاولة وهناك نقاش جدي للحل في سوريا، يجب ان نكون على الطاولة ولا نقبل الا بادخال النقاط التي تصب في مصلحة لبنان وهي ترسيم الحدود ونشر بوليس دولي لمراقبة هذا الترسيم والله يرحمك يا ريمون ادة وخطة سريعة لاعادة النازحين وقرار بتمويل الصندوق الائتماني الذي اقرته مجموعة الدعم الدولية للبنان والتي قالت ان خسائر لبنان الى الان حوالى 10 مليار دولار جراء الازمة السورية، يجب ان تصر ديبلوماسيتنا وحكومتنا ورئيسنا المقبل على النقاط الاربعة في اي حل سياسي في سوريا.

الوضع الاقتصادي صعب وهناك 37% بطالة الان والبطالة المقنعة 50% وهذا مخيف وصرخة الناس والهيئات الاقتصادية تصاعدت بقوة والسبب يعود الى الوضع القائم، ولكن ايضا لان السياسة في لبنان لم توضع في خدمة الاقتصاد انما وضع الاقتصاد في خدمة السياسة والسياسيين. وايضا يجب وقف الاستدانة وجدولة الدين العام، هناك خطط موضوعة وقرارات وكل وزير يأتي يقوم بخطة جديدة من دون انجاز شيئ. هناك استمرارية في الحكم وهناك وسيط الجمهورية وضمان الشيخوخة والتعليم العالي والصحة والسياسة الشبابية، كلها خطط موضوعة المطلوب تنفيذها.

هذه امور يستحقها اللبنانيون والوطن اللبناني الذي اصبح في ظل العولمة وطن النموذج والمثال والمشاركة.
يجب تفعيل عمل المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي لم ينجز شيئا في موضوع الاجور وسلسلة الرتب والرواتب، ويجب اعادة هيكلة الوزارات حتى يؤمن مع القطاع الخاص التكامل بين القطاعين بما يمنع الفساد والهدر”.

وتابع: “السؤال الذي يطرح كيف ننجز ذلك؟ نحن في لقاء الجمهورية نعمل على تعزيز الحوار والمشاركة في القرار السياسي، من خلق مجموعات ضغط وورش عمل وزيارات ومراقبة عمل السلطة ومواكبتها والاتصال بالهيئات الدولية والديبلوماسية حتى نستطيع المطالبة بهذه الامور لتعزيز مصلحة لبنان واللبنانيين وتعزيز الدولة اللبنانية.

اليوم نعلن الوثيقة وستصدر تعاميم تباعا لكي يعرف الناس كيف تشارك وتساهم في العمل.

السؤال الاخر هل ينقصنا احزابا؟ ولماذا لم تنجز ما تطالب به خلال الرئاسة؟ هم على حق، ينقصنا احزابا تعمل بهذا الشكل، وسنحاول ان نكون في المكان الذي سنكون واذا تحقق قسم من هذه الاهداف لا لزوم لحزب انما عمل سياسي بعدة اوجه وطرق والهدف الاساسي تجربتي وطاقات وتجارب المجتمعين في اللقاء من المجتمع المدني والسياسي ايضا هي مهمة لبناء هذا الموقف، سنكون في المكان الذي يجب ان نكون، لا اهداف شخصية وخاصة لي انا، المهم مصلحة لبنان والدولة اللبنانية لبناء الدولة القوية.

حاولت وضع مسيرة الاصلاح خلال ولايتي وقد وضعت جزءا اساسيا ولم نقدر ان نصل وهناك مشاريع حاضرة في مجلس الوزراء واما مرفوعة الى المجلس النيابي وقيد المناقشة، على الحكم الجديد والقيادة الجديدة التي سندعمها ان تكمل في مسيرة الاصلاح كما يقول الدستور اي ان السلطة تقوم على التوازن وفصل السلطات والتعاون والمشكلة ان لا تعاون في لبنان، علينا عدم اعابة المشاريع الجيدة للخصم السياسي لان ذلك خطأ كبيرا.
انا كرئيس جمهورية اقسمت اليمين على الدستور انتهت ولايتي ولم ينته القسم وهو يرافقني مدى الحياة وسأستمر ابدي مواقفي بشجاعة وصراحة واعتدال، المهم ان يستفيد الوطن”.

