الاستفادة من برج البراجنة

المسدس الروسي الجديد المتداول في السوق اللبنانية

أرخى الإنفجاران المتتاليان الأخيران في برج البراجنة، اللذان خلّفا 48 قتيلاً بثقلهما على البلد، وأشعلا المخاوف من اعتداءات إضافية، لكن هذا الحادث الدموي كانت له منافع مالية على التجّار العاملين في السوق السوداء.

ارتفعت أسعار الأسلحة التي تتراوح بين البنادق الروسية العادية من طراز AK-47 إلى قاذفات الـRPG والرشاشات الخفيفة من طراز PKC، في أعقاب التفجيرات بنسبة 20%، مع قيام الناس القلقين بتسليح أنفسهم توقّعاً للمزيد من العنف. وأنهى هذا الارتفاع عاماً من الإنخفاض المستمر في أسعار الأسلحة في السوق السوداء بعد أن بلغت درجتها القصوى في صيف 2014. قبل تفجيري برج البراجنة، انخفضت الأسعار الى المستويات نفسها التي كانت عليها في أوائل عام 2011 قبل بدء الحرب في سوريا.

“الجميع عاد لشراء الأسلحة. أنا أكافح لأبقى على مستوى الطلب”، قال أحد تجار الأسلحة من الضاحية الجنوبية لبيروت الذي تحدّث مشترطاً عدم ذكر اسمه.

كانت تنتشر حول غرفة جلوسه، قطع من الأسلحة التي يتاجر بها – بندقية FN FAL 7.62 mm(تساوي 900$)، إلى جانبها تجد سلاحاً من طراز AK-47s(1700$ الذي يمكن توظيبه و1200$ الذي يتم تثبيته). يقوم زبونٌ بتفحّص بندقية هجومية M4 وتبدو عليه علامات الخبرة وهو يناقش الأسعار مع التاجر. وتُعتبر بندقية M4 من أكثر الأسلحة المطلوبة في لبنان، حتى لو كان سعرها يصل إلى 8000$. وإذا كان موصولاً بها مُطلق قنابل قابلة للفصل M203، توقّع أن تدفع المبلغ مضاعفاً.

تُوفِّر السوق السوداء للأسلحة مؤشراً للمزاج العام في لبنان حيث ترتفع وتنخفض الأسعار وفقاً للمناخ الأمني السائد. فالعديد من مشتري الأسلحة لا يشترون لمرة واحدة، بل يتعاملون مع الأسلحة وكأنها بضاعة تُباع وتُشرى وفقاً للزيادة والنقصان في الأسعار تماماً مثل الأسهم في سوق البورصة.

شهدت بداية الحرب في سوريا ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأسلحة، بما أنّ الطلب عليها ارتفع من قبل مجموعات الثوّار عبر الحدود في أواخر عام 2011 وأوائل عام 2012.

وفي آذار 2011، الشهر الذي بدأت فيه الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد، كان سعر البندقية الروسية الجيدة النوعية من طراز AK-47 (مثل “صاروخ” المسماة على اسم المثلّث الممهور على المعدن) يصل إلى 1100$. وبعد عام، تضاعف سعرها ليصل إلى 2200$. وبما أنه تمّ ايجاد وسائل بديلة للحصول على أسلحة في سوريا، استقر الطلب على الأسلحة المتوفرة بشكل عام (مثل الأر.بي.جي-7 وبنادق AK-47) أو انخفض، في حين استمرّت أنظمة أسلحة أخرى غير شائعة في سوريا (مثل تلك المصنوعة في الولايات المتحدة) بالارتفاع تدريجياً.

اليوم، تجلب قاذفة الأر.بي.جي-7 سعر 1000$، والقنبلة 150$. وفي حين أنّ أسعار القاذفات والقنابل تصاعدت منذ تفجيرات برج البراجنة، كانت لا تزال أقل من قيمتها في أيلول 2014 إذ بلغت على التوالي 1300$ و300$.

ومن بين الأسلحة الأخرى التي يوجد عليها طلب كبير نذكر الـAKS 74U، المعروفة باسم “رشّاش بن لادن” حيث التُقطت لزعيم القاعدة سابقاً صورة يظهر فيها هذا السلاح.

يساوي رشاش AKS 74U مبلغ 5500$ اليوم، ليكون سعره انخفض 1000 إلى 1500 دولار عن أعلى مستوياته قبل عام. أما سعر بندقية القنص نصف الأوتوماتيكية من طراز SVD Dragunov فيبلغ 3500$ في حين يتوفّر السلاح الرشاش الثقيل من طرازDShK (دوشكا) 12.7mm بسعر 7000$.

هذا ودخلت أسلحة جديدة السوق اللبنانية السوداء من مصادر خارجية، مع بيع وشراء الأسلحة والذخائر نفسها عدة مرات. غير أنّ الحرب في سوريا وفرّت فرصة لظهور نظامي أسلحة جديدين على الأقل. في أوائل عام 2014، بدأت قاذفة القنابل المنفصلة GP-30 40mm الخاصة ببندقية AK-47 بالانتشار في السوق السوداء بعد أن هرّبها مقاتلو حزب الله الذين يخدمون في سوريا.

وحدها وحدات النخبة في الجيش السوري، مثل القسم المدرّع الرابع والحرس الجمهوري، حصلت على قاذفات GP-30. كان يتم شراء القاذفات من جنود أفراد ومن ثم تُباع في السوق السوداء في لبنان حيث يصل سعرها الى 7000$، أي أكثر بأربع مرات من سعر السلاح الذي يُستخدم معه. فكل قنبلة 40mm، سواء أكانت العادية من طراز VOG-25 أو VOG-25P الوثابة (التي عندما تصل الى الأرض تقفز قرابة المتر في الهواء قبل أن تنفجر)، تساوي 40$.

يحظّر حزب الله على مقاتليه تهريب الأسلحة والمواد من المعارك السورية الى لبنان، ولكن أسعارها المرتفعة تُعتبر مغرية لكي تزيد من دخل الفرد.

مؤخراً، وصل مسدس جديد الى السوق اللبنانية من سوريا، هو المسدس الأوتوماتيكي الروسي MP-446 Viking 9mm، قدرته 18 طلقة. بدأ السلاح بالظهور بعد فترة قصيرة على التدخل العسكري الروسي في سوريا في أول أيلول. ولم يتضّح إذا ما كان المسدس هو من ضمن شحنات الأسلحة الروسية الى نظام الأسد، التي وصلت منها مواد الى السوق السوداء، أم أن هناك مصدرا آخر. مع ذلك، يصل سعر المسدس، المعروف بصلابته وفعاليته الى 2200$.

نيكولا بلانفورد

التعليقات مغلقة.