وختم سليمان: “انا وانتم نؤمن بلبنان وثبت الايمان في هذه الفترة والايام القادمة جميلة على كل المستويات، تعالوا لنضع ايدينا بأيدي بعض ونقتحم سويا عملية الاصلاح في لبنان وكما احببنا لبنان يحب ابناءنا واحفادنا هذا الوطن ليبقوا فيه. ربما الكلام سهل ولكن يجب ان نستمر بالكلام واذا مات الكلام مات الحق وهذا لا يجوز.
اشكر الجميع على الحضور واتمنى للبنانيين ميلادا مجيدا وسنة جديدة مع رئيس جديد وهذا هو الاهم”.

نص الوثيقة

وتنص الوثيقة الوطنية للقاء الجمهورية على الآتي: “في الاول من شهر ايلول سنة 1920 تم الاعلان عن ولادة لبنان الكبير بحدوده المعترف بها دوليا، وهي الحدود التي صادقت عليها عصبة الامم ومن بعدها الامم المتحدة، والتي تكرست في المادة الاولى من الدستور اللبناني، الذي اعلن سنة 1926 والذي يعتبر من اقدم الدساتير في المنطقة، خصوصا انه نشأ على مبادئ النظام البرلماني القائم على الفصل والتعاون والتوازن بين السلطات.

سنة 1943، اعلن استقلال لبنان وتم التوافق على الميثاق الوطني، بهدف تحصين الممارسة الدستورية من خلال المشاركة والانسجام بين النظام البرلماني والتوازن الطائفي. هذا الميثاق الذي اكد ان لبنان لن يكون لا مقرا ولا ممرا للشرق او للغرب، اعطاه دورا مميزا على صعيد السياسة الخارجية، واتاح له المشاركة في تأسيس هيئة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية.

بعد توقيع اتفاق القاهرة عام 1969، الذي تعارض مع سيادة لبنان وتسبب باندلاع الحرب الاهلية، تحول الجنوب اللبناني الى ساحة اشتباك مفتوحة مع العدو الاسرائيلي، ادت الى غزوه للبنان عام 1982 واحتلال جزء من اراضيه دام حتى تحريره عام 2000، بفعل عمليات المقاومة، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

في 22 ايلول 1988، وبسبب تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تولت حكومة عسكرية ادارة شؤون البلاد. وفي ظل انسداد الافق ووجود حكومتين، استعرت الحرب الاهلية وتجددت الاشتباكات الدموية حتى اسقطت الحكومة الانتقالية بعملية عسكرية نفذها الجيش السوري صباح 13 تشرين الاول 1990 (الموجود في عدة مناطق منذ العام 1976 تحت ذرائع متعددة)، قبل ان يوسع انتشاره في المناطق كافة. وبتاريخ 22 ايار 1991، تم التوقيع على “معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية”، تلتها اتفاقات اخرى متعددة.

في 21 ايلول 1990 اقر المجلس النيابي التعديلات الدستورية المنبثقة من وثيقة الوفاق الوطني، التي طورت العقد الاجتماعي (اتفاق الطائف – 22 تشرين الاول 1989)، وحدت من صلاحيات رئيس الجمهورية واكدت المناصفة في التمثيل النيابي بصورة مرحلية وصيغة العيش المشترك واعتبار الشعب مصدر السلطات. كما نص الدستور على تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، وصولا الى انشاء مجلس شيوخ يمثل العائلات الروحية بصورة متوازية مع انتخاب اول مجلس نيابي لا طائفي. وفي ظل الوصاية السورية، اقرت قوانين انتخابية متعددة، لم تعد تصلح لتكوين مجالس نيابية تراعي صحة التمثيل وتؤمن المناصفة الفعلية.

في 14 شباط 2005، وعلى اثر اغتيال دولة الرئيس رفيق الحريري، انطلقت تظاهرات حاشدة في ساحات بيروت ثم استقالت الحكومة. وقتذاك، برز الدور المميز للجيش اللبناني في الحفاظ على حرية التعبير وامن ساحتي 8 و14 آذار المتعارضتين، خلافا للقرار السياسي، مبرهنا ان الجيش في لبنان هو جيش الشعب وليس جيش النظام. وتنفيذا للقرار الدولي 1559 وانتفاضة الاستقلال، انسحب الجيش السوري من لبنان بتاريخ 26 نيسان 2005.

وفي شهر اب من العام 2006، انتشر الجيش اللبناني في الجنوب بعد انتهاء حرب تموز تطبيقا للقرار الدولي 1701، باسطا سيادة الدولة على كامل أراضيها بعد ثلاثة عقود من غيابها.

ادارت الدولة اللبنانية شؤون البلاد من دون وصاية خارجية، وتولت المؤسسات العسكرية حفظ الامن على كامل اراضيها. كما شهدت البلاد اضطرابات امنية رافقها اعتصام “ساحة رياض الصلح” وتعثر عمل مجلسي الوزراء والبرلمان، مما ادى الى فراغ رئاسي دام نحو 6 أشهر انهاه اتفاق الدوحة الذي انعقد بعد احداث 7 ايار 2008.
في 25 ايار 2008، انتخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية وقبض على ازمة الحكم وفقا للمادة 50 من الدستور كأول رئيس بعد اتفاق الطائف ومن دون وصاية خارجية. وعلى الرغم من الازمات السياسية، شهدت ولايته الرئاسية انجازات عدة وتميزت باعتماد نهج الحوار بين مختلف القوى السياسية.

بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان ليل 24 ايار من العام 2014 وعلى وقع الانقسام السياسي الحاد وانخراط اللبنانيين في صراعات المحاور، تجدد الفراغ الرئاسي في لبنان وتسلمت حكومة المصلحة الوطنية، صلاحيات رئيس الجمهورية منوطة وكالة بمجلس الوزراء وفقا للمادة 62 من الدستور”.

محطات هامة بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005

– صدور قرار عن مجلس الامن الدولي بإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان واحالة جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري امامها، وصدور القرار الظني الذي رفضت بعض الاطراف الاعتراف به.
– انتشار 10000 جندي من القوات الدولية في جنوب لبنان بصورة متوازية مع انتشار 15000 جندي لبناني، الامر الذي تعذر حصوله بعد تحرير الجنوب في 25 ايار سنة 2000، للدفاع عن الحدود والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية وكشف شبكات التجسس.
– انتصار الجيش اللبناني على الارهاب في “نهر البارد” سنة 2007 بعد الحاقه الهزيمة بمجموعة الضنية الارهابية عام 2000 والقضاء على كامل افرادها، كما عاد واثبت قدرته مجددا على مكافحة الارهاب واحباط المخططات الاجرامية في عبرا وعرسال وطرابلس بالتعاون مع كل الاجهزة الامنية التي تؤدي دورا بارزا في هذا المجال.
– استعادة لبنان لحضوره الدولي من خلال انتخابه عضوا غير دائم في مجلس الامن الدولي، الذي ترأسه مرتين خلال العامين 2010 و2011، وبالتالي شارك لبنان بصورة فاعلة في القمم واللقاءات العربية والاقليمية والدولية معززا علاقاته الدبلوماسية، اضافة الى اقرار التبادل الدبلوماسي مع سوريا في العام 2008.
– بدء الثورات ثم الحروب في العالم العربي مع نهاية العام 2010، وخصوصا في سوريا حيث نزح عدد كبير من مواطنيها الى لبنان، الذي بات يرزح تحت وطأة مليوني شخص من غير اللبنانيين. وبالرغم من الازمة الديموغرافية، الاقتصادية والحياتية التي انتجها هذا النزوح، حافظ لبنان على استقرار امني لا يزال مقبولا نسبيا.
– استمرار جلسات الحوار الوطني في قصر بعبدا بين القيادات اللبنانية كافة، ابرز ما نتج منها اقرار “اعلان بعبدا” بالاجماع، وقد اعترفت به الامم المتحدة والمجموعة الاوروبية وجامعة الدول العربية. كما ادى نهج الحوار الى استكمال مصالحات قرى الجبل التي توجت بعودة اهالي بريح.- انشاء مجموعة الدعم الدولية للبنان ISG بتاريخ 25 ايلول 2013 في نيويورك تأسيسا على بنود “اعلان بعبدا” واقرت خلاصات بشأن لبنان اكدت الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، واعادت تأكيد مقرراتها ثلاث مرات في باريس ونيويورك، كان اخرها في مجلس الامن بتاريخ 18 تشرين الثاني 2015.
– رفع تصور حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع الى هيئة الحوار الوطني، مبني على الاستفادة من قدرات المقاومة لدعم الجيش اللبناني في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية، وذلك بناء على قرار القائد الاعلى للقوات المسلحة، الى حين تسليح الجيش وحصر السلاح بيده.- تجهيز الجيش اللبناني والقوى الامنية وتسليحها وفق قانون برنامج اقر في مجلس النواب وعبر هبات متعددة واستثنائية منحتها الدول الصديقة، تجاوز مجموعها عتبة الخمسة مليارات دولار لمدة 5 سنوات.- نشوء ازمات دستورية وتعثر الاداء الحكومي بسبب تصريف اعمال الحكومات المستقيلة لمدة 24 شهرا (720 يوما)، مما شكل خللا في ممارسة السلطة التنفيذية، اضافة الى انقضاء سنة ونصف سنة على الشغور الرئاسي (حتى تاريخه) منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وهو ما يحصل للمرة الاولى في تاريخ لبنان.- بروز الحراك المدني بالتزامن مع الفراغ والتعطيل والشلل، كقوة شبابية تغييرية جديدة عابرة للطوائف، تطالب بالمحاسبة والمشاركة وتداول السلطة ومحاربة الفساد وتحصين الحياة الوطنية وبناء مؤسسات قوية قادرة على حماية الوطن والمواطن.

امام كل هذه التحديات، تداعت شخصيات لبنانية مؤيدة لـ”إعلان بعبدا”، الى اللقاء والتشاور تحت شعار “لقاء الجمهورية” من اجل المساهمة في انقاذ الوضع والبحث عن السبل الايلة الى تعزيز حضور الدولة وسيادتها وتكريس الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي في لبنان.

الرؤية والتطلعات الوطنية

برغم كل الاهتزازات الامنية والسياسية ومسلسلات التعطيل المستمرة للمؤسسات الدستورية، تميز لبنان بمناعة تجاه الاحداث والتفاعلات المحيطة به، ليجد اللبنانيون انفسهم محصنين الى حد كبير مقارنة مع ما شهدته دول الجوار من ثورات مرفقة بانهيارات تامة للانظمة، وهذا بفضل وعي اللبنانيين والتزامهم العقد الإجتماعي، مع الاعتراف بالحاجة الملحة الى تحصينه وتطويره عبر معالجة الثغرات الدستورية، دون اللجوء الى مؤتمرات تأسيسية كل فترة من الزمن.

بناء على كل ما تقدم، وفي زمن العولمة، يعتبر “لقاء الجمهورية” انه لا بد من التمسك بنظام الشراكة لدى ممارسة الشأن العام بين المكونات كافة، لما يمثله من قيمة حضارية في ادارة التنوع وترسيخ اسس الحياة الوطنية المشتركة واحترام الاختلاف وحل النزاعات بطرق سلمية اساسها الحوار. كما يشدد على احترام الحريات العامة وحقوق الانسان وتوطيد مقومات العدالة الاجتماعية، بما يضمن تعزيز امان المجتمع وازدهاره.

أهداف لقاء الجمهورية

تعزيز اسس الجمهورية اللبنانية عن طريق تحصين وثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيق الدستور وفقا لما يلي:

1 – تحصين وثيقة الوفاق الوطني (إتفاق الطائف)
أ – تطبيق “إعلان بعبدا” (اعتماد نهج الحوار وتحييد لبنان عن صراعات المحاور وتجنيبه انعكاساتها السلبية).
ب -إيجاد حلول للاشكاليات والثغرات الدستورية، لتأمين انتظام عمل المؤسسات على قاعدة توازن السلطات وتداولها، والحرص على مبدأ الفصل بين السلطات، وبين النيابة والوزارة وتلافي الشغور في المؤسسات الدستورية.
ج – إعادة صلاحية تفسير الدستور إلى المجلس الدستوري وفقا لاتفاق الطائف، وتعديل قانون تنظيمه وأصول العمل فيه وكيفية تشكيله وتعيين أعضائه.
د – تعديل الاتفاقات مع سوريا بما يتوافق مع وثيقة الوفاق الوطني، في إطار سيادة البلدين واستقلالهما.
ه – تدعيم أسس الدولة المدنية لتعزيز المواطنة، وضمان المساواة وحرية المعتقد، وإقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية والسماح بعقد الزواج المدني على الأراضي اللبنانية.
و – إقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة لتعزيز الديموقراطية والمشاركة والمراقبة والمحاسبة والاتصال بين الدولة والمواطن، وتفعيل دور الشباب في الحياة السياسية.
ز – إصلاح الإدارة وتحديثها، وتعيين “وسيط الجمهورية”، وإعادة هيكلة المؤسسات، واعتماد قواعد الحوكمة الرشيدة ومعايير الكفاءة لوضع حد للمحاصصة وتأمين الشفافية للقضاء على الفساد.
ح – إنشاء مجلس وطني للاغتراب يمتِّن تواصل المنتشرين مع الوطن الأم ويمكِّن ارتباطهم بقضاياه، كما يسهر على رعايتهم وحماية مصالحهم وعلاقاتهم مع دول الانتشار شعوبا وحكومات عبر إحياء البرامج التنموية.

2 – استكمال تطبيق الدستور
أ – إقرار قانون انتخاب يعتمد النسبية، ويحافظ على المناصفة وصيغة العيش المشترك، ويعزز مشاركة المرأة والشباب من عمر 18 سنة واللبنانيين المنتشرين، ويؤكد حق الترشح لمن شطب طائفته عن الهوية.
ب – العمل على اعتماد حد أدنى لتمثيل كلا الجنسين في المؤسسات الدستورية والعامة التزاما بمبدأ المساواة بين المواطنين.
ج – تشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ وفقا للمادتين 22 و95 من الدستور.
د – تحقيق استقلالية السلطة القضائية من خلال تعزيز مبدأ الانتخاب لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وإيلائه صلاحية التشكيلات وإعادة النظر بوظائف المحاكم الاستثنائية.
ه – توقيع اتفاقية روما المتعلقة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية انسجاما مع مواقف لبنان المبدئية لجهة الالتزام بمواثيق منظمة الأمم المتحدة وفقا للفقرة (ب) من مقدمة الدستور.
و – الضغط لإعادة النازحين إلى المناطق الآمنة في بلدانهم، وتضمين أي حل سياسي لقضايا المنطقة “خارطة طريق لاستكمال العودة الفورية” برعاية المجتمع الدولي، التزاما بالفقرة (ط) من مقدمة الدستور، التي تمنع التوطين كما التجزئة والتقسيم.
ز – اعتماد مبدأ السياسة في خدمة الاقتصاد لتحقيق الإنماء المتوازن والمستدام عملا بالفقرة (ز) من مقدمة الدستور عبر الخطوات التالية:

1) طرح رؤية إصلاحية تنموية تخفض الدين العام وتشجع الاستثمار، وترتكز على اقتصاد المعرفة والتطور التكنولوجي والكفاءات، وتكافح البطالة وتعتمد “وثيقة السياسة الشبابية” للحد من الهجرة.
2) تفعيل دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وإشراك القطاعات المعنية (لبنان والانتشار) في صياغة السياسة الاقتصادية والاجتماعية.
3) التزام مبدأ “الاستمرارية في الحكم” عبر تطبيق الخطط الموضوعة، بخاصة المتعلقة بالتربية والتعليم العالي والنقل العام والبيئة والتطوير الزراعي والسياحي وإنماء الأرياف.
4) وضع خطة لاستثمار الثروات النفطية والمائية ومصادر الطاقة البديلة وفق معايير الحوكمة الرشيدة، تحت إشراف إدارة مستقلة ومستدامة بعيدا عن التدخلات السياسية.
5) تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، وتنفيذ القوانين والبرامج المقررة، ولاسيما بشأن ضمان الشيخوخة والعناية الصحية ومساعدة العائلات الأكثر فقرا.
6) إعادة هيكلة الوزارات والمجالس والصناديق بهدف تكاملها والتنسيق في ما بينها وتأمين الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

اسلوب العمل

– اتخاذ الخطوات اللازمة للتمكن من المشاركة والتأثير في القرار السياسي.
– التواصل والحوار مع المجتمع المدني والانتشار اللبناني والمرجعيات المحلية والدولية والدبلوماسية.
– تشكيل فرق عمل وتنظيم مؤتمرات وورش متخصصة لاقتراح مشاريع القوانين والبرامج والخطط واعداد اوراق العمل ووضعها بتصرف السلطات المعنية.
– مواكبة عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية والادارات ومراقبة اقرار القوانين والمراسيم والخطط وتنفيذها، والتأكيد على مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحريك ملفات الهدر والفساد.
– خلق مجموعات ضغط للمطالبة والدفاع عن مصالح لبنان واللبنانيين.

من اجل تحقيق الاهداف المحددة، بوشر التحضير لاطلاق انشطة اللقاء، الذي يرحب بأي مشاركة او انضمام الى ورش العمل فيه او المساهمة في اعماله.

التعليقات مغلقة.